جواهر
حينما تتجاوز المرشدات الدينيات مهامهن

متطوعة تطالب بالأجرة ومرشدة حولت المسجد إلى ملكية خاصة!

سمية سعادة
  • 3491
  • 5
ح.م

ما إن حطت الصحوة الإسلامية رحالها في الجزائر في بداية الثمانينات، حتى  برز معها ما سمي بـ “الحلقات” الدينية التي كانت تديرها “الأخوات” أو ما بات يعرف اليوم بـ “المرشدات الدينيات” اللواتي أخذن مكانهن في مصليات النساء التي لم تكن حينها تحوز على مساحة كبيرة، ورغم ذلك كانت تمتلئ عن آخرها بالراغبات في تعلم دينهن وتجديد حياتهن وفق المنهاج الديني.

وبالفعل، استطاعت “الأخوات” أن تسير بالنساء إلى طريق التقوى والإيمان، وأن تفتح عيونهن على كنوز القرآن الكريم من خلال تخصيص حلقات للتفسير والتدبر، وصار الإقبال على الحجاب والجلباب كبيرا، سيما وأن دور المرشدات تعدى المساجد إلى الأماكن التي تتواجد فيها المرأة بكثرة.

ولكن ابتداء من سنة 2002 أصبحت مهمة المرشدة بيد وزارة الشؤون الدينية التي بقدر ما منحتها الاعتراف وتبنت نشاطاتها الدعوية، إلا أنها فرضت عليها الالتزام بشروط وقوانين من بينها التكوين وعدم الخروج على المرجعية الدينية وهو ما لم تلتزم به بعض المرشدات، خاصة اللواتي كن ينشطن زمن الصحوة الإسلامية، حيث كانت التيار السلفي يسيطر سيطرة شبه كاملة على المشهد الديني، وهو ما تحاول الوزارة الوصية التصدي له بكل ما أوتيت من قوانين حتى وإن وصل الأمر إلى وضعهن تحت الرقابة، فيما تقوم الإدارة الوصية بوضع حد للتجاوزات التي تقوم بها بعض المرشدات.

حول هذا الموضوع، تواصلنا مع أم عبد العظيم، المرشدة بأحد مساجد باتنة، حيث قالت “ليست كل من وجدت في المسجد فهي مرشدة، لأن أغلب اللواتي يقلن أنهن مرشدات لسن كذلك، فإما أن يكن معلمات قرآن أو متعاقدات أو متطوعات”، مضيفة حول الشروط التي ينبغي توفرها في المرشدة”يجب أن تكون حائزة على شهادة ليسانس على الأقل في العلوم الشرعية، وأن تكون حافظة لكتاب الله كاملا، ويكون عليها أن تجري مسابقة وطنية كتابية وشفوية، بالإضافة إلى امتحان آخر في القرآن الكريم”، وتابعت”ومما ينبغي التنبيه له، أن من أهم ما يجب أن يتوفر في المرشدة، أن تتصف بالحكمة في الدعوة والحرص على جمع الكلمة و إضفاء روح الأخوة بين المتعلمات والمعلمات على مستوى المسجد أو المدرسة القرآنية التي تشرف عليها باعتبارها المسؤول الأول عن جناح النساء وتقديم دروسها بشكل يتناسب مع الفئة الموجهة إليها، إذ أن المسجد الآن أو المدرسة القرآنية أصبحا يستقطبان جميع شرائح المجتمع رغبة في حفظ القرآن وتعلم أحكامه وتعلم مختلف العلوم الشرعية، وهذه الفئات تشمل طبيبات وأستاذات وطالبات جامعيات ومتمدرسات”.

وحول التجاوزات قالت، أم عبد العظيم “لا أخفيكم أن هناك تجاوزات في بعض المساجد، وخاصة التي لا تتواجد بها مرشدة موظفة أو تفتقر إلى متابعة من طرف مفتشي قطاع الشؤون الدينية” مضيفة “طلبت تحويلي من مسجد معين إلى آخر بسبب تغيير مقر السكن، لما انتقلت إلى حيث تم توجيهي، وجدت إحدى النساء تشرف على المسجد ويطلقون عليها مرشدة رغم أنها لا تتوفر على المستوى العلمي المطلوب، ولا الصفات التي ذكرتها لك ، فوجدت إهمالا كبيرا في تسيير المسجد والقطيعة الموجودة بين المعلمات في المسجد، إضافة إلى تدني التحصيل العلمي لدى المتعلمات نظرا لغياب برامج دراسية واضحة، كل شيء  كان يسير بشكل فوضوي وعشوائي، إضافة إلى تدريس فئة التحضيري بمقابل مع غياب وصول الاستلام”، وللقضاء على هذه التجاوزات، قالت”كلف المدير كل مرشدة موظفة بالإشراف على مساجد أخرى غير مسجدها الأصلي رغبة في ضبط نشاط هذه المساجد التي لا يتوفر فيها النظام”.

وحول نفس الموضوع ، قالت مرشدة أخرى امتنعت عن ذكر اسمها، إن إحدى المكلفات بتدريس محو الأمية تعدت المهام الموكلة لها، ودون ترخيص من الإدارة المعنية، تتجرأ وتقدم درس الجمعة وتحفظ النساء القرآن، وتلعب دور الطبيبة النفسانية والمرشدة الدينية والمصلحة الاجتماعية، ومعلمة القرآن ومنظمة الصفوف، وتتدخل في اللجنة الدينية.

مشيرة في سياق حديثها إلى المرشدة التي تطوعت في المسجد ثم اعتبرته ملكية خاصة وصارت تتحكم في المرشدة والموظفة وحتى في الإمام لدرجة أنها جعلت قيم المسجد يقوم على حاجياتها في بيتها.

وهناك من تدخل إلى المسجد متطوعة وبعد مدة تتوجه إلى الإمام لكي يمنحها أجرتها، فيبقى في حيرة من أين يأتي لها بالمال، ثم تقوم بتقديم شكوى ضده وهي التي دخلت المسجد بصفة متطوعة، وأحيانا تتدخل الإدارة وتوقف ع هؤلاء المتجاوزات عن العمل الزائد الذي ينخرطن فيه ويطلبن منهن أن يلتزمن بالترخيص المقدم لهن، والغريب أنهن يتوقفن لفترة ثم يعدن إلى سابق عهدهن.

مقالات ذات صلة