-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ما بعد الصّدمة!

ما بعد الصّدمة!

لا يبالغ من يقول إنّ ليلة الثّلاثاء إلى الأربعاء كانت ليلة سوداء على الجزائريين جميعا، بعد أن شاهدوا واحدة من أصعب المباريات وأكثرها إثارة، خاصة أنهم شعروا بنشوة الانتصار والتّأهل إلى المونديال للحظات، ثم تبخر كل شيء في رمشة عين. وبغضّ النّظر عما حدث في الكواليس، والدّور المشبوه الذي لعبه الحكم في حرمان “الخضر” من الوصول إلى المونديال، فإنّ ما يجب أن يقال الآن هو: كيف نحوّل هذه العزيمة والإصرار والعمل الدءوب إلى كل شؤون حياتنا وليس في كرة القدم فقط؟
لماذا نعطي كلّ الاهتمام بالانتصار والتّفوق في كرة القدم فقط؟ ولا نبدي أدنى درجات الغيرة عندما يتعلق الأمر بالانكسارات والإخفاقات في مجالات أهم بكثير من لعبة كرة القدم، بل إنّنا لا نُبدي أدنى اهتمام بكل التّصنيفات التي تضع المدرسة الجزائرية ضمن المراتب الأخيرة عالميا، وتضع شفافية الاقتصاد في مراتب مخجلة، أمّا الجامعات الجزائرية فلا وجود لها ضمن أحسن 2000 جامعة في العالم، من دون الحديث عن وضع المستشفيات والخدمات الصّحية والنظام المصرفي الذي لا زال يسير وفق ميكانيزمات القرن الماضي، وغيرها من الإخفاقات التي لا يمكن إحصاؤها…
تابعنا كيف اهتمّ الأنصار بمقابلة البليدة سواء خلال مرحلة شراء التذاكر، وما حدث من تدافع وتنافس للفوز بتذكرة حضور المباراة الفاصلة للتأهل إلى المونديال، أو خلال يوم المباراة حين توافد الجمهور على الملعب ابتداء من اللّيلة التي سبقت المباراة، وكل ذلك يمكن فهمه، لأن الجزائري بطبعه يتحمس للفوز ويقدم على التّحديات مهما كانت التّضحيات، لكن لماذا يغيب هذا الحماس وهذه الروح “القتالية” عندما يتعلق الأمر بباقي تحدّيات الحياة؟
لماذا نفشل في إنتاج غذائنا بأنفسنا مع أن الله حبانا ببلد زراعي يمكن أن يوفر الغذاء للعالم أجمع؟ والأغرب أن ذلك لا يثير غضبنا أو استياءنا، ولا أحد يتكلّم عن المسؤول عن هذا الإخفاق أو يطالب برحيله، ولماذا لا يظهر ملايين المحلّلين لهذا الوضع الغريب الذي يجعلنا نستورد الغذاء الذي كان أجدادُنا يصدِّرونه إلى أوروبا؟
هي تساؤلاتٌ نطرحها بعد صدمة الإقصاء من التّأهل إلى كأس العالم، عسى أن نستغل الحماس الوقّاد لدى شبابنا وتوجيهه التوجيه الصحيح ليبني حياته على أسس سليمة، ولا نهدف بذلك التقليل من أهمية كرة القدم أو الدعوة إلى التوقف عن الاهتمام بها، لأنها لم تعد مجرد لعبة للتّسلية فقط، وإنما أصبحت استثمارا وسياحة وثقافة، غير أنها ليست أهمّ من باقي شؤون الحياة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!