-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مازلنا ننتظر إنشاء المجلس الأعلى للتربية

مازلنا ننتظر إنشاء المجلس الأعلى للتربية

إن المجلس الأعلى للتربية هو الهيأة السياسية التي تحددها الدولة وتضبط بها نشاط وزارة التربية وتوجيه جهود التعليم وتسيير التفكير التربوي الذي تراعيه الأمة في اهتماماتها وتعبر به عن إرادتها الهادفة إلى استثمار الجانب الفكري الذي هو أساس نشاط الوزارة، وبهذه الصفات يتحدد أساس المهمة المحددة لنشاط المجلس الأعلى للتربية وهو المجلس الذي ينتظر من الدولة أن تبادر بإنشائه وجعله الأساس الموجه لنشاط الوزارة وتفكير الوزير، وتعجل بتعيين العناصر التي تتشكل منها هيأته والتي هي الروح الموجهة لنشاط الوزارة، لأن هذا المجلس يشكل الجانب السياسي الأساسي الذي تراعيه الأمة في تفكيرها الموجه لتسيير قطاع التربية وتعتمده في معالجة تنظيم السياسة التعليمية، وهو الجانب الذي تعتبره الدولة المرجع الفكري والتربوي والسند السياسي الذي يحدد الوجهة التي تتبعها وزارة التربية في تسيير عملها، وهذا هو الأساس الذي ينبغي الاهتمام به في توجيه نظام التعليم وإثراء جهوده، وهو ما يعتبره المسؤولون في الدولة جانبا من مهامهم ومسؤولياتهم في مجال التعامل مع السياسة التعليمية ومع نشاط وزارة التربية، وهو ما حددته الدولة في توجهاتها السياسية والتربوية واعتبرته جزءا من اهتماماتها وتفاعلها مع الحياة التربوية، لأن الوزارة المشرفة على القطاع هي الجهة الرسمية المسؤولة عن رعاية الأجيال وتنظيم جهود تعليمها، هذه الوزارة بحاجة إلى هذه الهيأة (المجلس) التي ينتظر منها أن تقف بجانب الوزارة وتدعم تفكيرها، وتسهم في توجيه نشاط خطتها تقودها إلى ما هو مطلوب منها أو إلى ما هو جزء من رسالتها.

هذه الهيأة هي المترجمة لأهم اهتمامات الدولة في مجال القضايا التربوية، وهي التي تشخص التوجه السياسي الذي يراعيه نظام التعليم وهي التي يراها المسؤولون بأنها السند المرجعي الذي تعتمده الوزارة في المجال السياسي الذي يعالج شؤون الفكر التربوي، وغياب هذه الهيأة عن الميدان العملي يثير جوانب تنظيمية معقدة، لا يتضح الهدف منها، وهي الجوانب التي تحتاج إلى إجراء مصحح له، بحيث تلتزم الدولة بتجديده وجعله رمزا للهيأة الموجهة، وما وقع في السنوات الأخيرة بعد ما غابت الهيأة يؤكد أن الوزارة فقدت وجهتها الصحيحة في مجال تحديد السير المنظم.

غياب المجلس الأعلى للتربية جعل وزارة التربية تعتمد على ذاتها، وأصبح الأمرُ متروكا لتفكير الوزير، فهو الذي أصبح يفكر ويقرر، وأتاح له هذا الوضع أن يطرح إجراءات، ويقدم على تنفيذ قرارات بمفرده من دون أن يرجع إلى النصوص الرسمية أو إلى التحليل المنطقي للمواقف، وهذا ما جعلنا نطالب بالتفكير في إنشاء المجلس الأعلى للتربية، أو إنشاء هيأة مساوية له.

