-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
يضرب بهن المثل في الجمال

ما أصل العلجيات والقرميات في القاموس الجزائري؟

فاروق كداش
  • 9972
  • 0
ما أصل العلجيات والقرميات في القاموس الجزائري؟

وراء كل وصف توصف به المرأة الجزائرية، قصة وتاريخ وأمثال تضرب، عن عيون الغزال وخدود العكري، هي الريم والريكة والعلجية والقرمية.. الوصفان الأخيران، لهما قصة مختلفة.. فهما لا يعبران عن الجمال فحسب، بل لهما أصل يمتد إلى التواجد العثماني في الجزائر… الشروق العربي، تبحث في أصل هذه الأسماء والأوصاف، التي بقيت في المخيلة الشعبية إلى حد الآن.

أطلق مصطلح العلجة أو العلجية على المسيحيات الأسيرات من أوروبا، اللواتي كن يجلبن إلى مدينة الجزائر، خلال العهد العثماني. وكن يحظين بهذا الاسم، بعد أن يعتنقن الإسلام، بالإضافة إلى أسماء عربية، مثل صالحة العلجية، أو عيشة العلجية، أو خيرة العلجية.. وهن غالبا، وراء الصفات الوراثية الأوروبية للكثير من الجزائريين، مثل العيون الزرق والشعر الأصفر والبشرة ناصعة البياض.

وكان يضرب المثل بجمالهن، إلى درجة أن الخاطبات يبشرن العائلات بالعثور على فتاة جمالها يشبه جمال العلجيات، فيقال: “طفلة زينة.. دايرة كي العلجة.. تلعج لعيج”.

وقد تميزت النساء العلجيات بالجمال الفائق، حيث كن يفضلن على النساء التركيات أو الكروغليات. وكثيرا ما كان الرياس أو علية القوم والأثرياء، يفضلون العلجيات لجمالهن، حيث أصبحت الكثيرات منهن شخصيات مرموقة، مثل العلجية مغانيتو، التي تزوجها خير الدين بربروس.

يعود اسم علجية، في الجزائر، إلى العهد العثماني، وهو اسم لم يذكر التاريخ ولا الأرشيف أنه حدث تدواله قبل فترة تواجدهم في الجزائر.

وبدأ استخدام اسم علجية في الجزائر العاصمة، للدلالة على الحسن والبياض، ولم يعد يدل على المسيحية الأوروبية، بل صار كناية عن المرأة فائقة الجمال، مهما كانت بشرتها أو لون عينيها. ولهذا، انتشر اسم علجية في القصائد الشعبية، خاصة العاصمية، وبعض الحواضر مثل قسنطينة وتلمسان.

القرميات… أساطير كثيرة وجمال واحد

كان اسم قرمية واسع الانتشار في الجزائر، قبل أن يندثر في السنوات الأخيرة. ولكن من هن القرميات؟ ولماذا كان يسمي الجزائريون بناتهن بهذا الاسم؟

تختلف الروايات حول أصل كلمة قرمية. فهناك من يقول إن القرميات هن حسناوات فاتنات، بارعات في الرقص والغناء والعزف، تعود أصولهن إلى مدينة “قرمونة” الأندلسية. وهكذا، سمين باسم المدينة التي ينحدرن منها. وبحسب هذه الرواية، فإن القرميات كن يصلن ويجلن في القصور وبيوت السادة لإحياء الحفلات والأعراس. وعرفن بجمالهن الفائق وحسن ذوقهن، مثل الغايشا في اليابان.

وهناك رواية أخرى مختلفة بعض الشيء، بحسبها، اسم ڨرمية، الذي اشتهرت به بعض جداتنا قديما، اشتق من نساء شبه جزيرة القرم، اللائي عرفن بشدة الجمال. القرم، كانت خاضعة للباب العالي، والجزائر كانت حينها تحت الوصاية العثمانية، وقد جاء العثمانيون بالنساء القرميات إلى الجزائر، ومن شدة ما انبهر سكانها من جمال نساء شبه جزيرة القرم، أطلقوا اسم ڨرمية على بناتهن، تيمنا، وكي يكون لهن نصيب من هذا الجمال.

رواية ثالثة، تدعي أن القرميات من أشهر العلجات التي كان يستجلبها تتار القرم إلى أسواق النخاسة في الدولة العثمانية. فعلى مدى ثلاثة قرون، بين 1468 و1769م شنّ جيش خانية القرم التابعة لهذه الدولة التي تضم أراضي شبه جزيرة القرم والأراضي الواقعة شمال البحر الأسود، وتلك المحيطة ببحر آزوف، ما يُعرف بغارات العبيد أو بحصاد السهوب، على الأقاليم التابعة حاليا لروسيا وأوكرانيا ومولدافيا، وشمال القوقاز، لغرض جلب العبيد البيض.

فلما كانت الجزائر تابعة للدولة العثمانية، عرف سكانها بدورهم الإيماء البيض من تلك التي يستجلبها القرميون، التي يسمونها بالقرمية، مع لفظ القاف الحضرية بالقاف البدوية “ﭬـرمية”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!