-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مذبحة مليلية

سميرة بلعمري
  • 2422
  • 0
مذبحة مليلية

خرج الاتحاد الإفريقي عن صمته وأدان مذبحة مليلية والمعاملة العنيفة والمهينة للمهاجرين الأفارقة على الحدود المغربية الإسبانية وأسفرت عن مقتل عدد كبير منهم، وسط صمت مطبق للإتحاد الأوربي تجاه الجريمة المقترفة على حدود أحد أعضائه، هذا الإتحاد المنهمك في تحضير مقعد لأوكرانيا للإقامة النهائية في بيته، في مشهد يعيد للواجهة النقاش حول موضوع حقوق الإنسان وسياسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير وصفقة ملك المغرب مع رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز.

يبدو أن مضمون صفقة المقايضة الرخيصة المبرمة بين محمد السادس وسانشيز بدأت تتضح، والأكيد أن ما أقدمت عليه السلطات المغربية من تقتيل للأفارقة على أراضيها يقع في قلب هذه الصفقة، فالرباط التي تستقطب المهاجرين الأفارقة بصفة رسمية كزبائن لخطوطها الجوية وبتأشيرات حقيقية، تنحرهم قربانا لإرضاء حليفها الجديد، والمملكة التي أجازت لنفسها عائدات المخدرات والدعارة وغيرها من العائدات غير المشروعة يستغلّ طعم المهاجرين لممارسة الابتزاز السياسي، والمملكة التي ترخص للأفارقة بدخول أراضيها تلعب في الوقت نفسه دور دركي الإتحاد الأوروبي في حماية حدوده الخارجية الجنوبية.

جريمة موثقة بالصورة والصوت تلك التي ارتكبتها سلطات الرباط الجمعة الماضي في حق الشباب الأفارقة المغرر بهم من طرفها، لا لشيء سوى لأن هؤلاء يرغبون في الحصول على فرص عمل والذين يجدون أنفسهم عند الوصول للمغرب تحت رحمة المخزن الذي يستغلهم كورقة ضغط ضد الإتحاد الأوربي عبر البوابة الإسبانية، هذه الورقة التي تحاول المملكة لعبها مجددا لحماية سانشيز المنبوذ من قبل هيآت بلاده بعد عقد الزواج الكاثوليكي الذي جمعه بمحمد السادس.

التحالف غير الطبيعي بين المملكتين الإسبانية والمغربية، بدأت تفوح رائحته النتنة؛ فبيع سانشيز القضية الصحراوية رغم أنف الإسبان، بدأ يقبض ثمنه من المغرب بملف الهجرة غير الشرعية، وخير دليل على ذلك صمت الإتحاد الأوروبي الذي تدخّل بالأمس القريب فقط فيما لا يعنيه عندما تعلق الأمر بممارسة الجزائر لسيادتها في تعليق اتفاقية الصداقة مع مدريد.

الإتحاد الأوروبي الذي لم يحرِّك ساكنا إلا باستحياء حيال مجزرة الناظور، وفضَّل الفرجة على شباب يُقتل جهارا نهارا، هو نفسه الإتحاد الأوروبي الذي أقام الدنيا ولم يقعدها بخصوص الملف الأوكراني، وهو نفسه التجمع الأوروبي الذي حجز مكانا لأوكرانيا للإقامة في بيته قريبا لحمايتها، في اعتراف ضمني أن النزاع الأوكراني الروسي ما هو سوى مواجهة كبرى  بين دول تسعى للسيطرة على القرار الدولي أو  المشاركة فيه.

صمت إسبانيا التي تعدُّ أحد أرقام الإتحاد الأوروبي، عن مذبحة الناظور يعدّ اعترافا بأنها طرفٌ في العملية الإرهابية التي نُفذت بأيد مغربية، ولو أن هذا الفعل الإجرامي لا يعدُّ سابقة، فالتاريخ سجل للاثنين مجازر موحدة، ومنها أحداث أكتوبر 1975، عندما كان الشعب الصحراوي لا زال يضمِّد جراح الحرب ضد  المستعمِر الاسباني، كيف قررت المملكة الزج بعساكرها، ودباباتها، وطائراتها على أرض الشعب الصحراوي في اجتياح عسكري تبنى سياسة الأرض  المحروقة التي شرّع لها ملك المغرب الحسن الثاني.

المغرب وقبلها اسبانيا سبق لهما أن قتلا آلاف النساء  والأطفال والشيوخ العزل ودفن مئات الأحياء في مقابر جماعية، لنهب خيرات الصحراء الغربية، ذلك لأن  تجار الحرب من عينة هاتين الدولتين، لا يعترفون بحقوق الإنسان والشعوب، إلا عندما يتعلق الأمر بحلفائهم ومن يدورون في فلكهم، ولعلَّ مذبحة الناظور هي جزء من كلّ عند الحديث عن الانتهاكات المغربية العديدة، والحقائق المفزعة والصارخة المرتبطة  بممارسات دولة الاحتلال كدولة متمردة على الشرعية  الدولية لا تحترم عهودا ولا التزامات.

نظام الرباط التوسُّعي الذي فاوض اسبانيا ومارس الابتزاز السياسي مؤخرا عليها، باعتراف مختلف الهيآت الرسمية لهذا البلد، خرج للعلن هذه المرة ولم يتحرج في إشهاد العالم على جرائمه، وممارسة نزعته الشوفينية الاستعمارية، بعد أن كان لا يبالي بإبادة الشعب الصحراوي على مرآى ومسمع منظمة الأمم المتحدة، وبعثتها لتقرير المصير، أصبح لا يبالي كذلك بإبادة ونحر الأفارقة قربانا لسانشيز، ولأطماعه التوسُّعية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!