الرأي

مشكلتنا مع حرف السين!

محمد سليم قلالة
  • 1615
  • 3
أرشيف
عبد العزيز جراد

اقترِحُ للشروع في إعادة الثقة بين المواطن وحكومته أن يتم حذف حرف السين من عبارات المسؤولين.. أن تَمنع الحكومة أي مسؤول من قول سنقوم بهذا الأمر أو ذاك أو سيتم تقديم هذه الخدمة أو تلك حتى وإن رافقته تلك العبارة التي مَلَّ منها الجزائريون ولم تعد تعني لهم شيئا: في القريب العاجل أو خلال أشهر أو قبل نهاية السنة الجارية…

ما يضرّ الحكومة أن تَمنع جميع المسؤولين في كافة المستويات من حذف حرف السين أو سوف من قاموسهم اللغوي واستبدالها بعبارات تكون جميعها مبنية على الماضي: أنجزنا بالأمس، رفعنا البارحة أجور عمال التربية، تم صب الزيادات في المنح الخاصة بذوي الاحتياحات الخاصة، تم إسكان ألف عائلة، تم فتح مستشفى الطفولة والأمومة منذ أسبوع… الخ؟

ما الذي يمنع الحكومة من منع وزرائها أو أي مسؤول من زيارة مرفق من المرافق بعد حل مشكلته وليس قبلها والتباكي مثل أي مواطن على الوضع القائم؟

وزير الصحة ينبغي ألا يظهر في التلفزيون وهو يُعاين النقائص، إنما وهو يعاين النتائج التي حققها بعد أن يكون قد اطَّلع على النقائص ميدانيا وعالجها قبليا، ولا بأس أن تُذكِّرنا وسائل الإعلام في آخر الخبر بما كان عليه القطاع…

ووزيرُ التربية ينتظر حتى يُنجَز القسم النموذجي الذي يتحدث عنه ويُصبح عمليا، ثم يقول فعلنا كذا وكذا ولا يسبِّق القول على الفعل. وهكذا من أعلى مستوى في المسؤولية إلى أدناه ينبغي أن يكف الجميع عن الوعود مهما كانت ثقتهم في النتائج، بل وأن لا يقدِّموا وعودا حتى ولو كانت صادقة. كثرة الوعود الكاذبة هي التي حطّمت الثقة بين الحاكم والمحكوم… ويبدو أنها مازالت عادة سيئة مُكتسَبة إلى اليوم علينا التخلي عنها في أقرب الآجال.

الرئيس الراحل هواري بومدين يتخذ جميع الإجراءات التي تتعلق بتأمين المحروقات ويؤمِّمها في الميدان ويتخذ جميع الاحتياطات بعد التأميم، ثم يقول “قرّرنا”، ولم يكن يقول سنُقرِّر أو سنُؤمم أو سنفعل كذا وكذا…

هذه الروح في التسيير ينبغي أن تعود إذا أردنا للأمل أن يعود للناس.. أما إذا استمرت عبارات التسويف هي الطاغية واستمر المسؤول يشتكي من الأوضاع، مثل المواطن الغلبان، والإعلام ينشر شكواه وتَذمُّره كما في حصة المواطن يقول، فإن ذلك مؤشرٌ على بقاء الوضع على حاله، وعلى استمرارية أسلوب الرداءة في العمل وفي التعامل مع الناس.

القطيعة ينبغي أن تتم فعلا مع ممارسات الماضي، لا أن نتحدث عن أنها سوف تتم.. حرف السين هذا أصبح بحق يؤرقنا.. ويؤرقنا أكثر عندما نعرف بأنه أصبح كل السياسة.. بل وحتى كلمة سياسة تبدأ بالسين.

مقالات ذات صلة