-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الشروق‮ ‬تكرم‮ ‬صاحب‮ "‬لغتنا‮ ‬الجميلة‮" ‬و‮"‬خطأ‮ ‬وصواب‮" ‬بحضور‮ ‬رفاقه‮ ‬وتلاميذه

محمد‮ ‬فارح‮ .. ‬مصحح‮ ‬خطابات‮ ‬بومدين‮ ‬والشاذلي‮ ‬ومطارد‮ ‬أخطاء‮ ‬العربية

الشروق أونلاين
  • 19710
  • 0

اعترافا بمكانة فرسان الفكر والأدب والثقافة والعلم في الجزائر، كرمت جريدة الشروق اليومي صباح الأربعاء عميد اللغة العربية في الجزائر الأستاذ محمد فارح الشهير بـ”سبويه الجزائر” بحضور رفاقه وبعض تلامذته ونخبة من الإعلاميين على رأسهم عبد الحفيظ الطويل وحرمه السيدة شميسة اللذين قدما البرنامج الشهير “لغتنا الجميلة” بالقناة الأولى للإذاعة الوطنية.

  •  
  • وأجمع المشاركون في التكريم على أن هذه الشخصية الفذة، تعتبر رمزا خالدا في سجل تاريخ الجزائر، فهو المعلم والصحفي والأمين على كنز اللغة العربية في الجزائر لعقود من الزمن. وكان له الفضل في الحفاظ على اللسان العربي من خلال مساهماته الإعلامية الجادة في الإذاعة والصحف.
  • وخلال أكثر من ثلاث ساعات قضاها المشاركون في تقديم شهادات حية على محطات هامة من حياة هذه الشخصية الفذة، كشف الستار عن الكثير من الجوانب غير المعروفة عنه، كما فتح المجال لمناقشة بعض القضايا المتعلقة بواقع اللغة العربية بحضور فارسها الأول وحارسها الأمين، وتم التطرق لبعض المشاكل التي تعانيها بسبب الإهمال.
  • وفي نهاية الندوة ألبس الأستاذ علي فضيل برنوس الشروق للأستاذ محمد فارح كما سلم له شهادة شرفية ومكافأة مالية.     
  •  
  • عندما اتصلنا به وأخبرناه أن الشروق اليومي تنوي تكريمه، عبر عن عمق سعادته وراح يدعو للشروق بدوام الإشراق، ولما تهنا في شوارع وسط العاصمة بحثا عن بيته، كان ينتظرنا رغم حالته الصحية أمام مدخل العمارة، وجيرانه ملتفون حوله.
  • صعدنا معه إلى بيته فأكرمنا على طريقة العلماء، وكانت الطرفة لا تفارق شفتيه. جلسنا إليه لأكثر من ثلاث ساعات لم تكف لقول كل شيء، لكنها كانت بالنسبة لنا درسا في التاريخ ودرسا في اللغة العربية. هو الأستاذ محمد فارح عميد اللغة العربية أو “سبويه الجزائر”.
  •  
  • حفظ القرآن الكريم وهو يرعى الغنم بعد أن توقف من الجامع
  • رأى نور الحياة في الخامس من ماي سنة 1930 بمدينة الميلية الواقعة شمال قسنطينة ولاية جيجل حاليا. نشأ في أسرة متواضعة محبة للعلم، فكان أن أدخله والده “جامع” القرية في سن الثالثة، فعكف على قراءة القرآن وحفظه على يدي شيخه “قريب الوالد” أحمد بن المشربط، الذي كان صارما في طريقة تعليمه، لكنه توقف عن ارتياد الجامع بسبب ظروف اجتماعية قاهرة، منعته من المواصلة، فراح يساعد والده الذي كان يطرق مختلف الأعمال الشريفة لكسب لقمة العيش. ولأن محمد فارح كان مولعا بطلب العلم يثنه عمله مع والده في سن مبكرة من مواصلة حفظ القرآن الكريم بشكل عصامي وهو يرعى الغنم أو يجلس في الغابة أو يسير في الطريق.
