-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
قصص نجاح واقعية رصدتها "الشروق" مفتاحها بر الوالدين

مسؤولون ورجال أعمال يرتمون في أحضان أمهاتهم!

وهيبة. س
  • 1962
  • 0
مسؤولون ورجال أعمال يرتمون في أحضان أمهاتهم!
أرشيف

“العين لا تعلى على الحاجب”.. هذا حال الأبناء مع الأمهات، فهم يكبرون ويتقلدون المناصب ويسافرون ويتزوجون، إلا أن ذلك الحنان والصدر الرحيم، والحب الفياض للأمهات يبقى يشدهم حتى في أرذل العمر.
لا غرابة أن تجد قيادات وشخصيات رجالية، وفاعلين في مجالات اقتصادية واجتماعية، ووزراء وحتى رؤساء دول يرتمون على صدر الأم !.. يتركون مهامهم ومسؤولياتهم في أحرج الأوقات، ويهرعون إلى تلك الكتلة من الحنان والعطاء، بمجرد أن يسمعوا أن عضوا واحدا من جسدها يتألم، أو أن مكروها لحق بها، فهم من الأبناء البررة، يجاهدون لرد ولو جزء صغير مما فعلته الأم لأجلهم.
وفي الجزائر رغم وجود فئة من رجال رموا بالوالدين في دور العجزة، هناك من “الفحولة”، لم تنسيهم المسؤوليات، ولا الأموال ولا العيش في دول أجنبية تعمها المغريات، ولا الزوجات الجميلات، ولا الأولاد، فظلوا أطفالا وهم كبارا، صوتهم يعلو أمام الغير، لكنه ينخفض جدا أمام تلك المرأة العظيمة التي ضحت وسهرت ليال لأجل فلذة كبدها.
ومن خلال القصص الواقعية لشخصيات رجالية سياسية وحكومية واقتصادية جزائرية، جمعتها “الشروق”، من رئيس الجمعية “حنان ” لمساعدة الأشخاص المسنين، سعيد هواري، ومن مصادر أخرى، يتبين أن الذكور قد يكونون أحن في بعض الحالات عن الأم من الإناث.

قنصل ببلجيكا يطمئن على والدته يوميا عبر الكاميرا
قصة قنصل جزائري ببلجيكا مع والدته، تعكس طيبة الرجل الجزائري، وبره بوالديه، فمهما يبعد أو يتقلد المسؤوليات، ويغرق في شتى مفاتن الحياة، لكنه يبقى ذلك الخيط يربطه بأمه.
ورغم أن هذا القنصل لم يستطع أن يكون مع والدته البالغة حاليا 93 سنة، إلا أنه استغل الجانب المادي والتطور التكنولوجي ليعيش معها عن بعد لحظات من حياته، فقد وفر لأخته الماكثة في البيت معها، هاتفا ذكيا مزودا بكاميرا، ليقتطع من وقته يوميا ساعات يتحدث معها ويحكي لها قصصا تسليها وتضحكها.
وكما عمل القنصل الجزائري ببلجيكا، على أن تكون شقيقته في أريحية تامة، حيث خصص لها راتبا شهريا، لكي تبقى دائما إلى جانب والدتهما، وكلف مختصة في علم النفس برعايتها والاستماع لها من خلال حصص دورية، علاوة عن توظيف امرأة خصيصا لتحكي لها قصصا مسلية.
وقال رئيس جمعية مساعدة الأشخاص المسنين، سعيد هواري، إن هذا القنصل يدعم جمعيته ويطلب منها أن تتكفل برعاية والدته من خلال تنظيم رحلات سياحية لها، أو التنزه بها في الحدائق، وأن يكون لها ذلك كل 15 يوما.

