-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ماذا نريد؟ وماذا يُراد لنا؟

ماذا نريد؟ وماذا يُراد لنا؟

أي أرض تقلك؟ وأي سماء تظلك، عندما يلفك الصمت من كل جانب، ويأتيك الموت من كل مكان، فتستيقظ، على هلع التفجير، ويصدمك هول التدمير، فتتعطل فيك ملكة التفكير، وتُشل لديك طاقة المسير، وتتلاشى فيك بقايا الضمير؟

كيف يكون حالك، حينما، تتحول الكلمات عندك إلى صخر، والقلم بين يديك إلى جمر؟

كيف تصوغ المعاني، وتنحت المباني، بعدما تصبح الأفعال، والأسماء، والحروف كلها أدوات للشر؟ والقيم، والمبادئ، والأحكام، جالبة للضر؟ إلى أين المفر؟ وما هو المستقر؟

نقول هذا، ونحن نعيش صدمات، وكدمات، هذا العنف الدموي الأعمى، الذي أصبح عابراً للقارات، ومتحدياً للإجراءات، وهازماً للذات، ومفرقاً للجماعات، ومتجاوزا لكل الثقافات والديانات.

نبرأ إليك –ربي- مما يفعله البعض باسم الدين، أي دين، ونعوذ بك، ممن يزرعون الخراب والدمار، بين المطمئنين الآمنين، من السكان في كل الأوطان، والذين يدينون بكل الأديان، ويأتون ما يأتون، بإيحاء شياطين الإنس والجان.

فما ذنب المسافر، عابر السبيل، والساكن القاطن في كوخ من الطين، والمتوكل على الله، الساعي على الأرملة والمسكين، أن يكون مصيره تفجير أشلائه، ذات الشمال، وذات اليمين؟

أفيرضى الله عن هذا، ويعفو؟ إن هذا لهو البلاء المبين؟ نحن نرثى، لهذا الشباب اليافع الذي يقدم على جريمة الانتحار، بكل عنجهية وافتخار، فيقتل العجزة، ويجهز على النساء، والصبية الصغار، متعمداً، يتبوأ مقعده من النار.

تالله لقد حيرنا أمر الآمرين بهذه الجرائم، والمقبلين على تنفيذها، والمبررين لمقصدها وغايتها. وتزداد حيرتنا، عندما تتم تحت جناح الإسلام، وتطبيقاً لسوء فهم النصوص والأحكام.

ذلك أن الإسلام الذي ندين به، ونؤمن بتعاليمه، ونتعبد بآياته وأحاديثه، هو الدين الذي يدعو إلى الأمن والأمان، والإيمان، وينشر السلم والسلام، والاطمئنان فبأي حديث بعده يؤمنون؟

لا نشك في أن هؤلاء الشبان الحاملين للفكر الإسلامي، هم ضحايا سوء فهم للإسلام، وهم –ولا شك- واقعون تحت وطأة الشاذ من الأفهام، وهم قبل هذا، وبعد هذا يعانون، جور الحكام، وإقصاء الظلاّم، وحصاد حملات الإعلام.

ولا نعتقد، أن معالجة قضاياهم، ينبغي أن تقتصر على الجانب الأمني وحده، فالمعضلة لها جوانبها النفسية، والاجتماعية، والدينية، والسياسية، والاقتصادية، والثقافية، وكل جانب يتطلب معالجة خاصة، يضطلع به متخصصون، ذوو علم، وحكمة، ومنهج، وروية.

يجب أن تتجند الأسرة، والمدرسة، والجامع، والجامعة، والمؤسسة الإعلامية، والعلماء، والحكماء، والعقلاء، للتكفل بواقع أبنائنا الأبرياء، ضحايا قلة العلم، وسوء الفهم، فللحوار، حكمته التي لا ينبغي أن تغيب عن المعالجة، وللترغيب، أسلوبه الذي لا يجب أن يغفل، في استمالة البعض. كما أن التصدي لألوان العنصرية، والإقصاء، والظلم والإلغاء، والإسلاموفوبيا وما تجلبه من إيذاء، كلها عوامل، لا ينبغي الاستهانة بها في معالجة ظاهرة الغلو، والتشدد، باسم الدين، وباسم اللادين.

