-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

محيرقات‭ ‬البرلمان‭!‬

جمال لعلامي
  • 4771
  • 0
محيرقات‭ ‬البرلمان‭!‬

لم يبق من عُمر الدورة الخريفية للبرلمان، سوى بضعة أيام، وقد تكون آخر الأيام من عُمر العهدة البرلمانية، في حال عدم فتح الدورة الربيعية التي حتى وإن فـُتحت فإنها لن تكون طويلة، نتيجة موعد استدعاء الهيئة الناخبة لتجديد عضوية الهيئة التشريعية، ومن الضروري قبل ‮”‬غلق‮”‬‭ ‬أبواب‭ ‬ونوافذ‭ ‬البرلمان‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬قاب‭ ‬قوسين‭ ‬أو‭ ‬أدنى،‭ ‬تقييم‭ ‬البرلمان‭ ‬بالجملة،‭ ‬وحصيلة‭ ‬النواب‭ ‬بالتجزئة‭!.‬

ماذا قدّم البرلمان من ماي 2007 إلى ماي 2012؟، هل مثلّ النواب المواطنون أم مثـّلوا عليهم؟، هل حلـّل معشر النواب “فرتونة” الثلاثين مليونا التي يتقاضونها نظير رفع الأيدي؟، ماهي القوانين التي مرّرها البرلمان مضطرا أو مخيّرا؟، هل كان البرلمان غالبا أم مغلوبا على‭ ‬أمره‭ ‬أمام‭ ‬الحكومة؟،‭ ‬هل‭ ‬كان‭ ‬تابعا‭ ‬أم‭ ‬متبوعا؟،‭ ‬هل‭ ‬فرض‭ ‬المراقبة‭ ‬والمحاسبة‭ ‬والمعاقبة‭ ‬على‭ ‬نوابه؟،‭ ‬وهل‭ ‬امتثل‭ ‬الوزراء‭ ‬له‭ ‬وكانت‭ ‬الحكومة‭ ‬المُستمع‭ ‬المطيع؟‭.‬

سواء تعلق الأمر بدورة خريفية أو ربيعية أو شتوية أو صيفية، فإن لا أحد من النواب بإمكانه أن يخفي القحط والجفاف الذي أصاب النشاط البرلماني، خاصة في طبعته الأخيرة، الذي يعيش “سكرات الموت”، بعد خمس سنوات كانت لاستعراض العضلات، وللغياب عن الجلسات، وأيضا لرفع أجور‭ ‬النواب‭ ‬إلى‭ ‬عتبة‭ ‬لم‭ ‬يصدّقها‭ ‬البعض،‭ ‬وأغرت‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬على‭ ‬الترشح‭ ‬مجددا،‭ ‬وأثارت‭ ‬شهية‭ ‬مناضلين‭ ‬وحتى‭ ‬زوالية‭ ‬وأسالت‭ ‬لعابهم‭ ‬للترشح‭ ‬للعهدة‭ ‬الجديدة‭!.‬

في الغالب، رفع البرلمان المنتهية عهدته شعار: الله غالب، فلم يُطلق رصاصا ولا قنابل، وإنّـما فضل تفجير محيرقات “تخلع سعيد من بعيد”، وغير قادرة على المشاركة في تنقيح القوانين وتطبيقها، ومراقبة عمل الحكومة ووزرائها، وغير قادرة أيضا على تطعيم نشاط الهيئة التنفيذية‭ ‬بمرافقة‭ ‬المشاريع‭ ‬التنموية‭ ‬ومشاركة‭ ‬المجالس‭ ‬المحلية،‭ ‬البلدية‭ ‬والولائية‭!.‬

المهم الآن هو إقامة مراسيم دفن، تليق بتشييع “جنازة” برلمان 2007، حتى يتمّ ميلاد برلمان 2012، وفق مواصفات تبقى حلما ما لم يتحوّل إلى كابوس بعد ماي المقبل، ولن يتحقق ذلك، إلاّ إذا ظهر نواب بالقول والفعل، وليس ممثلون بارعون يمارسون “المسرح” السياسي والبرلماني‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬والدولة‭!.‬

يُمكن للبرلمان إذا كان “قادرا على شقاه”، أن يقدّم إضافات للبلاد والعباد، لكن أن يتحوّل إلى جثة هامدة تنتظر من يغسّلها ومن يدفنها ويقرأ على روحها الفاتحة ويدعو لها بالرحمة والمغفرة وأن يُسكن ذويها جميل الصبر والسلوان، فهذا ليس بوسعه إلاّ أن ينفـر من التشريعيات‭ ‬ويجعلها‭ ‬مجرّد‭ ‬ديكور‭ ‬يزوّق‭ ‬اللعبة‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تصبح‭ ‬بذلك‭ ‬غير‭ ‬مختلفة‭ ‬عن‭ ‬الألعاب‭ ‬النارية‭ ‬في‭ ‬الاحتفالات‭ ‬والمواسم‭!.‬

سيكون البرلمان القادم، مغايرا قلبا وقالبا للبرلمان “المرحوم”، والأهم في المهم، أن يكون مغايرا له في المضمون قبل الشكل، وقبل ذلك، في النوع قبل الكمّ، وأن يكون في خدمة الشعب وتحت تصرف الدولة، وليس هيئة يستغلها أعضاؤها وأحزابها لممارسة الضغط والابتزاز وجني الثمار‭ ‬تحت‭ ‬الطاولة،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬مرآة‭ ‬عاكسة،‭ ‬تظهر‭ ‬الحقائق‭ ‬كما‭ ‬هي،‭ ‬دون‭ ‬تبديل‭ ‬ولا‭ ‬تأويل‭ ‬ولا‭ ‬تهويل‭ ‬ولا‭ ‬تبهديل‭!.‬

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!