-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ما هذا الطغيان الأمريكي؟

عمار طالبي
  • 325
  • 0
ما هذا الطغيان الأمريكي؟
ح.م

ما الذي أعطى الحق للرئيس ترمب أن يهدي إلى صديقه الحميم ناتنياهو، أرض الفلسطينيين، الجولان، والضفة الغربية، والأغوار، والأرض المنهوبة التي بنيت عليها المستوطنات، وهي عبارة عن معسكرات مسلحة لقتل الفلسطينيين يوميا؟

عقد ترمب ندوة صحافية مع الصهيوني ناتنياهو، يعلن فيها عن صفعة القرن، ومهزلة العصر، وهما يصفِّقان بدون توقف، ويرقصان، ويمدح أحدُهما الآخر ويصفه بالعظمة، وأن ذلك اليوم يوم تاريخي، غرورا، وافتخارا بهذه الصفقة الخاسرة.

خرج الرئيس الأمريكي عن مواقف الولايات المتحدة قبله، وعن كل القرارات التي أصدرها مجلس الأمن، وعن كل شرعية دولية، وقانونية، التي وافقت عليها أمريكا نفسها.

فأنت ترى كيف يغطي أحدهما فضائح الآخر، من أجل إقدامهما على الانتخابات، فناتنياهو فاسد، سجلت عليه ملفات الفساد، وهو بصدد تقديمه للمحاكمة على إجرامه.

والآخر يحاكَم في مجلس النواب، ومجلس الشيوخ لتهوّره، وإقدامه على توريط الولايات المتحدة في نقض الاتفاقات، وشن الحروب والاغتيالات، وتشويه سمعة الولايات المتحدة الديمقراطية، وإثارة العالم عليها، وإساءة سمعتها.

ظن ترمب نفسه حاكما يحكم العالم، ويملكه، يهب الأرض لمن يشاء، ويغتال من يشاء، ويخرج عن الشرعية الدولية متى شاءت أهواؤه وتناقضاته في مواقفه، إنه فرعون العصر، وإنه رجل الدولار وجمعه وطلبه، من دول الخليج خاصة، ليصبح جيشه جيشا مرتزقا، يزعم أنه يدافع عن دول الخليج من إيران، وما هو بدافع عنهم في حقيقة الأمر.

فهل دافع عن أرامكو، وجيزان، وأبها، وعن الرياض؟

إن طغيان الإمبراطورية الأمريكية بلغ أوجه، ويؤذن بخرابها، وانهيارها بسلوك هذا المتقلب المضطرب.

بدل أن يعتمد العرب على أنفسهم، وأن يتَّجهوا بأموالهم إلى البحث العلمي، وتكوين جيوش قادرة على الدفاع عن أوطانها، يظنون أن دولا أخرى تدافع عنهم ببذل أموالهم وأراضيهم، لإقامة الجيوش والقواعد العسكرية، وبيع الأسلحة، لاستمرار إيقاد الحروب، واحتلال الخليج بجيوش أمريكا وحلفائها الأوربيين، بدعوى أمن الملاحة في هذا البحر، لتخلي أهله للدفاع عنه، وعن استقلالهم وسيادتهم.. إنه استعمارٌ جديد كاسح.

تذهب الأموال في شراء السلاح، وجلب المرتزقة الذين يرسلهم ترمب وغيره.

إنها لمهزلة في تاريخ العرب، ومذلة ما بعدها مذلة، يبذلون أموالهم وأراضيهم لعدوهم، باسم أنه حليف وأي حليف! هذا الذي يساند عدوهم الأكبر من الصهاينة، الذين أصبحوا دولة تملك الطاقة من البحر العربي، طاقة الغاز وتبيعه لهم، وهذا الرئيس الذي يحاكَم من دولته، ولم يكن كثيرٌ من الشعب الأمريكي، ومن رجال الدولة راضين عن إهدائه فلسطين كلها للصهاينة، فرِحا مبتهجا، مصفقا، راقصا.

إنها القابلية للاستعمار، التي أشار إليها مالك بن نبي رحمه الله، فقد كان الاستعمار قديما يهاجم بجيوشه الأوطان مباشرة، أما اليوم فحكام العرب إلا من رحم الله ينادونه، ويستضيفونه ليحل بأرضهم برضاهم، ويأخذ أموالهم وثرواتهم، وأصبحوا سوقا لأسلحته، وجيوشه، وقواعده.

فأين الغيرة على السيادة والأمن القومي؟ فهل تباع فلسطين بكمشة من الدولارات، تؤخذ من لحية العرب؟ ويعطى بعضها لفلسطين، وبعضها لبعض العرب ليزدهروا، ويسعدوا؟

وهل يقبل الفلسطينيون أن تهدى أرضُهم لعدوهم، وتغريهم لُقيمات من الخبز، والعيش الهنيء الوهمي؟

أين جامعة الدول العربية من هذا كله؟ وأين منظمة التعاون الإسلامي إزاء ضياع فلسطين، والمسجد الأقصى الذي أهداه ترمب لناتنياهو وهم ينظرون ويكتفون بالرفض، والبيان الإعلامي الذي لا أثر له؟

وأين الشعوب العربية والإسلامية إذا تخلى بعض حكامها عن أولى القبلتين، وحضروا مهزلة الإعلان عن صفقة القرن، وضياع هذه الأرض المقدسة؟

هل وهنت العزائم، وماتت الضمائر، وخمدت الغيرة، وانمحت الكرامة من النفوس والعقول؟

ونحن نرى التكالب المتوحش على ليبيا الشقيقة، وشن الحرب الضروس على شعبها، كما شُنَّت على سوريا وأصابها ما أصابها من توحُّش روسيا في قتل المدنيين، وهدم المستشفيات، والمدارس، والمنازل، لإقامة قواعد عسكرية، ووضع أقدامها في هذه الأرض.

وفي ليبيا بإرسال المرتزقة، وتأييد هذا العسكري الفاشل المجرم، الذي يقتل أبناء وطنه، ويمنع عنهم القوت، وأصبح أداة في أيدي أعداء وطنه، عميت بصيرتُه، فلا يرى إلا القتل.

هذا حال أغلب العرب، وهذا رضاهم بالذل، وتبعية بعض حكامهم لمن يقودهم إلى البوار، والذل، وضياع كل ذرة من الكرامة.

ولكن هل نكتفي بالبكاء، والأسى، والحزن، أم إن السبيل هو المقاومة بكل سبلها ووسائلها، رفضا لهذا الذي يراد لفلسطين، ومنها الفعالية السياسية في المجتمع الدولي، التي كادت تغيب عنه؟

إن وحدة الفلسطينيين القوية هي السبيل الأول للمقاومة، فإن وحدة القيادة أساس كل مقاومة وتحرر، وتاريخ الثورة الجزائرية، أكبر شاهد على ذلك.

قد آن أوان هذه الوحدة هذه الأيام قبل غيرها، فلا تتأخروا عنها أيها الفلسطينيون طرفة عين، فهذا وقتها لا غيره من الأوقات.

إن إرادة الشعوب لا تُغلب، وإن تكالبت عليها الأسلحة، والجيوش، والسياسات الظالمة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!