الرأي

محبوب العرب!

قادة بن عمار
  • 7271
  • 12

في كل مرة نشاهد فيها هذا التسابق المحموم على اختيار أصوات غنائية جديدة في العالم العربي، على غرار ما تقوم به محطة الأم بي سي حاليا ضمن برنامجها المسمى محبوب العرب، نتساءل لماذا لا يوجد في المنطقة العربية غير برامج تخريج المغنيين والرياضيين والراقصين، في الوقت الذي يغيب فيه الاهتمام ببرامج تكوين السياسيين والزعماء الحقيقيين والمقاومين المخلصين والمناضلين!

العالم العربي لا ينتج شيئا حاليا بقدر إنتاجه للمغنيين حتى باتت مقولة مغني لكل مواطن عربي حقيقة ملموسة، ولا علاقة لها بعالم السخرية، بقدر ما باتت الفضائيات تتنافس على اختيار محبوب العرب، وستار أكاديمي وهزي يا نواعم ونجم الخليج، واستديو دوزام، وألحان وشباب وسوبر ستاروغيرها من البرامج التي لا تعد ولا تحصى في عالم الهشك بشك مثلما يطلق عليه البعض كناية عن الفراغ القاتل!

لا بل إن هذه البرامج ظلت الثابت الوحيد في الفضائيات العربية طيلة العقدين الماضيين، كما أنها لم تتأثر لا برياح التغيير العربي، ولا بالثورات، ولا حتى بسقوط الحكام ومجيء آخرين، بل استمرت الفضائيات في الإنتاج، والشركات في تقديم الإعلانات، والشباب في التنافس على إبراز مواهبهم، والمشاهدين في التصويت، ولجان التحكيم في مقارعة الاختيارات، وهكذا حافظت الأمة على هذه الثروة العظيمة من المواهب العربية والموسيقية التي باتت أغلى من النفط في نظر بعض المخبولين!

ولأن التزوير عادة عربية أصيلة، فقد اشتكى العديد من المشاركين في مثل هذه البرامج من تزوير النتائج والعبث بتصويت الجمهور، وهنا، لابد من التساؤل عن سرّ سلوك هذه الأمة التي تتباكى على تزوير أصواتها في اختيار المغنيين في الوقت الذي تمارس فيه سياسة التطنيش الاستراتيجي عندما يتعلق الأمر بتزوير صناديق الاقتراع، لاختيار حكامها طيلة العقود الماضية، بل ظهرت حزينة جدا وهي تبكي لكل ملك يرحل، وسعيدة جدا وهي تهلّل وتكبّر لكل حاكم يجيء، كما أن نتيجة التسعات الأربع لم تزعجها أبدا، لذلك كان غريبا نوعا ما استيقاظ الربيع العربي، وكأنه يولد من رميم اعتقدنا أنه بات نسيّا منسيا!

هذه البرامج التي تعنى باكتشاف المغنيين الجدد وأحيانا حتى الراقصين والشعراء من بائعي الكلام، لم تساهم سوى في إيقاظ بعض مشاعر الجاهلية المترسبة لدى العرب، فباتوا يتنافسون ويلهثون وراء تتويج ابن البلد على حساب الآخر المنافس العدو، حتى وإن كان منتميا للدين والأمة نفسها، لكن هذه البرامج نجحت عديد المرات في خلق العداوات بين الشعوب، وتفوّقت حيث فشل المستعمر القديم في تطبيق مبدأ فرق تسد، حيث نشرت الفُرقة الجسيمة، وأسست للتنافس بالأصل، كما جعلت التنابز بالألقاب وسيلة لتسود هذه النوعية من البرامج وتجلب مزيدا من الجماهيرية والإعلانات التجارية.

مقالات ذات صلة