ففي هذه الجبهة، البغيضة، التي تضم لفيفاً من المنتسبين للدين، والمعادين للدين، تبرز أطياف من الثقافات، والألوان، من مختلف القارات، فمن بوكو حرام، إلى داعش، إلى أصحاب اليمين في أوروبا، إلى العنصريين في بورما، إلى الخطاب الصليبي، الصهيوني، كلها تغذي النعرة الانتقامية، والشذوذ الفكري.

ويعيبون علينا –كمسلمين- أننا أنتجنا غلاة، ومتشددين، يعلنون انتماءهم إلى الإسلام، ولكن ما الحيلة، إن صح ما نسبته الشبكة العنكبوتية للرئيس أوباما، وأنه ألقى خطاب وداع في البيت الأبيض، فذلك تجسيد للخطاب العربي الرسمي.

وإن تعجب فاعجب، لمسؤول رسمي، في أعلى قمة أمريكا يباهي بأن القوات الأمريكية، خرجت من العراق، ولكنها أبقت على وجود أمريكي فيه، وجعلت العراق قسمة بين ميليشيات شيعية تقمع السنة، وتأخذه بعيداً عن محيطه العربي.

ويستدل الرئيس الأمريكي، إن صح ما نسب إليه، على تنفيذ مخططه الطائفي الصليبي، بنصوص “من العهدين القديم والجديد، اللذين حدثانا عن خطر العراق اليوم، وعن عقوبة الرب، لطغاة ذلك البلد”.

كما أن الرئيس أوباما في خطبة وداعه المزعومة للبيت الأبيض تبجح، بأن من إنجازاته “واد الربيع العربي” قائلاً: “فأنتم تعلمون أن الثورات التي نشبت في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عام 2011، هددت أمن صديقتنا إسرائيل، التي نعد بقاءها في ذلك الجزء من العالم، مرتبطاً ببقاء هويتنا نحن، ولهذا نظرت أمريكا إلى تلك الثورات بصفتها خطرا كامناً، لابد من إجهاضه”. ويضيف الرئيس أوباما: “وقد نجحنا بالتعاون مع حلفائنا في تحويل ليبيا إلى دولة فاسدة، وقضينا على المولود الديمقراطي في مصر، ومنعنا السوريين من الحصول على أسلحة توقف القصف الجوي، وسمحنا لحلفائنا الشيعة باستباحة سوريا، وإغراقها بالدم، فلا مصلحة لنا، من انتصار ثورة تهدد الشعب اليهودي، وتعزز نفوذ الإسلام المتشدد”.

إن خطاباً بهذه المواصفات، إن تأكد، ليس خطاب نتنياهو في إسرائيل، أو ماري لوبين في فرنسا، ولكنه خطاب رئيس الدولة التي تحمل –سياسياً- لواء التبشير بالديمقراطية، في حين تعمل واقعياً على وأد الديمقراطية، في كل بلد عربي أو مسلم.

فماذا نريد نحن إذن؟ وماذا يُراد لنا؟.

نحن نريد نشر إسلام، هو إسلام العدل والديمقراطية، وإسلام التسامح والوسطية، إسلام التعايش والأخوة الإنسانية.

لكن يراد لنا، أن نغرق في الدم، ثم يتهموننا بالإرهاب والهمجية، ويراد لنا أن يكون بأسنا بيننا شديداً، حتى يسهل ابتلاعنا، والتمكين لعدونا المزمن، إسرائيل، من فرض نفوذه، وسيطرته على بلداننا.

إنهم يريدوننا أن نتقاتل سنة، وشيعة، وأكراداً، ومذاهب، وأحزاباً، ثم يقولوا للعالم: انظروا، إن المسلمين لا يصلحون للحكم، ولا للديمقراطية.

وبعد كل هذا، يعجبون، من أن يولد منا ابن لادن، وأيمن الظواهري، وأبوبكر البغدادي، والقاعدة، وداعش، وكل أشكال الغلو، والتشدد، والتطرف.

إنه ليؤلمنا، أن نعترف بأن هذا الإرهاب إن هو إلا رد فعل قبيح، لفعل أقبح، ولكن يزول رد الفعل، يجب البدأ بإزالة الفعل، فهناك الإرهاب، وهناك الإرهاب المضاد. وما لم يتجند عقلاء العالم، من المثقفين والعلماء، والسياسيين، من كل الديانات والثقافات، لمقاومة الظلم والفساد أينما وجد، والقهر والاستبداد حيثما حل وارتحل، ما لم تتم التعبئة الإنسانية على أساس الحق الإنساني في الحرية، والعدل، فسيظل الإرهاب قائماً، كرد فعل للإرهاب المضاد، المنظم، الذي ترعاه الدول الغنية، وترعاه القوة الرسمية.