  • وعندما بلغ سن السادسة عشرة، دفعته رغبة الإبحار في طلب العلم إلى البحث عن زاوية تعلم علوم القرآن ينتسب إليها، فجره القدر إلى زاوية واقعة بسيدي خليفة ولاية ميلة تسمى “أولاد سيدي الشيخ”، وهناك حفظ القرآن حفظا جيدا، كما تمكن من تعلم رسومه وتعلم مبادئ اللغة العربية والفقه الإسلامي، ورغم حفظه الجيد للقرآن إلا أنه ظل بالزاوية سنة أخرى لتكراره. وبعدها تطلع إلى الالتحاق بالجامع الأخضر بقسنطينة الذي جعل منه الشيخ عبد الحميد بن باديس منارة للعلم ملأت شهرتها الآفاق، فكان له ذلك، حيث التحق بمعهد ابن باديس سنة 1950.
  •  
  • قصته مع أحمد رضا حوحو والتحاقه بمعهد ابن باديس
  • يقول الأستاذ محمد فارح “عندما دخلت معهد الشيخ ابن باديس رحمه الله، استقبلني الأديب الكبير أحمد رضا حوحو، وأجرى معي امتحان القبول، وأتذكر أنه سألني: ما اسمك؟ فقلت له: فارح محمد بن رابح، فرد علي: “يا سلام اسمك يبدأ بالفرح وينتهي بالربح”، وكان من حظي أن قبلت للدراسة في هذا المعهد الأصيل. لذلك بذلت جهدا كبيرا لأفوز برضا شيوخي ومنهم “عبد الرحمان شيبان، إبراهيم مزهودي، العدوي، عبد القادر الياجوري، محمد الصالح بن عتيق، عمار بوصبيع والطاهر حراث..”.
  • وفي بداية سنة 1954 تحصل الأستاذ محمد فارح على شهادة الأهلية من معهد ابن باديس بملاحظة الامتياز، التي كانت من نصيبه ونصيب أحد زملائه يدعى لزرق بن علو. وقد أهله تفوقه إلى الاستفادة من إرساله من طرف جمعية العلماء في بعثة تعليمية، لكن الاستعمار منعه من تحقيق غايته. لكن ذلك لم يثن عزمه، فسافر إلى تونس والتحق بجامع الزيتونة أواخر سنة 1955، وكانت الثورة الجزائرية في سنتها الثانية.
  •  
  • كان يحرق حقول المعمرين خلال هجومات 20 أوت
  • كانت أول مشاركة للأستاذ محمد فارح في الثورة التحريرية خلال هجومات 20 أوت 1955، عندما التحق بأول خلية ثورية بمنطقة الميلية، وقام إلى جانب ثلة من رفقائه بإحراق حقول المعمرين والقيام ببعض العمليات ضد المستعمر. وفي تونس لم يكف عن نشاطه الثوري بل جند نفسه في صفوف النضال الطلابي في جمعية الطلبة الجزائريين، ثم في اتحاد الطلبة المسلمين الجزائريين في تونس. ومن جملة الأسماء التي كانت إلى جانبه في تلك الفترة المناضل عبد الحميد مهري والمذيع الراحل عيسى مسعودي وغيرهما.
  •  
  • بغداد وذكريات العلم والنضال
  • في سنة 1957 تحصل الأستاذ محمد فارح على شهادة التحصيل، ثم شهادة العالمية. ولما تكونت الحكومة الجزائرية المؤقتة، قامت هذه الأخيرة بإرسال بعثات علمية إلى مختلف البلدان العربية، فحدث أن رشح من طرفها لاستكمال دراسته بجامعة بغداد، وبالفعل التحق بها سنة 1959، منسبا إلى كلية الآداب، وهناك اعتكف على الدراسة على أيدي أساتذة مشهورين منهم الطاهر جواد ومصطفى جواد صاحب “قل ولا تقل في اللغة العربية” إلى النضال الثوري الذي لم يفارقه. وفي سنة 1962 تخرج منها بشهادة بكالوريوس “الليسانس” في اللغة والأدب العربي.
