-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ما بعد الهمجية

الشروق أونلاين
  • 1235
  • 0
ما بعد الهمجية

سالم زواوي

الصور الجديدة التي تبث منذ أول أمس عبر القنوات القفضائية حول عملية شنق الرئيس صدام والتي التقطها مسؤولون عراقيون كبار قصد بيعها والإثراء منها، هي دليل آخر على أن عملية الإعدام هذه هي عملية اغتيال شنيعة على طريقة الجاهلية العربية والكوبوي الأمريكي اجتمعت فيها الهمجية الأمريكية وحقد ما يسمى بالمعارضة العراقية العميلة لهذه الهمجية والخائنة لتاريخ بلدها وشعبه ومستقبله.فما شهده الناس وما سمعوه من شعارات الجلادين خلال عملية الاغتيال يدل على أن الرجل اختطف اختطافا من قبل الميليشيات الإجرامية المتسترة وراء الشيعة والعاملة لصالح المجرمين في السلطة الجديدة ومنها الرئيس الكردي جلال الطالباني ورئيس وزرائه نوري المالكي، والشنق تم بطريقة اللينشن الأمريكي خارج أي إطار قانوني أو قضائي وبمعزل حتى عن مجريات المحاكمة والحكم الصادر بالإعدام شنقا والذي كان المفروض أن لا يتفوه فيه الجلادون بكلمة واحدة طبق الأصول المعمول بها.

ولولا هذا الذوبان التام بين هذه الهمجية وذلك الحقد الذي تجاوز كل الحدود والخطوط بجميع ألوانها ما كان يحدث ما حدث من مهازل لم يشهد لها التاريخ مثيلا حتى ولو كان صدام طاغية دكتاتورا أو مجرما يستحق حكم الإعدام شنقا.. همجية تجاوزت كل الأوصاف، كونها تحدث في القرن الواحد والعشرين والألفية الثالثة وصباح عيد الأضحى وعشية حلول العام الجديد..

وما كان هذا الحدث وعلى المباشر تقريبا أمام العالم لولا أن البشرية جمعاء أصابها مس من جنون الاستكانة للهمجية الأمريكية وللنظام الأمريكي العالمي الجديد القائم إنجازه على الترهيب والإرهاب والجرائم الجماعية واستئجار القتلة والمجرمين من الأهالي كما يجري في العراق وفي غير العراق، وما كان هذا ليحدث لولا أن الأمم المتحدة ومجلس الأمن وباقي المنظمات والهيئات الأممية قد تحولت إلى غرف عمليات وأدوات لصالح السياسة الهمجية الأمريكية وتزكية كل الهمجيات الأخرى.

إن الأمر بالنسبة للعراق لم يعد يقف عند هذا الحد أو عند ما سمعه وشاهده الناس في أصقاع العالم خلال عملية قتل الرئيس صدام، ولكنه سيكون بالتأكيد عاملا من عوامل توسيع الحرب الأهلية والطائفية الدائرة في العراق منذ بداية الاحتلال الأمريكي والتي قد تقضي على نصف أو ثلث سكان هذا البلد بعد أن قضت على حضارته واقتصاده ووحدته الترابية والسياسية، وتصبح المأساة أكبر عندما يكون في نية الإدارة الأمريكية استغلال كل الأوضاع والوسائل المتاحة بما في ذلك تغذية هذه الحرب والأحقاد المتراكمة من أجل الخروج من المستنقع العراقي، ولا غرابة أن تكون إدارة الرئيس بوش وراء ما حدث خلال عملية قتل الرئيس صدام، وهي بناء على ذلك بصدد إعداد خطة جديدة لتواجدها في العراق سيعلن عنها خلال الأيام القليلة القادمة، وهذا ما يعني أن لا حل أمام العراقيين الحريصين على انقاذ ما يمكن إنقاذه غير الالتفاف حول المقاومة القائمة ضد المحتل الأمريكي حتى ولو كان ذلك حلا انتحاريا من منظور توازن القوى القائم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!