-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مقترح قانون على مستوى البرلمان يفجر الجدل

مخاوف فرنسية من المسؤولية الجنائية لجريمة 17 أكتوبر 1961

محمد مسلم
  • 1401
  • 0
مخاوف فرنسية من المسؤولية الجنائية لجريمة 17 أكتوبر 1961
أرشيف

يحتدم نقاش كبير بين البرلمانيين الفرنسيين على مستوى مجلس الشيوخ بشأن “مقترح قانون لإحياء ذكرى قمع الجزائريين في 17 أكتوبر 1961 والأيام التالية في باريس”، وهو المقترح الذي تقدم به نواب من الحزب الاشتراكي وحلفاؤهم من الخضر (اليسار).

ويدعو المقترح إلى الاعتراف بمسؤولية فرنسا في قمع المتظاهرين الجزائريين السلميين الذين خرجوا للمطالبة باستقلال بلادهم في باريس في 17 أكتوبر 1961 واحتجاجا على منعهم من التجوال ليلا في فرنسا دون سواهم، كما يقترح في مادته الثانية إحياء ذكرى سنوية تكريما لضحايا هذا القمع.

المشروع وفق ما جاء في النص الموجود على مستوى اللجنة المختصة بالبرلمان الفرنسي، هو عبارة عن “دعوة رمزية وتذكارية وليس جنائية منذ الأحداث التي وقعت قبل أكثر من ستين عاما”، وهو يؤكد على أن المتهمين بهذه الوقائع (الجرائم) شملهم العفو المقرر في عام 1962.

ويتحدث المشروع عن “إخفاء الحقائق من قبل جميع الفاعلين السياسيين (الفرنسيين)، لأسباب مختلفة”، غير أنه وبداية من العام 1986، بدأت الأعمال التاريخية تفضح المستور، على غرار تلك التي قام بها المؤرخان البريطانيان، جيم هاوس ونيل ماكماستر، فضلا عن مؤرخين فرنسيين، بالإضافة إلى مبادرات برلمانية وأخرى منسوبة للرئيس الفرنسي السابق، فرانسوا هولاند.

وانطلاقا مما سبق، يذهب مشروع القانون المقدم للنظر فيه، إلى اقتراح الذهاب إلى الاعتراف بمسؤولية الدولة الفرنسية في تلك الأحداث (الجرائم)، مع مراعاة العنف الحاصل من الطرف الآخر، والذي استهدف الشرطة الفرنسية في إشارة إلى المسؤولية المزعومة لجبهة التحرير الوطني، وهو الجدل الذي يثيره الفرنسيون كلما عاد النقاش حول جرائم الاحتلال في الجزائر.

ويتحدث المشروع القانوني عن “ارتكاب أعمال عنف غير قانونية خلال حملة القمع التي استهدفت مظاهرات 17 أكتوبر 1961 والأيام التالية”، لكنه يشدد على تفادي الخوض في طبيعة وتوصيف هذا القمع، الذي قد تنجر عنه مسؤولية جنائية وليس سياسية فقط للدولة الفرنسية.

هاجس الرافضين لهذا المقترح القانوني أو المتحفظين منه، أشارت إليه هذه الوثيقة التي اطلعت عليها “الشروق”، بما سمتها “الصعوبات المصاحبة له، والتي من شأنها أن تؤدي إلى مطالب جديدة، أو بروز سباق ذاكرات نرغب جميعًا في تجنبها”.

ويشير المسكونون بهاجس هذه التخوفات إلى أحداث وقعت في الجزائر وكان الأوروبيون (الأقدام السوداء) ضحية لها، فيما كان المتهم هو الجيش الفرنسي، ويشار هنا إلى الأحداث التي وقعت في شارع العربي بن مهيدي (ديزلي سابقا) بعد 19 مارس 1962، وكذلك ما حدث في 5 جويلية من السنة ذاتها بوهران.

ولا يزال مقترح القانون قيد النقاش على مستوى اللجنة المختصة بمجلس الشيوخ، والملاحظ في الوثيقة أن المشرعين الفرنسيين، وعلى الرغم من أن هذا المقترح لا يحمل الكثير انطلاقا مما ينتظره الجزائريون، إلا أن المشرعين الفرنسيين، أبدوا الكثير من الحذر في معالجة هذا الملف خوفا من توظيفه من قبل الجزائر في حرب الذاكرة المندلعة بين البلدين منذ عقود.

ومن المسائل التي ركز عليها المشرعون الفرنسيون تفادي كل ما من شأنه أن يفتح المجال أمام المسؤولية السياسية والجنائية للدولة الفرنسية في الجرائم التي اقترفها الاستعمار الفرنسي في الجزائر، حتى تتجنب المساءلة القانونية التي يطالبها بها الجزائريون، والتي تنجر عنها مطالب أخرى مثل التعويض عن الجرائم وعن النهب الذي طال مقدرات البلاد على مدار أزيد من قرن من الزمن.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!