وذلك هو الفرق بين ما نريده نحن المسلمون، وما يراد لنا من أعدائنا الظالمين. 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • رضا

    تقول (في الإسلام الحكم لله و ليس للشعب و الأخوة أخوة الدين لا أخوة الإنسانية) هذا تناقض صريح مع قولك ( نحن نريد نشر إسلام، هو إسلام العدل والديمقراطية ...الأخوة الإنسانية) فأنت تقر بمخالفة الآية ( إنما المؤمنون إخوة) و الآية (( واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا )
    فأي إسلام تدعو إليه يا من ترى ان كل داع إلى الله هو داعشي! الصورة النمطية التي يقدمها الغرب و الإعلام القذر و اشباه المفكرين لا تنطلي إلا على المغفلين المتشبعين بأفكار يقصد بها هدم الرسالة

  • رضا

    الرجاء عدم الخوض في أمور تجهلها. فلو سألتك عن عقيدتك في النظر لوجه الله الكريم في الآخرة و أنا أعرف إجابتك قلت لك : "وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة " و قوله (ص) " قال إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروب الشمس فافعلوا" فلا تطعن في نصوص ثابثة عن رسول الله و تقدم قول المبتدعة

  • ثاقراولا

    اظن ان الله كلف رسلا لنشر قوانينه وآخرهم محمد*صلعم*
    قائل له و ما انت الا مبشر ومنذر ماعدا ذلك لا تهتم
    وعلى عرب الجزائر وبقية المسلمين الا تطبيق معالم وقوانين الخالق نقطةكما أمر اليهود والمسيحيين من قبل
    ولم يأمر لا علي بلحاج ان يكون رسولا ولا مدني مرزاق نبيا ولا ملك العرب **سلمان السعودي*
    ومن يدعي غ ذلك فهو مشرك
    تصوروا الامكانيات و الاسلحة ووو التي يملكها المسيحيين الكاثوليك والارتودوكس لو يستعملوها لنشر المسيحية او اليهود !
    كيف يكون العرب وغير العرب

  • بدون اسم

    انا ما نعيشه اليوم من تمزق كبير على المستوى الفردي و الجماعي لجميع الامة العربية و الاسلامية هو سببه واضح و جلي لكل عاقل من البشر اميا او متعلم سببه بعدنا عن القيم الاسلامية النبيلة التي فقدناها من زمان

  • رضا

    للأسف أن عدة تيارات تنسب إلى الإسلام تعمل على هدمه و قد ذكرت بعضا منها و قامت فرق آخرى قد جنت على الإسلام باسم الدفاع عنه. كل هذا لا يمنعنا كمسلمين في السعي لإعلاء كلمة الحق و نصرة المظلوم و إقامة العدل و مقارعة الباطل بفهم المخاطر التي تحيط بنا و تقديم الأولويات أما الشعارات التي تروجها بعض الزعامات كأصحاب فكرة ولاية الفقيه للوحدة الإسلامية فما هي إلا دعوات ظاهرها الرحمة و باطنها من قبله العذاب

  • عادل

    فحسبنا الله و نعمة الوكيل !!!!!!! من أنت لتنتقد العلماء تعلم كتابة جملة مفيدة أولا

  • ابراهيم

    يا شيخ هذه مسؤولية الجميع ** ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ** ماذا نريد من توضيح اكثر للقاتل ؟ عندما عقيدتنا تقول الموحد لا يخلد في النار مهما كان او يكون عمله بدون توبة اليس هاذا ظلما في حق الله و العباد. و الرسول ص امرنا ان نخالف اليهود في صوم عاشوراء و كيف يرضى ان نتبع اليهود في العقيدة و نقول لن تمسنا النار الا اياما معدودة اليس هاذا تشجيعا للعباد على ارتكاب المعاصي أكثر فأكثر بدون توبة هاذا هو سبب مشاكلنا

  • الياس

    لماذا لا تقال كلمة كفى لمن يكفر المسلمين منذ عقدين من الزمن ليلا و نهارا مستغلين منبر الحرم و الاعلام المضلل و قوة الدولار لشراء الذمم و غض البصر ، كفرو اخواننا الشيعة و الاباضيين و العلويين لاثارت الفتن خدمة للشياطين ، و اخيرا نتيجة سكوت علماء الامة او استحيائهم من بلاد الحرمين و ملوكها و مشايخها المنافقين تجرؤو بالاعتداء و العدوان على اليمنيين ، و غدا لا ندري من سيقصفون من بلاد المسلمين
    فهم خطر على الامة و يعرضون بلاد الحجاز للخطر فحسبنا الله و نعمة الوكيل

