مستثمرون أجانب هرّبوا ملايين الدولارات إلى الخارج باسم تحويل أرباح

تمكنت شركات هولندية وهندية وسنغافورية بالتعاون مع أشخاص جزائريين، من تهريب ملايين الدولارات من الجزائر نحو الخارج عن طريق بنك أمريكي معتمد في الجزائر، من خلال عمليات جد معقدة مرورا بالهند وسنغافورة تحت غطاء تحويل الأرباح إلى الخارج المنصوص عليها في قانون الاستثمار الجاري العمل به، على الرغم من عدم تسويتها لنزاع ضريبي مع وزارة المالية، بحسب وثائق رسمية بحوزة “الشروق” بينت أن الأموال انتهت إلى حساب بالعملة الأوروبية الموحدة في بنك “رويال بنك أوف سكوتلاند”، باسم “ل. بي . في”.

وينص قانون الضرائب على منع أي شركة أجنبية عاملة بالجزائر من تحويل أرباجها بشكل جزئي أو كلي قبل تسوية المستحقات الضريبية والجبائية المنصوص عليها بموجب القانون، في حين تمكنت الشركات الهولندية من تحويل مبالغ ضخمة بالدولار الأمريكي من الجزائر نحو دول أوروبية وأسيوية، ومنها هولندا والهند وسنغافورة تحت بند إسداء خدمات خارجية لصالح الشركات المتواجدة في الجزائر، والمتمثلة في “إينيال” و”أل.تي .أم” المتخصصة في صناعة المواد الكمياوية لأصحابها (أل. بي. في) و(جيمس. تي) و( س .م) و(ف.ا ب( و(م . م. ط) و(ن.م. أ) و(م.ر) و( ك.ك) من جنسيات هولندية وبريطانية ومغربية وجزائرية.

وكشف الملف الذي بحوزة “الشروق”، أن الأسماء المستفيدة من التحويلات التي تمت إلى الخارج تتغير من سنة إلى أخرى، فضلا عن وجود أسماء لأشخاص يتواجدون في السجن بالجزائر بسبب متابعتهم في قضية البنك الصناعي والتجاري الجزائري التي لم تفصل فيه العدالة الجزائرية بشكل نهائي على الرغم من تصفية البنك الخاص بأمر قضائي سنة 2005،

وبالعودة إلى التفاصيل، يشير الملف إلى أن الشركة لجأت إلى توقيف موظفيها من جنسية جزائرية العاملين بقسم المحاسبة والمالية، واللجوء إلى إبرام عقد مع شركة “كابجيميني” المختصة في الاستشارة والخبرة المالية والتي مقرها بنغالور في الهند، في الوقت الذي ينص قانون الاستثمار الجزائري على منع اللجوء إلى الخبرة الأجنبية في حال توفر خبرات محلية، والغريب أن الجزائر تتوفر على آلاف الخبراء المختصين في المحاسبة والمالية، وهنا يطرح السؤال لماذا ترفض الشركات الأجنبية اطلاع الجزائريين على حساباتها الحقيقية؟

وتبين الوثائق المحاسبية والمراسلات التي بحوزة “الشروق” أن الدفع للشركة الهندية يتم بالعملة الأوروبية بصفتها شركة أجنبية عبر بنك “أش أس بي سي” لندن، مع ملاحظة الصمت المطبق للسلطات الرقابية التابعة لوزارة المالية ومصالح بنك الجزائر والجهات الرقابية الأخرى ذات الصلة بمراقبة حركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، على الرغم من أهمية المبالغ المهربة قبل تصفية المستحقات الضريبية والجبائية، والتي تقدر بحسب الوثائق بـ12.831 مليون دولار.

وتبين الأرقام الخاصة بمستوى الأجور في الفترة بين 2005 و2008 كيف يتم التحايل على القانون الجزائري، ومصالح الضرائب من خلال التصريح بتراجع كتلة الأجور من سنة إلى أخرى خلال الفترة المذكورة، في حين لم تتوقف عملية تحويل الأرباح إلى الخارج، حيث تم التصريح برقم أعمال في حدود 343 مليون دج سنة 2005 و324 مليون دج سنة 2006 ثم 320 مليون دج سنة 2008، في الوقت الذي يفترض أن تتوسع الاستثمار بشكل يبرر تطور رقم الأعمال والأرباح المحولة إلى الخارج من قبل الشركاء المذكورين، وهو ما يخفي وجود مخطط دقيق لفضائح تهريب أموال من الجزائر عن طريق منح صلاحيات كاملة لمسؤولين محليين من جنسية جزائرية للاختباء وراءهم في حال انفجار فضيحة تهريب الأموال إلى الخارج من خلال التلاعب في الحسابات والتهرب الضريبي وطرد العمال الجزائريين، ومناولة نشاط المحاسبة والمالية لشركات أجنبية في الهند وسنغافورة وتزوير سجلات تجارية جزائرية بأسماء أشخاص وهميين بالاعتماد على شبكات مختصة للحصول على جميع أنواع السجلات التجارية الضرورية، وبرمز النشاط المطلوب مقابل مبالغ لا تتعدى في أغلب الأحيان 30 ألف دج للسجل التجاري “المضروب” الذي يمكن الحصول عليه من الشبكات المتخصصة التي تنشط في الجزائر العاصمة في أقل من يومين.