الرأي

مخاطر تفويت فرصة الانتخابات هذه المرة

حسان زهار
  • 1858
  • 9
ح.م

لن تكون مخاطر تفويت فرصة انتخابات 12 ديسمبر التي تم الاعلان عنها أخيرا، بنفس مستوى مخاطر الغاء انتخابات 4 جويلية، ولا الغاء أو إسقاط انتخابات 18 أفريل من باب أولى.

هذه المرة، الأمور أكثر تعقيدا وأشد خطرا، وقد ضاع وقت طويل في الجدل العقيم، والمزايدات والصراخ، بينما الجزائر كوطن في مفترق طرق حقيقي، تحتاج فيه من كل أبنائها الحنكة والتبصر أكثر من الحماس.

وحين نقول أن الانتخابات بشروط شفافيتها الكاملة في هذه الظروف، صارت الحل الوحيد، فلأننا نعلم بأنها الحل “الأكثر أمانا”، والطريقة الأسرع في فض المنازعات السياسية بين القوى المتصارعة، بينما تتزايد مخاطر البدائل الأخرى بشكل مضاعف، لأن المرحلة الانتقالية معناه الدخول في فترة إضافية أخرى (زيادة على 7 شهور التي ضاعت)، قد تمتد لأكثر من سنة ونصف أخرى، فضلا عن كون خيار المجلس التأسيسي لا يعني شيئا آخر، غير تهيئة الأرضية للدخول في صراعات إيديولوجية قد تضيع على البلاد سنوات بلا طائل.

وعليه، ينبغي أن يفهم الرافضون للانتخابات أنهم يخاطرون بالدخول في هذه الاحتمالات:

1/ التمديد للمرة الثانية لرئيس الدولة، واستجلاب فتوى دستورية مكملة، تصر معها السلطة السياسية على نفس المنطق في الذهاب للانتخابات مجددا، بما يعني أن الرافضين للانتخابات، هم من يساهمون في بقاء بن صالح وبدوي، من حيث أنهم يطالبون بذهابهما، وبالتالي لن يكون بمقدور هؤلاء إسقاط بقية “الباءات” في الفترة الإضافية الثانية، تماما كما عجزوا عن اسقاطهم من قبل.

2/ إمكانية إعلان الأحكام العرفية، على طريقة تقترب مما وقع في 1992، يتولى خلالها “مجلس دولة”، السلطة لمدة غير محددة، إلى أن تستتب الأمور، بما يعني تفويت فرصة تاريخية للانتقال الديمقراطي السلس، وتسليم الأمور بالكامل الى النظام القائم، بما يمنع مستقبلا أي أمل في التغيير.

3/ الدخول في حالة من الفوضى، يغيب فيها القانون، وربما تطور الأمر والعياذ بالله إلى محاولات تهدد الوحدة الوطنية، وسيكون إثم ذلك على الذين سبقوا مصالحهم ونزواتهم الشخصية على حساب المصالحة العليا للوطن، وقبلوا المغامرة بمصير البلاد فقط ليرضوا غرورهم وتعطشهم للسلطة.

ولذلك يظهر خيار الانتخابات هو الأكثر أمانا، لأن الانتخابات في الظروف الحالية، عبر التجنيد الشعبي لحماية هذه الانتخابات، وبالضمانات المتوفرة حاليا من سلطة وطنية للانتخابات، وتعديل قانون الانتخابات (حتى وإن لم تكن كاملة ومقنعة للجميع)، ستفرز لأول مرة في تاريخ الجزائر رئيسا منتخبا يمتلك على الأقل الحد الأدنى من الشرعية الشعبية، يخرج البلاد من أزماتها والمخاطر التي تحدثنا عنها في حال العزوف أو المنع، وتكون له القدرة الكافية لفتح ورشات الإصلاح الكثيرة المنتظرة.

الصورة بهذا تكون قد اكتملت، من يريدون المغامرة بالجزائر شرعوا مبكرا في وضع العصا على السكة، وهم مستعدون لإدخال بلادهم دائرة المخاطر التي قد تهدد وجودها كدولة، فقط لكي يقال عنهم “ثوريين” أو أنهم ضد النظام، حتى وان كان تاريخهم يشهد بأنهم هم من دعوا ودافعوا عن انقلاب التسعينيات.

أما الذين يريدون الجزائر بخير، الجزائر القوية، فيعلمون أن الديمقراطية ليست قرارا وإنما مسار، يحتاج إلى الوقت وإلى التضحيات ، وإلى تغيير الذهنيات كذلك.

فاللهم اهدنا “الطريق المستقيم”.. وجنبنا طرق الغواية ومنعرجات التأزيم.

مقالات ذات صلة