إن غياب هذه الهيأة سببه تخلي الدولة عن جانب من مسؤولياتها، وهذا ما جعل الوزارة تفقد الجانب التوجيهي الذي يحدد لها ما يجب أن تلتزم به، وفقدها لهذا الجانب جعلها تصطدم بالجوانب الغامضة في سير التعليم، والتي لا يتضح الهدف من طرحها، بل جعلها لا تهتدى إلى اتباع المنهج الصحيح الذي يمكنها من مراعاة الجوانب الأساسية في ضبط المسيرة التعليمية، ويجنبها المواقف الغامضة، وما بدأنا نلاحظه في السنوات الأخيرة هو ظهور بعض المواقف في تفكير الوزير، وفي الإجراءات التي بدأ ينفذها.

إن هيأة المجلس التي ندعو إليها هي التي تحدد الاتجاه الصحيح للعمل، ويجنبنا الإقدام على القرارات الارتجالية التي يطرحها الوزير ويدعو إلى اتباعها، فغياب هذه الهيأة جعل الوزارة تعتمد على ذاتها، لأن الأمر أصبح متروكا لتفكير الوزير، فهو الذي أصبح يفكر ويقدرر، وأتاح له هذا الوضع أن يطرح إجراءات، ويقدم على تنفيذ قرارات بمفرده من دون أن يرجع إلى النصوص الرسمية أو إلى التحليل المنطقي للمواقف، وهذا ما جعلنا نطالب بالتفكير في إنشاء المجلس الأعلى، أو إنشاء هيأة مساوية لهذا المجلس، لأن وجود مثل هذه الهيأة إلى جانب الوزارة مسألة ضرورية يجب التعجيل بها، لأنها هي التي تضبط الخطاب السياسي والفكري الذي تلتزم به الوزارة في عملها، وهي المهمة التي كانت الهيأة في السابق تقوم بها، قبل غيابها أي قبل دخول البلاد عهد التعددية الحزبية ومسايرة ظروف الانفتاح السياسي، بعد هذا الحدث الذي عشناه في التسعينيات تم غياب الهيأة السياسية، وتم إلغاء المجلس الأعلى الذي كان إنشاؤه في تلك الفترة تعويضا لتوقف نشاط الهيأة، وهذا ما جعلنا نطالب اليوم بإعادة إنشاء المجس، لأن ما أحدثه غياب الهيأة وغياب المجلس جعلنا نلاحظ الغموض في التوجه السياسي الخاص بسير نظام التعليم، كما جعلنا نلاحظ انعدام الاستقرار في التنظيم والتباين في الموافق واتخاذ القرارات الارتجالية، وقع هذا سنوات عديدة، ومازال قائما، لأن الأمر بالتوجيه تخلت عنه الدولة وأصبح متروكا للوزير وآرائه، فهو الذي أصبح يفكر ويقرر، ويوجه بدلا من الدولة، وما تنفذه الوزارة يرجع إلى ما يحدده الوزير، ويصدر توجيها بشأنه، ونستطيع توضيح هذا الوضع من خلال بعض الإجراءات التي نفذتها الوزارة (إلغاء الأمرية، وإلغاء سياسة التكوين) من غير أن تنتظر الأمر بالتنفيذ من قبل الدولة ونستطيع تأكيد ذلك مما بدأ الوزير بتنفيذه بداية من عام 2003 بعد ما أوصى الرئيس بوتفليقة بتنفيذ ما جاء في تقرير لجنة الإصلاح الذي تم تقديمه عام (2002).