  •  
  • رفضت والدته سفره للقاهرة للعمل في السلك الديبلوماسي فحقق رغبتها
  • عاد من العراق إلى أرض الوطن غداة الاستقلال، وشكل ملفا للالتحاق بوزارة الخارجية، وبعد قبول التحاقه تقرر أن يرسل إلى سفارة الجزائر بالقاهرة، لكن والدته رفضت سفره، فنزل عند رغبتها. ولأنه كان يحب التدريس التحق بثانوية مليكة قايد بسطيف، وبعد سنة واحدة عاد إلى العاصمة والتحق بثانوية المقراني ببن عكنون كأستاذ للغة والأدب العربي، وهناك قضى 14 سنة، ويشهد الجميع أنه نجح في آداء مهمته في تنشئة أجيال في لغة القرآن رغم صرامته المشهود بها، وذلك ما جعل اقتراحات اعتلاء المناصب لا تتوقف. وفي سنة 1976 اقترح عليه عبد الحميد مهري الذي كان مديرا للمدرسة العليا لتكوين الأساتذة أن يلتحق بالمدرسة، وهو ماتم بالفعل. بعد ذلك اقترح عليه إسماعيل حمداني رئيس الحكومة الأسبق، الذي كان يشغل منصب أمين عام مساعد بالرئاسة أن يساهم في الصياغة اللغوية للميثاق الوطني، غير أن تلك الفترة كانت فترة امتحانات البكالوريا، فقبل الأستاذ محمد فارح العرض على شرط أن ينتهي من تصحيح البكالوريا.
  •  
  • من أهم اللغويين الذين صاغوا الميثاق الوطني وراجعوا خطابات الرؤساء    
  • يقول الأستاذ محمد فارح: “عندما وصلت إلى رئاسة الجمهورية استقبلني إسماعيل حمداني، وأحضر لي مجموعة من الوثائق وطلب مني التدقيق في نصوصها لغويا، فأخذتها معي وفي اليوم الموالي كنت قد وضعت عليها ملاحظاتي وأعدتها له. وعندما أخذها إسماعيل حمداني إلى الرئيس الراحل هواري بومدين، قال له: الآن وجدنا من كنا نبحث عنه. وعندما فرغ من المساهمة في التصحيح اللغوي لنصوص الميثاق الوطني، عرض عليه الرئيس بومدين عن طريق إسماعيل حمداني منصب مستشار تقني بالرئاسة، وبعد تردد لمدة ثلاثة أشهر، التحق بالرئاسة سنة 1976، وكان من أهم مهامه صياغة النصوص والقوانين، والمراجعة اللغوية لخطابات الرئيس بومدين ثم الشاذلي بن جديد بعد ذلك”.
  •  
  • جريدة الشعب.. الثقافة للجميع
  • التحق الأستاذ محمد فارح بجريدة الشعب ككاتب صحفي منذ فجر الاستقلال، وبقي فيها طيلة 34 سنة، يكتب المقالات بشكل يومي ودون انقطاع، ومن بين الأركان التي كان يعدها “الثقافة للجميع” و”الخطأ والصواب” وهي صفحة مشكولة.
  •  
  • طيلة سنوات بث برنامج “لغتنا الجميلة” لم يطالب يوما بدينار
  • أما عن قصة برنامجه الإذاعي الشهير “لغتنا الجميلة” الذي كانت تبث منه 03 حلقات في الأسبوع، و03 مرات في اليوم يقول الأستاذ محمد فارح: “لم يكن يعجبني أن أسمع اللغة العربية والألسن تشوهها على مسمعي، ومن محاسن الصدف أن عيسى مسعودي ومدني حواس والأمين بشيشي اقترحوا علي أن أعد برنامجا من 05 دقائق لتصحيح الأخطاء الشائعة إذاعيا، فجاءت فكرة “لغتنا الجميلة”، وبعد تردد قررت خوض المغامرة، وأعددت بطاقة فنية وعرضتها على فتحي سعيدي الذي كان طالبا قيما سبق لدي، وبعد اختبار المذيعين والمذيعات وقع الاختيار على شميسة وعبد الحفيظ الطويل”. وبعد سنوات طويلة حقق فيها البرنامج نجاحا ملفتا تم توقيفه من دون سبب واضح، ورغم محاولاته لإعادة إنتاجه إلا أن الوضع بقي على حاله.
