ماذا لو جفّ الضّرع؟
رغم سياسة الحكومة في صرف الملايير من ريع البترول لشراء السلم الاجتماعي، عبر برامج السكن والتشغيل والرعاية الاجتماعية، إلاّ أنّ البلد لا يزال على صفيح ساخن ولا يزال مشهد الاحتجاجات والإضرابات متواصلا إلى درجة أن الخبراء يحصون أكثر من 12 ألف احتجاج في السنة على المستوى الوطني.
ماذا لو جف الضرع واستمرت أسعار الدولار في الانهيار، ووصلت إلى درجة لا يمكن معها الاستمرار في وأد الاحتجاجات بـ”الحقن التنموية”؟ ماذا يحدث لو أصبحت الدولة عاجزة حتى عن دفع رواتب الموظفين في القطاع العام، علما أن كتلة الأجور هي الأخرى تضاعفت تبعا للقرارات المتخذة من قبل الحكومة لمواجهة الإضرابات القطاعية.
كانت الفرصة كبيرة لتحويل الثروة التي جنتها الجزائر جراء ارتفاع أسعار البترول، لتحويل الجزائر إلى بلد منتج للسلع والخدمات بكل أنواعها، لكن عوض ذلك كان كل تفكير القائمين على شؤون البلاد في صرف مئات الملايير من الدّولارات بطريقة تُجنبها غضب الجبهة الاجتماعية. وهو هاجس حول الدولة إلى جمعية خيرية كبيرة توزع القفة في رمضان، وتعطي منحة التّمدرس في بداية الدخول المدرسي، وتفتح المطاعم لعابري السبيل في رمضان، وتعطي القروض للشباب دون إلزامهم بإعادتها، وتقيم الولائم في المناسبات الدينية والوطنية، وغيرها من الأنشطة.
وحتى مشاريع البنية التحتية التي كان يفترض أن تساهم في دفع عجلة التنمية، تحوّلت إلى فضائح كبيرة بعد أن طالها الفساد، واستخدمها “سراق” المال العام لتضخيم ثروتهم على حساب مستقبل الشعب الذي سيدفع ثمن ما حدث خلال عشرية من الزمن تم تبديد ألف مليار فيها من دون أن تتغير حال الجزائر.
يتحدث البعض عن الإنجازات ويضرب مثالا بالمدارس والجامعات والطّرق وغيرها، ولا يتردد هؤلاء في الافتخار بها، وكأنها أنجزت بجهد منا وليس بأموال البترول الذي وهبه الله لنا من دون أن نفلح في استغلاله بالشكل الذي يجب.
لا يحق لأحد، سواء كان مسؤولا أم محللا، أن يتحدث عن إنجازات اقتصادية في ظل هذا الوضع المتردي.. وهل يوجد اقتصاد في بلد لا توجد فيه بورصة، ولا توجد فيه قواعد واضحة للاستثمار وطال الفساد فيه حتى الشركات العملاقة المعروفة التي دخلت في ممارسات مشبوهة في الجزائر لا يمكن أن تقوم بها في بلدان أخرى.
البلد على حافة الهاوية، ولا يمكن للتصريحات المتفائلة أن تغطي على هذه الحقيقة، وإذا جف الضرع فستكون البلدان الفقيرة في أدغال إفريقيا أحسن حالا منا.