إطار في “كناص” يضع رأسه في حجر والدته لتداعب شعره
قصة أخرى لإطار في الصندوق الوطني للتأمينات، لم يتخل عن مداعبة والدته “فطومة” لشعره، رغم تقدمها في السن، فهي تبلغ حاليا 86 سنة، إلا أنها باتت تلك المرأة المدللة، وفر لها ابنها البار كل شيء، حتى أنه خصص شقة لها وجهزها بعتاد طبي فأصبحت مثل مستشفى مصغر!
ويخصص هذا الإطار وقتا خارج عمله، وحسب شهادة سعيد هواري، ليعيش لحظات الطفولة المسترجعة مع والدته، فيضع رأسه في حجرها، ويطلب منها أن تداعب شعره قائلا “افليلي القمل”، محاولا إضحاكها.
وتقوم والدة هذا المسؤول بسرد قصص، وأشعار تمدح فيها ابنها، وكأنه طفل لم يتجاوز الـ5 سنوات، إلا أنه ذلك الرجل الشهم الذي أخذها إلى الحج ورعاها بين أولاده وزوجته.

“كل ما تتمناه يشريه لها”!
ولم ينس أحد الإطارات بالشركة الوطنية للسكة الحديدية، فضل والدته عليه، فقد يسعى دائما لأن يعوض لها تلك السنوات التي شقت خلالها من أجل تربيته وتعليمه.
وتوفيت زوجته تاركة له الذكور، فوجد نفسه مضطرا لأن يوظف خادمتين لأبنائه ووالدته البالغة من العمر 78 سنة، ويقوم هو شخصيا بتنظيفها عندما تدخل لقضاء حاجتها، حيث سخر حياته لأجلها، رافضا أن يتزوج مرة أخرى.
وحسب ما تقصه والدته التي تخرج لرحلات سياحية تنظمها جمعية مساعدة المسنين، فإن ابنها حمل شعار “اشتري لوالدتي كل ما يتمناه قلبها”، وينفذ ذلك من دون ملل ولا كلل.

يستغني عن حقه في الميراث لأجل والدته
وحكاية أمين عام سابق بإحدى الوزارات، تكشف أن هناك الكثير من المسؤولين لا يستغلون النفوذ والسلطة في السيطرة على باقي أفراد العائلة، ولا يتجبرون أمام الوالدين، فقد تنازل هذا الإطار في الدولة عن حقه في الميراث، وأملاكه الخاصة لأجل راحة والدته.
والقضية بدأت عندما توفي والده، وترك ثروة، فقررت الأم أن تقسمها على ابنتيها، حارمة الأبناء الذكور الثلاثة من النصيب الأكبر للميراث، الأمر الذي جعل اثنين من أبنائها يعادونها ويقاطعونها، فرفض الابن الثالث وهو الأمين العام في إحدى الوزارات، معاداة والدته البالغة من العمر 76 سنة.
وقرر أن يتنازل على النصيب الخاص به من الميراث، وبعض أملاكه الخاصة، لتعويض شقيقيه، وإرضائهما، وإزالة الغضب عنهما، طالبا منهما أن يتصالحا مع الأم التي تبقى دائما تلك المرأة التي أعطت وضحت ولها من الحكمة ما يكفي لقبول قراراتها.
ويعيش الآن هذا الإطار في الخارج رفقة والدته، ويتمتع بمشروع استثماري، تمكن من خلاله تعويض كل ما تنازل عنه لإخوانه.

يشتري شقة لوالدته ويضع تحت خدمتها امرأتين
وقصة خالتي الطاوس، بدأت بمأساة وانتهت بفرحة أدخلها إلى قبلها ذلك الابن الذي هاجر وعاش بكندا، أين أصبح مستثمرا كبيرا، لكنه رغم كل ذلك لم يستغن عن والدته.
ووجدت خالتي الطاوس نفسها بدون مأوى بعد أن سقط منزلها، وتزوجت ابنتاها، في هذا الوقت لم يكن يعلم الابن المتواجد في كندا بما وقع لها، ولكن بعد أن اتصلت به جمعية مساعدة الأشخاص المسنين “وفاء”، ترك وراءه كل شيء وجاء إلى العاصمة أين اشترى لها شقة ووضع تحت خدمتها امرأتين تعتنيان بها.
كما عوض لها كل تلك الأوقات الأليمة، فحجز لها لمدة شهر في فندق فخم، وتجول بها عبر عدة ولايات جزائرية، واشترى لها كل ما تتمناه نفسها.

