مجمع حداد أرهق الخزينة وجوّع العاملين بمشروع العلمة – جن جن

شنّ، خلال اليومين الأخيرين على التوالي، عمال مجمع حداد للأشغال العمومية والري والبناء، المكلفين بإنجاز الطريق السيار، العلمة – جن جن، في شطره بولاية سطيف، إضرابا مفتوحا لعدم تقاضيهم أجورهم منذ 9 أشهر كاملة، مع تدهور كبير لوضعيتهم الاجتماعية التي تعقدت مع انهيار هذا المجمع.

هؤلاء العمال الذين بلغ عددهم حوالي 300 عامل يشتغلون بمشروع الطريق السيار العلمة جن جن المثير للجدل، الذي عرف تأخرا في الإنجاز مع تمديد متكرر في الآجال القانونية. فالأشغال انطلقت سنة 2014 وكان من المفروض أن يسلم المشروع سنة 2016، لكن بالنظر للوضع العام للبلاد في تلك الفترة تأخر المشروع ولم يدرك بعد 6 سنوات كاملة سوى 17 بالمائة من نسبة الإنجاز، وفي كل مرة تستفيد الشركة المعنية من تمديد الآجال وتغيير لموعد الاستلام إلى أن أضحى المشروع حلما صعب المنال.

وهي الوضعية التي انعكست سلبا على العمال البسطاء الذين وجدوا أنفسهم في نفق مظلم بسبب الوضعية القانونية لمجمع حداد الذي يخضع حاليا للتسيير من طرف متصرف إداري عيّنته الدولة بعد إحالة مسؤول المجمع على العدالة. وحسب العمال الذين التقيناهم عند مدخل قاعدة الحياة بمنطقة العراعير، فإن الأوضاع الاجتماعية للفئة العمالية تعقدت للغاية، والمجمع أضحى عاجزا عن تسديد الأجور التي تأخرت منذ 9 أشهر كاملة.

ويؤكد العاملون بورشة الطريق السيار العلمة جن جن في شطره التابع لولاية سطيف أن ظروف العمل أضحت كارثية غابت فيها حقوق العمال ووسائل العمل والأمن والوقاية وأبسط الإمكانيات غير متوفرة في مقدمتها النقل الذي حرم منه العمال وأرغموا على التنقل في الشاحنات الى نقاط العمل، كما حرموا من الإطعام بعد غلق المطعم الموجود في قاعدة الحياة.

وبما أن أغلبية العمال جاؤوا من ولايات بعيدة وحتى من الغرب والصحراء، فإنهم يجدون صعوبة في الالتحاق بمكان عملهم. ويقول أحد العمال لـ”الشروق”: “حتى الألبسة والأحذية الضرورية للعمل غير متوفرة”، وبالرغم من الشكاوى التي رفعت إلى الجهات المعنية إلا أن الوضع مازال على حاله، بل ازداد سوءا بعد تجميد الأجور طيلة هذه المدة التي تعني عجز العمال البسطاء عن توفير لقمة العيش لعائلاتهم.

يذكر أن هذا المشروع العملاق تقدر تكلفته بـ 17 ألف مليار سنتيم، وهو أحد أهم المشاريع على المستوى الوطني ويكتسي أهمية كبيرة، لأنه يربط ميناء جن جن بالطريق السيار شرق غرب، ويشكل عصبا حيويا من شأنه أن يعطي دفعا كبيرا للحركة الاقتصادية في هذه الجهة مع استغلال أفضل لميناء جن جن، لكن سنوات الفوضى والفساد وسوء التسيير كانت وراء تأخر المشروع الذي بدأ حاليا يتنفس من جديد إثر الشروع في تسوية الوضعية المالية للمؤسسات المشاركة في العملية، لتعود محركات الآليات إلى العمل من جديد وهي عودة محتشمة بالنظر لوتيرة الأشغال وقيمة المشروع وغياب بعض الشركات المعنية بالمشروع ويتعلق الأمر خاصة بالإيطاليين والأتراك والذين لم يدخلوا بعد إلى البلد بالشكل المنتظر بسبب جائحة كورونا، حيث وصل ممثلون عنهم كحالات خاصة في انتظار أن يلحق بهم باقي العمال الأجانب. ورغم هذا الاستئناف إلا أن وضعية عمال مجمع حداد لازالت معقدة ولذلك يطالب هؤلاء العمال بتدخل الجهات المعنية لإخراجهم من وحل هذا المجمع الذي أرهق الخزينة العمومية وعقد وضعيتهم الاجتماعية.