  •  
  • رسالة إلى عز الدين ميهوبي
  • دعا الأستاذ محمد فارح كاتب الدولة المكلف بالاتصال عزالدين ميهوبي إلى إعادة هذا البرنامج للإذاعة الوطنية، وكذا إنتاج نسخة له في التلفزة الوطنية، لأن دور وسائل الإعلام الثقيلة في نشر اللغة العربية لدى الأوساط الشعبية.
  • للإشارة فإن الأستاذ محمد فارح عضو بالمجلس الإسلامي الأعلى، وكذا عضو جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وللأستاذ عائلة سار أفرادها على نهجه “طبيب مختص، أستاذ جامعي وصحفي، طبيبتان، مهندسة دولة، ولديه 05 أحفاد
  •  
  • الأستاذ محمد فارح متأثرا بتكريم الشروق له
  • “اللغة تحيا بالاستعمال والمرض يحيا بالإهمال أما الأخطاء فتنتشر بالاستعمال والإهمال”
  • رغم علامات المرض والتأثر التي بدت جلية عليه إلا أن الأستاذ محمد فارح أبدى من التمسك باللغة العربية السليمة ما لا يمتلكه الأصحاء، وأعرب بكثير من التأثر خلال تناوله الكلمة أن أول ما يبدأ به حديثه هو شكر الشروق على التفاتتها مبديا إعجابه بالجهود التي تبذلها سيما مديرها العام الذي يعتبره أخا وصديقا غاليا، وقال إن الإنسان لغة فإن تجرد منها ماذا يبقى له. وعن برنامج لغتنا الذي غلب عليه الحديث كما قال خلال الجلسة قال إنه ظاهرة اهتم بها الثنائي الذي كان يقدمها أبو عفراء وأم عفراء وكيف أن هذه اللغة اجتمعت بين أب وأم رعاها مثلما يرعيان ابنتهما، وأعاد الأستاذ سرد خطوات التحضير لانطلاقة البرنامج. وعن الاهتمام باللغة العربية قال محمد فارح “إن اللغة تحيا بالاستعمال والمرض يحيا بالإهمال أما الأخطاء فتنتشر بالاستعمال والإهمال” داعيا إلى ضرورة إحياء العربية الصحيحة وليست الفاسدة.
  • وروى الأستاذ تجربته مع أحد التحقيقات المتعلقة بأخطاء الشوارع سنة 1973 وكيف ان الرئيس بومدين طلب رؤيته من أجل النظر في الأمر وتصحيح ما يمكن تصحيحه. وفي النهاية اعتذر الأستاذ مرارا وتكرارا قائلا “أريد مخاطبتكم فأجدني عاجزا حقا، إن الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراها غير المرضى”.
  •  
  • شميسة وعبد الحفيظ مقدما البرنامج:
  • برنامج “لغتنا الجميلة” في الطليعة وتوقيفه تقصير تجاه العربية
  • أبدت شميسة التي قدمت برنامج لغتنا للأستاذ محمد فارح عبر أثير الإذاعة الوطنية فرحها الشديد بتكريم الأستاذ فارح، حيث قالت أن لقاءها به كان في بدايات مشوارها الإذاعي، حيث كان البحث جاريا عن صوت ثنائي يقرأ البرنامج، وبعد أن عرضت جميع الأصوات لم يرق للأستاذ أيا منها فاستقدموني للقراءة، وحينها أبدى الأستاذ قبوله مع بعض الملاحظات الصغيرة. وعن تجربتها في البرنامج، قالت شميسة نشعر في برنامج لغتنا أننا لا نعرف العربية، ويجب علينا أن نتعلمها ونحبها، ومهمتنا كانت صعبة، فالأستاذ يكتب نصوصا معقدة، ومدة العرض كانت قصيرة جدا.. لقد كان برنامجا ناجحا بكل المقاييس ومحبوبا من قبل جميع الفئات، وقد نال جائرة ضمن مهرجان دولي بالقاهرة، غير أن الجزائر حسبها ظلمت عندما تقرر أن تكون الجائزة مناصفة مع مصر، وبعد 12 سنة من البث والعطاء توقف البرنامج لأسباب خارجة عن النطاق. وعن محمد فارح في علاقته بهم، قالت شميسة انه طيب ومتواضع، لا يخفي علمه ويحب الشباب وله سمعة عربية.
