مانديلا.. ألهم العالم حيا وميتا
إننا نخلد هذا الأسبوع وفي جميع أنحاء العالم ذكرى نيلسون مانديلا ونثني على حياته المذهلة.
قال رئيس الوزراء ديفيد كاميرون إن “نورا عظيما قد خبا في العالم“. وسيرسخ مانديلا في الذاكرة في جميع أنحاء العالم كمناضل في سبيل الحرية، كانت معركته ضد القمع العنصري التي دامت العمر كله، بما في ذلك خلال 27 سنة التي قضاها في السجن، مصدر إلهام للملايين، فمن الصواب أن نحتفل بمساهمته الهائلة تجاه بلده، وإفريقيا والعالم، وعمله الدؤوب من أجل السلام والمصالحة، لقد وضع لنا مثالا قويا عن التضحية والشجاعة، وكما صدق وقال الرئيس أوباما خلال هذا الأسبوع المخصص للذكرى في جنوب إفريقيا، فقد جعلنا مانديلا نفكر في الكيفية التي تمكننا جميعا من أن نكون أفضل كأفراد.
كما أرسلت جلالة الملكة برسالة تعزية إلى عائلة مانديلا، وقال الأمير تشارلز “إن السيد مانديلا كان تجسيدا للشجاعة والمصالحة، وكان رجلا ذو شرف عظيم وحماس حقيقي للحياة، مع رحيله، سيكون هناك فراغ هائل، لكن ليس فقط في حياة أسرته، بل أيضا في حياة جميع مواطني جنوب إفريقيا، والعديد غيرهم من الذين تغيرت حياتهم عن طريق كفاحه من أجل السلام والعدالة والحرية“.
وكان لمانديلا أيضا علاقات شخصية وثيقة بالجزائر؛ إذ كانت أول بلد زاره بعد إطلاق سراحه من السجن، حيث ألهمه النضال الجزائري من أجل الاستقلال وقد لعبت الجزائر دورا هاما وسط الجهود الدولية الرامية إلى التوعية حول ظلم نظام الفصل العنصري، كما كانت لفلسفة مانديلا حول المصالحة صدى هنا في الجزائر، إنني أدرك أن الجزائر تأثرت كثيرا بوفاته، وقد بدا لي هذا جليا من خلال العديد من المحادثات التي أجريتها مع الزملاء والأصدقاء الجزائريين خلال الأسبوع الماضي.
كان من دواعي سروري أنني تمكنت من حضور حفل تأبين في الكنيسة الأنغليكانية في الجزائر حضره كبار ممثلي الحكومة الجزائرية وسعادة سفير جنوب إفريقيا في الجزائر وزملاء من سفارة جنوب إفريقيا وسفراء العديد من البلدان الممثلة في الجزائر الذين أرادوا القيام بإشادة لشخصية نيلسون مانديلا، رغم أن مانديلا كان رجلا متواضعا، لا يكترث بالإرث، إلا أنه ينبغي ألا تُنسى رسائله، ومن الرمزية أن نفكر في إرثه هذا الأسبوع في حين نحتفل أيضا بذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهو إعلان الأمم المتحدة الذي يتجه مباشرة إلى قلب مثل مانديلا، إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أحد أعظم إنجازات القرن الماضي، فهو ينادي إلى مثل أسمى بسيط وقوي: إن جميع البشر يولدون أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق.
كافح مانديلا طوال حياته من أجل هذه المثل العليا، ولكن من الواضح أن هذه المعركة لم تنته بعد، هناك الكثير للقيام به في جميع أنحاء العالم للإرتقاء إلى إرث مانديلا ويجب علينا جميعا أن نواصل هذا الكفاح.