-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

متى تعود فرنسا؟!

متى تعود فرنسا؟!

“أن نجتمع جنبا إلى جنب بعيدا عن خلافاتنا هو رمزٌ للوحدة الفرنسية، ورمز هذه الوحدة يلمس شغاف قلب الطفل الذي هو أنا من فرنسا البعيدة، نُزع من وطنه الأم وألقت به رياح تاريخ 1962 على شواطئ بروفانس. وتركتُ خلفي فرنسا وأصدقائي، وأنا الرجل الذي ظل يحمل الجرح إلى الأبد”.
هذا ما قاله أكبر عضو في الجمعية الوطنية الفرنسية وهو يتحسّر على الماضي الاستعماري الفرنسي في الجزائر، ويتكلم بشوق عن “وطنه الأم” ويقصد الجزائر قبل أن تلقي به رياح التغيير سنة 1962 على الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط!
ولم يتوقف هذا النائب الذي ولد وعاش في الجزائر عند هذا الحد، بل قال للصّحفيين “تعالوا معي إلى منطقة الجبل في الجزائر – ولم يوضح أي جبل – سنجد الكثير من الجزائريين يتساءلون “متى ستعود فرنسا إلى الجزائر؟”، وهو ادّعاءٌ وتبجّح غير مسبوق من بقايا الأقدام السّوداء الذين لا زالوا يعتقدون أن الجزائر بشعبها وثرواتها وجبالها وصحاريها وواحاتها ملكٌ لهم، وأنّ ما قام بها المجاهدون الأبطال، هو اعتداءٌ عليهم وطردهم من أرضهم التي وُلدوا فيها!
وفي الواقع؛ فإنّ العيب ليس في هذا النّائب المجرم الذي تغنّى بالأعمال الإرهابية التي قامت بها منظمة الجيش السّري في الجزائر قبيل الاستقلال، وإنّما العيب في بعض الجزائريين الذين لا زالوا يعطون الانطباع لأمثال النائب “غونزاليس” بأنّ الجزائريين متمسِّكون بفرنسا لغة وثقافة وأيديولوجيا، حتى أنّهم يورّثون هذا الانسلاخ لأولادهم وأحفادهم، من خلال الحرص على الحديث باللغة الفرنسية وتعويدهم عليها.
لا زال في بلدي من يستهزئ باللّغة العربية، ويرفض استخدامها في الحياة العامّة، بينما لا يجد حرجا في التّعامل بلغة الاستعمار، ولا زال في الجزائر من يرعى مصالح فرنسا الثّقافية، ويقاوم كل محاولة للتّحول إلى اللغة الإنجليزية كلغة أجنبية أولى في الجزائر!
الماضي الاستعماري في الجزائر بشعٌ، وعلى كل الفرنسيين أن يشعروا بالأسى لما ارتكبه آباؤهم وأجدادهم في حق الشّعب الجزائري، وهذا الملف لا زال مفتوحا، ولا يتعلق الأمر بالاعتراف والاعتذار فقط، وإنّما القضية الأساسية في هذا الملف هو إعادة ما نهبته فرنسا طيلة 132 سنة، وتعويض الضّحايا وأهاليهم عن جرائم القتل والحرق والتّعذيب والتّنكيل وانتزاع الممتلكات، وليس شرطا أن يتم الفصل عاجلا في الملف، لأن الأمر منوط بأجيال مقبلة سنورثهم بلدا أنهكه الاستعمار ونهب خيراته وحاول طمس هويته.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!