الرأي

ماذا لو جفّ‮ ‬الضّرع؟

رشيد ولد بوسيافة
  • 3050
  • 12

رغم سياسة الحكومة في‮ ‬صرف الملايير من ريع البترول لشراء السلم الاجتماعي،‮ ‬عبر برامج السكن والتشغيل والرعاية الاجتماعية،‮ ‬إلاّ‮ ‬أنّ‮ ‬البلد لا‮ ‬يزال على صفيح ساخن ولا‮ ‬يزال مشهد الاحتجاجات والإضرابات متواصلا إلى درجة أن الخبراء‮ ‬يحصون أكثر من‮ ‬12‮ ‬ألف احتجاج في‮ ‬السنة على المستوى الوطني‮.‬

ماذا لو جف الضرع واستمرت أسعار الدولار في‮ ‬الانهيار،‮ ‬ووصلت إلى درجة لا‮ ‬يمكن معها الاستمرار في‮ ‬وأد الاحتجاجات بـ”الحقن التنموية”؟ ماذا‮ ‬يحدث لو أصبحت الدولة عاجزة حتى عن دفع رواتب الموظفين في‮ ‬القطاع العام،‮ ‬علما أن كتلة الأجور هي‮ ‬الأخرى تضاعفت تبعا للقرارات المتخذة من قبل الحكومة لمواجهة الإضرابات القطاعية‮.‬

كانت الفرصة كبيرة لتحويل الثروة التي‮ ‬جنتها الجزائر جراء ارتفاع أسعار البترول،‮ ‬لتحويل الجزائر إلى بلد منتج للسلع والخدمات بكل أنواعها،‮ ‬لكن عوض ذلك كان كل تفكير القائمين على شؤون البلاد في‮ ‬صرف مئات الملايير من الدّولارات بطريقة تُجنبها‮ ‬غضب الجبهة الاجتماعية‮. ‬وهو هاجس حول الدولة إلى جمعية خيرية كبيرة توزع القفة في‮ ‬رمضان،‮ ‬وتعطي‮ ‬منحة التّمدرس في‮ ‬بداية الدخول المدرسي،‮ ‬وتفتح المطاعم لعابري‮ ‬السبيل في‮ ‬رمضان،‮ ‬وتعطي‮ ‬القروض للشباب دون إلزامهم بإعادتها،‮ ‬وتقيم الولائم في‮ ‬المناسبات الدينية والوطنية،‮ ‬وغيرها من الأنشطة‮.‬

وحتى مشاريع البنية التحتية التي‮ ‬كان‮ ‬يفترض أن تساهم في‮ ‬دفع عجلة التنمية،‮ ‬تحوّلت إلى فضائح كبيرة بعد أن طالها الفساد،‮ ‬واستخدمها‮ “‬سراق‮” ‬المال العام لتضخيم ثروتهم على حساب مستقبل الشعب الذي‮ ‬سيدفع ثمن ما حدث خلال عشرية من الزمن تم تبديد ألف مليار فيها من دون أن تتغير حال الجزائر‮.‬

يتحدث البعض عن الإنجازات ويضرب مثالا بالمدارس والجامعات والطّرق وغيرها،‮ ‬ولا‮ ‬يتردد هؤلاء في‮ ‬الافتخار بها،‮ ‬وكأنها أنجزت بجهد منا وليس بأموال البترول الذي‮ ‬وهبه الله لنا من دون أن نفلح في‮ ‬استغلاله بالشكل الذي‮ ‬يجب‮.‬

لا‮ ‬يحق لأحد،‮ ‬سواء كان مسؤولا أم محللا،‮ ‬أن‮ ‬يتحدث عن إنجازات اقتصادية في‮ ‬ظل هذا الوضع المتردي‮.. ‬وهل‮ ‬يوجد اقتصاد في‮ ‬بلد لا توجد فيه بورصة،‮ ‬ولا توجد فيه قواعد واضحة للاستثمار وطال الفساد فيه حتى الشركات العملاقة المعروفة التي‮ ‬دخلت في‮ ‬ممارسات مشبوهة في‮ ‬الجزائر لا‮ ‬يمكن أن تقوم بها في‮ ‬بلدان أخرى‮.  ‬

البلد على حافة الهاوية،‮ ‬ولا‮ ‬يمكن للتصريحات المتفائلة أن تغطي‮ ‬على هذه الحقيقة،‮ ‬وإذا جف الضرع فستكون البلدان الفقيرة في‮ ‬أدغال إفريقيا أحسن حالا منا‮.‬

مقالات ذات صلة