  • من جهته عبد الحفيظ، وهو الصوت الذي صنع ثنائي البرنامج، فقال أن لغتنا برنامج بين حاجتنا إلى النطق الصحيح وآداب اللغة، وأبدى تفاعلا ايجابيا مع المستمعين. وعن توقيف البرنامج، قال أن المسألة تعكس تقصير المؤسسات الإعلامية في الاهتمام باللغة العربية وهو ما يجعلنا بحاجة إلى مراجعة أنفسنا لإيجاد مراجع ترشيدية.
  •  
  • الشيخ محمد شريف قاهر يلخص أكثر من 60 سنة صداقة
  • “التزام وكرم ومهنية فارح… رحلتنا من الزيتونة إلى الشروق”
  • لم يكن من السهل على أعز رفقاء الصحفي العروبي حتى النخاع  محمد فارح أن يلخص مشوارا حياتيا جاوز الستة عقود، واحتار من أين يبدأ وأين يتوقف، وقد اشترك الرجلان في أغلب المحطات الحياتية من الشباب إلى الكهولة. كان حديث الشيخ محمد شريف قاهر رحلة ممتعة سافر من خلالها مع حضور الوقفة التكريمية الشروقية لشخص محمد فارح إلى جامع الزيتونة فبغداد وجبهة التحرير الوطني فاتحاد الطلبة المسلمين وأخيرا جريدة “الشعب” و”العصر” والحصة الإذاعية “لغتنا الجميلة”. رحلة ممتعة مليئة بالعبر لمن يعتبر من أحفاد مناضل نذر حياته للغة الضاد.
  • استصعب الشيخ محمد شريف قاهر الحديث عن قامة كبيرة في تاريخ اللغة العربية والصحافة الجزائرية بوزن محمد فارح، واستعرض مشوارهما سوية منذ الخمسينات قائلا: “عرفت محمد فارح في أكتوبر 1954 بجامع الزيتونة بتونس، أين جمعنا قسم واحد بعد تفوقنا في امتحان يجمع من خلال نتائجه المحصلة أصحاب الدرجات العليا في قسم واحد. وأتذكر جيدا القسم “5” بسيدي مبارك، كنا زميلين متلازمين مدة بقائنا في الزيتونة، ثم جاءت فترة ولوجنا العالمية، أين فرقنا التخصص، حيث تخصص فارح في الأدب وأنا في الشريعة” وأضاف “وبالرغم من أن محمد فارح لم يكمل دراسته بالعالمية وتوجه إلى جامعة بغداد، إلا أن القدر جمعنا مرة أخرى في ذات الجامعة، حيث التحقت بها أيضا بعد سنة. كما شاءت الأقدار أن نكون في قسم واحد مرة أخرى”.
  • الشيخ محمد شريف قاهر الذي تحدث بإسهاب عن صديقه، خاصة وانه كان من اقرب المقربين له لعدة سنوات، عاد بذاكرة الحضور الى شرف تكريم الشروق لمحمد فارح إلى عدة محطات على غرار الانضمام إلى الاتحاد العام للطلبة المسلمين، ثم إلى خلايا جبهة التحرير الوطني بتونس وبالضبط إلى جبهة جمع التبرعات لدعم الثورة.
  • يقول محمد شريف قاهر انه وبعد إتمام الدراسة في بغداد دخل ومحمد فارح الجزائر سنة 1992، والتحق هذا الأخير بثانوية المقراني فمدرجات الجامعة، ثم مراسلا لجريدة الشعب من سطيف. وهنا توقف المتحدث ليؤكد استمرار علاقة الصداقة التي جمعتهما حتى بعد توجه كل منهما إلى حياة عملية مختلفة عن حياة الآخر، حيث كشف عن لقاءات نقاش ودردشة حول ما كان يكتب فارح، بل واستدعاه للتدريس عندما نصب مديرا للمعهد العالي لأصول الدين، لأنه رأى انه أهلا ليبث العربية السليمة وينشر الإسلام المعتدل، وكان محمد فارح يومها مستشارا في رئاسة الحكومة، فكان -يواصل الشيخ- مثالا ومحل ثقة إلى غاية 1980، أين تعينا في المجلس الإسلامي الأعلى وبقيا أعضاء إلى غاية 1998.