والغريب في الأمر أن ما تم تنفيذه لم يرد ذكره في هذا التقرير، ولكن ما نفذه الوزير لم تعارضه الحكومة ولم يناقشه البرلمان رغم أنه مخالف للاتجاه الذي كان متبعا. أردت بهذا أن أوضح أن ما أصبحت تتبعه الوزارة لم يعد يساير السياسة المتبعة، لأن الدولة تركته للوزارة والوزارة لم تعد تهتدى بما تحدده الدولة ولم تعد تنطلق في برامجها من السياسة التي حددتها الدولة، هذا وإن الأفكار التي يدعو إليها المجلس الأعلى تحرص على الاهتمام بتطبيق الوضع السياسي المحدد والذي يتعلق بمعالجة المسائل التربوية والمحافظة على مكونات النظام التعليمي ويركز على قضايا المعرفة، واهتمامات الإنسان وقيم المجتمع، هذا ما يدعو إليه المجلس الأعلى، وهذه هي الجوانب التي تعالجها السياسة التربوية، فالمجلس يمثل وجهة الدولة في التربية ويطرح فكر الأمة في المجال السياسي والتعليمي، والدولة هي التي تحدد هيأة المجلس ومهامه وتوجه نشاطه وتجمع في هيأته العناصر التي لها اهتمام سياسي وتربوي وإلمام بحقائق الاتجاه الوطني، وهي العناصر التي يهمها قطاع التربية وسياسة التعليم، لأن العناصر التي ترى أهمية وجودها ضمن الهيأة التي يتشكل منها هي التي تختارها الدولة وتضبط نشاط تفكيرها، والعناصر التي تقترحها ضمن هيأة المجلس هي ما يلي:

هي ما يمثل خلاصة لجنة التربية في البرلمان ومعها العناصر الفاعلة في هيآت البحث التربوي ويدعمها ممثلو المجالس العليا: المجلس الإسلامي، مجلس الشباب والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، وممثلو وزارات التربية والتعليم العالي والتكوين المهني، يضاف إليهم المفكرون الذين لهم صلة بهيآت ممثلي أولياء التلاميذ، وممثلو الجمعيات العلمية والفكرية والثقافية، هذا المجلس تحدده الدولة وتضبط أهدافه وبرامج نشاطه، وتكلفه بالمهام، والمكان المخصص لنشاطه تحدده الجهات الرسمية، ونقترح أن يخصص له مكان في مبنى الحكومة أو في مجلس الأمة أو في المجلس الشعبي الوطني أو في وزارة التربية، ويختار الممثلون للعناصر بحيث يكون مستواهم الفكري والتربوي متميزا، هذه هي عناصر المجلس، ومهامه هي تحديد الأفكار التي يشملها البرنامج الذي تنطلق منه وزارة التربية، البرنامج الذي يدعو إليه الإصلاح والتطوير، ويحدد معاني الأفكار، ولا تقبل الجوانب الغامضة والمفاهيم غير المحددة والتي يشرحها البعض في الصحافة ولا يدقق في تحديد معانيها، ويطلب من المجلس أن يعالج ما يتطلب المعالجة حتى لا يفهم الناس أمورا غير صحيحة، مثل الذي قرأناه يوم 7/5/22 في كلمة حول الإصلاح كتبها الأستاذ غازي عثماني في جريدة الشروق، الكلمة التي قرأناها بحاجة إلى تصحيح، لأنها جعلت المدرسة الأساسية تشمل أربعة مستويات تضم التعليم التحضيري والأساسي والثانوي وما بعد الثانوي. والحقيقة التي يجب توضيحها وتصحيح ما ورد في الكلمة هي أن التعليم الأساسي لا يشمل إلا الابتدائي والمتوسط ويدمجهما في مرحلة واحدة هي التعليم الأساسي وهي المرحلة الإلزامية التي يجب على الدولة توفيرها وتوفير التعلم فيها للجميع مدة تسع سنوات ولا يشمل التحضيري والثانوي فهما خارجان عن التعليم الأساسي.

هذه إحدى مهام المجلس الأعلى للتربية، تحدده الدولة وتضبط برامجه وأهدافه وتحدد الدورات التي يعقدها لإصدار البرنامج التوجيهي والقرارات السياسية، هذا هو المجلس الذي نلح في الدعوة إلى إنشائه وفرض وجوده وتكلفه بالمهام المقررة وجعل وزارة التربية تنفذ توجيهاته.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!