  • عادل

    نحن نريد نشر إسلام، هو إسلام العدل والديمقراطية !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
    الأخوة الإنسانية. !!!!!!!!!!!!!!!!!!
    أنتم تريدون نشر دين آخر غير الإسلام ففي الإسلام الحكم لله و ليس للشعب و الأخوة أخوة الدين لا أخوة الإنسانية
    ما الفرق بينكم و بين داعش ؟ كلكم يسعى لتشويه الإسلام بين غال و مفرط

  • أحمد مورد

    كنت نناشد في هذا المنبر في جريدة الشروق المحبوبة عن ما يقع في مجتمعنا ككل من اقتراف جرائم في حق الأبرياء و الأنتحار في مالاذ الحياة الدنيوية لأن النفس مقدسة من الله سبحانه وتعالى ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لازوال الدنيا أهون من قتل النفس لكن هذه الظاهرة الغريبة في مجتمعنا أصبحت كل من وقع في مشكل السكن أو الوظيفة الخ يبادر الى هذا السلوك السلبي ولا يفكر باعقله أن الله حرم قتل النفس وجعلها من أكبر الكبائر يقول الله في كتابه الكريم ولاتيأسوا من رحمة الله أن الله بكم رحيمة لهذا ياشيخنا ان

  • بدون اسم

    ارضي و انا حاب نبنيها علميا اجتماعيا و معماريا واسع الخيال صلب القرار
    هؤلاء يحكمون و يسيرون شؤون بلداننا باساليب خاطئة مستوردة من وراء البحار
    و ؤلائك الذين يحملون السلاح يتكلمون بالدين و يقتلون الناس هم عبارة عن جراد اجتاح حقول اراضينا
    اقول لهم كلهم كم تبدون صغار وانتم تتكلمون كما الكبار
    ارسم لك صورة بسيطة في ذهنك
    و تخيل امامك رجل غاضب صاحب شنب كثيف يقف امام ارضه و يخاطبك قائلا هذه ارضي و سابنيها رغما عن من يحكموننا و عنادا ضدا من يريدون ارهابنا هذه ارضي و انا الاولى بها
    هكذا يجب ان يقول

  • سليمان

    يا فضيلة الدكتور
    لماذا نبقى دائما مفعولا به أو اسم مجرور أو مضاف إليه .متى نتحول الى فاعل مرفوع .نخطط لأنفسنا ونحدد مصيرنا ونرسم وجهتنا
    مذا يراد بنا ؟يراد بنا أن نكون عبيدا أذلاء خاضعين قابعين تابعين .يراد بنا أن نكون كالأيتام على مائدة اللآم ولماذا لانريد لأنفسنا؟كما أردنا الله أمة عزيزة
    ياسيدي الدكتور :لماذا مجتمعاتنا كالأجسام المريضة لها قابلية لكل الجراثيم والنفايات. أليس العيب فينا
    نيب زماننا والعيب فينا ومالزماننا عيب سوانا
    مارأيت ذئب يأكل ذئبا ويأكل بعضنا بعضاعيانا

  • hocheimalhachemi

    حفظكم الله أيها الشيخ الفاضل قسوم، كنتم خير خلف لخير سلف ،وفقك الله وسدد خطاكم لكل ما ينفع البلاد والعباد من تذكير ونصح وتوعية وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر عسى الله أن يفيق من كان في غفلة أو تسحى بعض الضمائر من غفوتها أو تعود بعض العقول الى وعيها والى جادة الصواب فالله أمرنا ألا نتكل بغير الأسباب؟
    وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين فبالتوعية والنصح والتذكير يأتي كل خير ان شاء الله، عسى الله أن يأتي بالفرج انه على كل شيء قدير؟
    وما ذلك على الله بعزيز

  • عبد الجليل

    يااستاذناالفاضل اسال الله لك كل الصحة والعافية ونفعنا الله بعلمك .كل هذا الاجرام والارهاب تكون وتخرج مسجون ومعتقلات هناك في تادمر ومصر وكذالك من ضلم الضالمين والمعتدين مثل امريكا والصهيونية العالمية ولكن لا ابرر