  • استعراض المسار الحياتي المشترك والذكريات العلمية والشخصية بين الرجلين ختمه الشيخ محمد شريف قاهر بشهادة في صديق العمر قال انه لم يكن يريد الإدلاء بها في حضوره، إلا انه استجمع الكلمات وقالها بسيطة مباشرة “اشهد أن الرجل ملتزم وصافي السريرة، وإذا غضب سرعان ما يعود وكان كريما، بل إن كتابته تنبع من إيمانه، ولا يكتب ولا يقول إلا ما يراه صدقا وخيرا”. يتوقف لحظات ثم يختم: “أكثر من 60 سنة كان مشوارا غنيا وثريا، يسأل عني واسأل عنه، ومادام أمامي اكتفي بهذا القدر وأتمنى لجريدة الشروق أن تزيد إشراقا وألا تعرف الغروب أبدا”.
  •  
  • محفوظ قرباج يثني على التفاتة الشروق ويعترف:
  • “تكويني الفرونكوفوني كان عقدتي عند الحديث الى فارح”
  • بادر محفوظ قرباج بشكر جريدة الشروق على التفاتتها لشخص محمد فارح كواحد من أهرامات المشهد الثقافي والتربوي في الجزائر، وأثنى على الخطوة التي مكنته من أن يكون هو الآخر واحدا من ضيوف التكريم. وعن علاقته بمحمد فارح، قال: “تعرفت عليه خلال اشتغالي في الجانب الإداري بجريدة الشعب، “العصر”، وكان تعارفا تلقائيا بحكم الاحتكاك بين الإداريين والصحفيين. وكم كنت أحرص على ألا أخطئ وأنا أحدثه، خاصة وأن تكويني وأبناء جيلي كان بالفرنسية”. ويضيف رئيس فريق شباب بلوزداد ومدير المطبعة الوطنية “تعرفت عليه أيضا عندما انتقلت إلى الإذاعة الوطنية، ثم بالجريدة الرسمية، فعلا هو شخصية نادرة ومميزة وأنوه في نفس السياق بأن زوجته الحاجة وأولاده أيضا مثالا يحتذى به في حسن الخلق والثقافة”.
  •  
  • عبد العالي رزاقي يمارس مهنته ويعلق
  • “عمود فارح النمطي لم يمتعنا ولكن علمنا الكثير”
  • لم يستطع الأستاذ عبد العالي رزاقي أن يخف فضوله الصحفي في إزالة معالم الغموض عن الوقائع الماضية، وعليه اغتنم الفرصة ليسأل محمد فارح عما وصفه “انقلابا” قاده خريجو المعهد العالي للصحافة  على العمود الاجتماعي واستبداله بعمود “لحظة تأمل” في جريدة الشعب.
  • هذا ولم يغفل الإعلامي عبد العالي رزاقي اعترافه بفائدة ما كان يكتب الشيخ محمد فارح، بل اعتبره مدرسة لأبناء جيله مكنهم من تصحيح لغتهم وتفادي الوقوع في الأخطاء.
  • هذا واعتبر رزاقي استشهاد محمد فارح بالآيات القرآنية من خلال تصحيح الأخطاء تسويقا في حد ذاته للقرآن الكريم. كما اعتبر القالب الجامد والنمطي للعمود لم يكن للمتعة بقدر ما كان للتعلم في ذلك الوقت، مما جعل الصحفيين في يقظة دائمة لأجل تفادي الوقوع في الخطأ.
  •  
  • عبد القادر نور يتحدث عن “لجنة الخطابة”
  • “الشروق تكرم اللغة العربية في شخص محمد فارح”
  • توجه المدير السابق للإذاعة الوطنية عبد القادر نور بشكره الجزيل لجريدة الشروق على تقليد التكريم الذي -حسبه- رد الاعتبار للكثير من المجتهدين والفاعلين في الجزائر من مثقفين وعلماء ودعاة ومشايخ.