وصية أم تنقذ 18 متشردا من الشارع!
ولرئيس جمعية مساعدة المسنين “وفاء”، سعيد هواري أجمل حكاية عن الأمهات، فقد تركت له والدته عمارة تتكون من 18 شقة تقع في وسط العاصمة، وقبل أن تتوفى سنة 1980، اشترطت عليه في وصيتها، أن يهدي العمارة للمساكين والمحتاجين.
ولم يعرف وقتها كيف يتصرف السيد سعيد هواري، ليجد أشخاصا يستحقون أن تهدى إليهم هذه الشقق مجانا، وفي أحد الأيام تقدم نحوه متسول، وهو يجلس إلى طاولة المقهى، فتطور بينهما الحديث إلى أن قص له ذلك المتسول ظروفه القاسية وكيف وجد نفس متشردا.
وما كان على سعيد هواري إلا أن يوظفه لتنظيف وحراسة تلك العمارة، تاركا له شقة تقع في الأسفل يسكن فيها، وقام بعدها بتزويجه، وبمقابل ذلك فتح العمارة لاحتواء أشخاص بدون مأوى، اين استقروا بعدها وتزوجوا.
وأوضح رئيس جمعية “وفاء”، أن عمارة والدته كانت أول دار رحمة في الجزائر، بعدها تم تنظيم “تليطون” سنة 1992 لتفتح دار الرحمة ببئر خادم، وأخرى في قسنطينة، وثالثة في وهران.
وقال إن جمعيته تأسست سنة 1986، بعد صدور قانون الجمعيات الذي أعطى الحرية لتأسيسها، ولذلك أصبحت وصية والدته أول خطوة لعمله الخيري الذي اسماه “وفاء”.

بكيس نور الدين: الأم هي الأمان عند أغلب الجزائريين
أكد الخبير في علم الاجتماع نور الدين بكيس، أن أغلب الجزائريين يشعرون في حضور الأم بنوع من التوازن النفسي والاجتماعي، لأن طبيعة التنشئة الذكورية في المجتمع العربي والجزائري خاصة، تعتمد على فكرة الرعاية والحماية والقرارات الصائبة التي تأتي من المرأة والأم بصفة خاصة.
وقال بكيس إن الرجل الجزائري يظهر مستقلا وقويا وله مكانة اجتماعية، ولكنه يبقى ذلك الطفل الذي يحتاج لمرافقة الأم وقرارها وحمايتها، فهو يحدد قيمة نفسه من خلالها، ويحتاج إلى رضاها ويتنافس داخل الأسرة للفوز بهذا الرضا، موضحا أن الدور الديني له فعالية في ذلك، حيث أن التوازن النفسي والراحة الداخلية يكون بوجود هذه الأم.
وأشار الخبير في علم الاجتماع إلى أن علاقة الأم الحميمية بأبنائها هي من طبيعة الأسرة الجزائرية، فهي تعتبر وسيلة التواصل، يكشف لها الإبن مهما كبر عن كل المشاكل ونقاط الضعف، ويطلب منها الحلول والقرارات، وتستمر بعض علاقات الرجال مع أمهاتهم في إطار تأنيب الضمير، خاصة عندما يقع لهم مشاكل وأزمات.
وقال نور الدين بكيس إن طبيعة الرجل الجزائري اتكالية، ففي الكثير من الأحيان المرأة هي من تقوم بخدمته، ولا يستطيع فعل شيء بدونها، وتكون الأم الأكثر خدمة له في حياته، فيبقى مرتبطا بها حتى في كبره، وهذه الطبيعة تتحول إلى نوع من الحماية إلى درجة أن الأم هي من تصدر أكثر القرارات.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!