-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

متى يكون للتربية آثار سيئة على الأجيال؟

خير الدين هني
  • 428
  • 0
متى يكون للتربية آثار سيئة على الأجيال؟

لا يمكن أن نبرئ التربية من التأثير الخطير على الأجيال الصاعدة في كل الأحوال، فقد دلت التجارب والأحداث التاريخية على تأثيرها الخطير على المجتمعات التي اتبعت طرقا ومناهج دراسية للتضليل التاريخي، بسبب المنازعات السياسية والصراع على الحكم، وعادة أن الفئات المنتصرة أو المضطهدة أو الأقليات الدينية والعرقية والأيديولوجية، هم من يزورون حقائق التاريخ والثقافة وأهداف التربية، ويجعلون هذا التزوير في مناهج الدراسة وبرامجها ومخرجاتها وغاياتها، فينشأ عليها الأطفال والمتعلمون والطلاب ويموتون عليها، وتصبح تلك الحقائق المزورة تشكل عقائد إيمانية وسياسية وثقافية، يحرصون على غرسها في أبنائهم وأحفادهم وأفراد الجماعات التي ينتمون إليها دينيا أو عرقيا أو عقديا ومذهبيا.
والشواهد كثيرة انتقي منها مذاهب الشيعة الإمامية أولا، والأقليات العرقية والدينية ثانيا، والجماعات المسلحة الخارجة عن المجتمع بعقائدهم الخاطئة ثالثا، والنازية العنصرية رابعا، للاستدلال على صحة تأثير التربية المنحرفة على عقول الأجيال وتكوينهم واتجاهاتهم الفكرية والعقدية وحتى السياسية، فالشيعة وهم فرقة إسلامية تعرضت للاضطهاد والظلم والقهر والتضييق، من الخلفاء الأمويين والعباسيين بخاصة، لأنهم كانوا يناصرون أهل البيت من ذرية فاطمة وعلي رضي الله عنهما، وكان منهم المؤمنون الأتقياء الصالحون المخلصون لأهل البيت، ومنهم المندسون المتوارون وهم شعوبية المجوس الحاقدين على العرب، الذين أسقطوا إمبراطوريتهم الظالمة، وأذلوهم وحولوهم إلى ذميين وموالي لأسياد العرب وأشرافهم.
وحين ضاقت بهم السبل، التجؤوا إلى التأويل الفاسد، من أجل تعظيم أهل البيت وجعلهم بشرا فوق العادة، ونسجوا حولهم أساطير من أحاديث موضوعة نسبوها لأئمتهم المبجلين، كيما يقنعوا أبناءهم وأتباعهم وجماعتهم بصحة ما يروجونه من أباطيل، منها تكفير كبار الصحابة وسبهم ولعنهم على المنابر والمحافل من علمائهم ومرجعياتهم الدينية، لأنهم سلبوا الحكم من علي وبنيه بالقوة والتآمر عليهم، ومازالت هذه الأعمال الشنيعة في حق الصحابة سارية المفعول إلى يومنا هذا، وهذا الانحراف في العقيدة والسلوك كرسته في وعيهم ووجدانهم، مناهج التربية التي تلقوها في مؤسساتهم التعليمية والدينية والإعلامية.
وقبل انحرافهم عن منهج القرآن والسنة، كانت إيران كلها سنية، إلى أن حوّل عقائدها إسماعيل الصفوي عام 1501م. وهو الذي ابتدع فكرة سب الصحابة وإقامة مآتم عاشوراء وغير ذلك من البدع المخالفة للشريعة، وعليه نحكم أن التربية التي يبتدعها الحكام الظالمون أو المهزوزة عقائدهم، ويفرضونها بالقوة على شعوبهم، هي من يفسد عقول الأجيال وعقائدهم وأخلاقهم، ويحولونهم إلى مجتمعات عنيفة وعدوانية كما تفعل الشيعة، وهتلر من قبل حين فرض النازية على الشعب الألماني بالقوة، وكما يفعل ناريندا مودي رئيس وزراء الهند اليوم، حين شحن شعبه بعقيدة الهندوسية المعادية للمسلمين، فكانت تربية العداء والعنصرية مفروضة من حاكم ظالم ومتعصب وعنصري.
وهذه التربية السيئة المعادية غير المصالحة لأعضاء الأمة الواحدة، هي من تعتمدها الأقليات العرقية والدينية والجماعات المسلحة، وكل فريق يخترع مصادر ولو كانت قديمة وتجاوزها الزمن لتغير الظروف والأحوال، ويستمد منها روايات دينية وثقافية وتاريخية، ونشرها في جماعته وبين أتباعه ومؤيديه، ليقنعهم بصحة مذهبه وعقيدته في الدعوة إلى الخروج عن المجتمع المتآلف المنسجم، فيحدثون الفوضى والشغب والشك والارتياب في نفوس الناس، ولاسيما الشباب منهم. وهذا كله من آثار التربية السيئة المنحرفة عن أصول الدين والعمق التاريخي والحضاري والهوياتي الواحد، والمسؤول عن انحراف التربية عند أصحاب هذه المذاهب والجماعات هم رجال السياسة والحكم والأيديولوجيون، الذين فرضوا التربية الراديكالية العنصرية على شعوبهم، وليس المدرسة أو المناهج الدراسية جعلتها من اختياراتها الاستراتيجية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!