  • ووضع ما خزنته ذاكرته من أحداث ووقائع جمعته بمحمد فارح تحت تصرف الحضور من أصدقاء وعائلة المكرم قائلا “درسنا معا في معهد ابن باديس وكونّا لجنة للخطابة التي كانت تضم حوالي 18 عضوا وتلتقي كل يوم أحد “عطلة” بجبل الوحش، وكان فارح يصحح أخطاءنا ويهتم لإعادة صياغة العبارات. كانت فترة تكوين بالنسبة لنا حتى نؤثر في الجماهير، حيث كنا نتصيد المناسبات عند العودة من المعهد إلى قرانا ونتحدث إلى الناس ونحاول استثارتهم”. 
  •  
  • زبير طوالبي ينقل رسالتي الشيخ شيبان ويعترف
  • “محمد فارح… سيبويه الجزائر”
  • زبير طوالبي، أشاد كثيرا بفتح جريدة الشروق لبابها أمام كل النخب وجعل منبرها في خدمة العلماء لإعلاء صوت السلم وكلمة الحق، كما اغتنم الفرصة ليبلغ رسالتين بعث بهما الشيخ عبد الرحمن شيبان. الأولى للشروق ومديرها العام السيد علي فضيل يشكره فيها على المبادرة، والثانية لتلميذه محمد فارح، يعترف له فيها بنضال حافل بالإنجازات في سبيل لغة القرآن الكريم. وختم قائلا “تعلمنا عنه ونحن صغار الأخلاق ونحن كبار تعلمنا عنه حب العلم”.
  •  
  • عبد الحفيظ سماتي
  • “نبوغه في الأدب واللغة بمستوى ورعه في الفقه”
  • افتتح الأستاذ عبد الحفيظ سماتي كلمته بمثل شعبي مفاده “إذا جاء بائع التمر إلى السوق، فعلى بائع البلوط أن يرحل”، وأضاف “ما عساي أن أقول لكم وقد شهد جميعكم لمحمد فارح بالكرم والفضل، حتى أن كماله افظع الجميع من الأصدقاء والتلاميذ، ولكن نقيصته الوحيدة انه كريم”. هذا وذكر بمضامين لقاءاتهما بالمجلس الإسلامي الأعلى ونقاشاتهما الأدبية واللغوية وحتى الفقهية، ودعا الله أن يزيد في أدبه وعلمه وصحته.
  •  
  • الأستاذ محمد الهادي الحسني:
  • فارح كان يردد “ثلاثة يمنع عنهم اللحن: الأستاذ والصحفي والإمام”
  • أثنى الأستاذ والكاتب محمد الهادي الحسني في شهادته التي أدلى بها في حق الأستاذ محمد فارح على “الشروق” وقال إنها “مشكورة على تكريمها وتتويجها للعلماء وهم أحياء ونتمنى أن تكون أسوة حسنة لغيرها”. وقال الأستاذ محمد الهادي الحسني إنه واحد من الذين كان للشيخ فضل عليهم فقد فسح له صدر صفحته وكان حينها خجولا مترددا وبتشجيع منه وتصحيحه لأخطائه أنشأ منه خلقا آخر فـ”أنا مدين له وأكون جاحدا إن لم أعترف بهذا”، وفضل الهادي الحسني أن يسمي الشيخ في كلمته بالرسول اللغوي لما بذله من نضال من أجل نشر العربية السليمة السلسة، فقد دعا إلى حفظ اللغات، والأمة التي لا تمتلك لسانا لا تستطيع أن تحافظ على موروثها.
  • وفي ما حدّث به الأستاذ الهادي الحسني عن الأستاذ فارح أنه كان لا يتسامح مع ثلاثة أشخاص في اللحن والخطأ اللغوي، حيث كان دائما يردد “ثلاثة يمنع عنهم اللحن الأستاذ والصحفي والإمام فإن أخطؤوا على الدنيا السلام”، مضيفا انه كتلة من الأخلاق الطيبة اللطيفة والجميلة وهو لا يغضب إلا نادرا وإن كان كذلك فسطحيا .. صدره خال من الغل ولا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله ولا يحب أن ينسب إليه الناس فضلا لم يفعله. الهادي الحسني وفي تعديده أيضا لخصال الأستاذ فارح قال إن  كتابته تنفع ولا تمتع كما أنه قوّم كثيرا من الألسنة والأقلام.
