الرأي

ما بعد الفرح التونسي.. وما قبل الفرح الجزائري!

محمد سليم قلالة
  • 1406
  • 7
ح.م

لقد تَمكَّن الشعبُ التونسي الشقيق من تجاوز منعرج الانتخابات الرئاسية بسلام. وفرحنا جميعا له ومعه، ورغبنا أن نفرح مثله، وسنفرح بإذن الله تعالى، هي فقط مسألة إرادة وصبر وصدق.. يبقى ما بعد الفرح التونسي وماقبل الفرح الجزائري هو الأهمّ.

أما ما بعد الفرح التونسي فهو بداية مواجهة صعوبات التنمية والبطالة والضغوط الداخلية والخارجية، خاصة وأن الرئيس الجديد لم يُخفِ توجهاته، ولا لاكَ كلماته، وهو يعلن عن ثلاثة مواقف رئيسة: أنه في حالة حرب مع الكيان الاسرائيلي، وأنه سيبني الدولة الاجتماعية، وأنه سيؤسِّس لفكر سياسي جديد.

سيؤلب عليه الموقفُ الأول اللوبيات الصهيونية المتحالفة مع المافيا العالمية، ويُهدِّدُه الموقفُ الثاني في إصلاحاته الاجتماعية من قِبل أنصار الليبرالية المتوحِّشة الذين يسعون لتفقير الشعوب، ويجعل الموقفُ الثالث أنصارَ الديمقراطية بالمنظور التغريبي يخافون على مصيرهم باعتبار أنهم ليسوا أبدا نهاية التاريخ… وكلها تحديات، وإن بدت للبعض سهلة في ظل دعم شعبي واسع للرئيس المنتخب، فأنها تبقى في ظل  موازين القوى الدولية والمحلية الراهنة أثقل بكثير مما نتصور.

لذا أصبح لزاما علينا تجاوز الصعوبات التي نعرف، لنكون خير عون لهذا البلد الشقيق، خاصة وأن رئيسهم المنتَخب لم يخفِ حبه للجزائر ولم يتردد في القول إننا شعبٌ واحد في دولتين، ثم زاد ووعد أنها ستكون أول بلد يتجه إليه خارج الديار.

وأكاد أجزم أنه ليس لنا اليوم خيارٌ آخر إلا أن نكون خير سَندٍ لهذا الشعب الشقيق لِنَرُصَّ صفوف بعضنا البعض، ونُقيم الجدار المتين الذي تتكئ عليه الشقيقة ليبيا بعد فترة وجيزة، وندعم أواصر الأخوّة مع الشقيقتين المغرب وموريتانيا.. لعلنا نُحيي الأمل في تحقيق الهدف الثاني من أهداف بيان ثورة نوفمبر 1954 على الصعيد الخارجي أي “تحقيق وحدة شمال افريقيا في إطارها الطبيعي العربي الإسلامي”.

هل بإمكاننا ذلك؟

إذا ما وضعنا أنفسنا ضمن هذه الآفاق الرحبة، وتمعَّنا فيما ينتظرنا من تحديات جَمَّة، فلا شك أننا سنكتشف أن الكثير من الخلافات الوهمية التي بيننا، إنما تخفي وراءها محاولة منعنا من يكون لنا دور، أو مكانة، بل أن لا يبقى لنا أي وجود كدولة وكشعب عند بعض الغلاة… أليس الأقرب لنا أن نرفع سقف التحديات التي تواجهنا بدل النزول بها إلى مستوى وضيع؟ أليس من واجبنا اليوم أن نتفق حول كبريات الأهداف التي ينبغي تحقيقها في المرحلة القادمة ونقول مرحبا لمن يكون في مستوى تجسيدها بدل النزول بالنقاش إلى أدنى المستويات (السبّ والشتم والتجريح)؟ هل الأفضل لنا أن “نُجنِّد” الشعب حول كره شخص أو التملق لآخر أو حب هذا أو شيطنة ذاك؟ أم علينا أن نُعبِّئ الشعب حول أهداف كبرى ونحثه على السعي لدعم مَن يرونه أهلا  لتجسيدها؟ أليس هذا هو ما يميز مرحلة ما قبل العرس عندنا؟ لِمَ نُطيلها؟ ولِمَ نبقى ننتظر في فارس الأحلام المثالي والكامل الذي لن يأتي؟

 إن أبسط الرجال والنساء الذين نعرف قادرون على أن يكونوا قادة لهذا البلد. فقط لتتضح الأهداف قبل الأشخاص، وأنا متأكد أن البيان الذي سيصدره هذا سيقبله ذاك إذا ما تم  تغيير قائمة الإمضاءات أسفله.. هل تدرون لماذا حققت تونس العرس قبلنا؟ لأنَّ الناس هناك نظروا إلى أهداف قيس سعيّد، ولم ينظروا إلى شخصه ومَن يكون. كذلك علينا أن نفعل نحن، إذا أردنا أن نُسارع الخُطى نحو عرس قريب.

مقالات ذات صلة