  • أما عن تواضعه وبساطته، فقال إنه كان يدخل بيته في أي وقت أراد، دون حرج، وحرمه أيضا فيه، فقد “وافق شن طبقة” أو كما يقال عندنا بالعامية “مايتزاوجو حتى يتشابهوا”.
  •  
  • الأستاذ رشيد وزاني:
  • معلمّنا يمشي الهوينى لكنه يصل في الرتبة الأولى
  • عبر  الأستاذ رشيد وزاني عن شرفه بالدعوة التي وجهت إليه لحضور تكريم رجل نموذجي يحبه كثيرا، قائلا إن لقاءه به لأول مرة  كان سنة 1978 في ندوة تربوية لأساتذة اللغة والأدب العربي بتيزي وزو نظمها الأستاذ عبد الرحمان شيبان، وقدم حينها الأستاذ عرضا كان قيما ومحل مناقشة واسعة، غير أن الأستاذ لم يصل باكرا فقلق الجميع وخافوا عدم حضوره حينها تدخل الشيخ عبد الرحمان شيبان قائلا “سيصل في موعده ويلقي عرضه فهو يمشي هوينا ويصل أولا”، ويضيف الأستاذ رشيد وزاني  “نهج محمد فارح كان دائما التأني الذي يوصل بسلامة” واستطرد قائلا “تأثرت بمقالاته وحصصه  التي عالجت الكثير من أخطائي السقيمة، وشاءت الصدف بعدها أن أجالسه وأستفيد منه بصفة مباشرة، فالرجل مدرسة أعتقد أنه كاسمه فرح منشور في كل الأجواء التي يكون فيها أسأل الله أن يكون اليوم وغدا من الفارحين”.
  •  
  • الحاج حمروش يوسف
  • الأستاذ أوّل من أنشأ الصفحة المشكولة في جريدة الشعب
  • أكد الحاج يوسف حمروش الذي كان يشتغل بالقسم التقني لجريدة الشعب مع الأستاذ محمد فارح الذي كان يعمل بقسم التحرير، أن هذا الأخير هو أوّل من أنشأ الصفحة المشكولة في جريدة الشعب وكان يشرف عليها شخصيا، وأضاف أن العلاقة التي تجمعهما ببعض تتعدى علاقة الزمالة أو الصداقة، بل هي أخوة حيث أن عائلتيهما كانتا تتبادلان الزيارات بينهما، كما أن عائلة محمد فارح عائلة ثورية ومجاهدة قدمت الكثير أثناء الثورة التحريرية. 
  •  
  • الشيخ محمد المأمون القاسمي الحسني
  • “أُكبر في فارح حبه اللغة العربية، وحرصه على حسن استعمالها”
  • “أحيّي الجمع الكريم؛ وأتوجه بالشكر الجزيل لأسرة الشروق على هذه السنة الحميدة. فنحن نثمّن مبادرتها الموفقة؛ ونقدّر سبقها إلى تكريم أهل العلم ورجال الفكر، الذين كان لهم في مجتمعهم حسن الأثر وجميل الذكر؛ وقد أحسنت بتكريمها اليوم زميلنا الأستاذ محمد فارح؛ وإنه لجدير بهذا التكريم. لقد عرفته منذ سبعة وثلاثين عاما، فسعدت بصحبته؛ ووجدت فيه الصديق الوفي. أكبرت فيه وطنيته الصادقة، وغيرته على ثوابت الأمة، وحبّه اللغة العربية، وحرصه على حسن استعمالها. مسيرته العلمية والنضالية تشهد بذلك.
  • مقالاته الصحفية المتميزة كثير منها صالح لإعادة نشرها، للإفادة منها. وحبذا لو تتولى ذلك جريدة الشروق، التي نرجو لها دوام التوفيق والسداد، والله نسأل أن يمنّ على أخينا العزيز بموفور الصحة والعافية؛ وأن يجزيه عن خدمته لدينه وأمته خير ما يجزي به عباده المحسنين”.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!