-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مصالحات عاجلة لا بدّ منها

سلطان بركاني
  • 1183
  • 0
مصالحات عاجلة لا بدّ منها

فرصة إدراك رمضان، هي نعمة من أجلّ نعم الله على بعض عباده، يدلّ على ذلك ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه صعد المنبر يوما، فقال: آمين، آمين، آمين، فلما نزل سئل عن ذلك، فقال: “أتاني جبريل، فقال: رغم أنف امرئ أدرك رمضان فلم يغفر له، قل: آمين، فقلت: آمين”.. فرصة لمغفرة الذّنوب، وبدء صفحة جديدة من حياة جديدة.. فرصة لتنظيم الحياة وإنهاء الفوضى التي تميّز واقع كثير منّا.. فرصة ليصلح العبد ما بينه وبين الله، وما بينه وبين والديه، وما بينه وبين أرحامه وإخوانه من حوله.

 رمضان فرصة لإعلان أصدق توبة في العمر.. توبة تكون بداية لعمر جديد وحياة جديدة وطريق جديدة.. توبة تغفر بها ذنوب العمر، ويحسّ معها العبد المؤمن بخفّة في نفسه وروحه وانشراح في صدره، يشعر لكأنّه ولد من جديد وأنّ جبالا من الذّنوب قد انزاحت عن كاهله، وهو يستحضر قول الحنّان المنّان سبحانه: ((وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى))، وقوله سبحانه: ((إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)).

رمضان فرصة للتصالح مع الصّلاة، ليبدأ العبد المؤمن عهدا جديدا مع أهمّ ركن من أركان الإسلام العملية، فيجاهد نفسه على المحافظة عليها في أوقاتها، وعلى الخشوع فيها، والتنعّم بها بدل استثقالها ونقرها، وهو يستحضر أنّ صلاح دنياه واستقامة حاله وبركة عمره وسعادة قلبه وهدأة روحه؛ كلّ هذه مربوطة بالمحافظة على الصّلاة، قال تعالى: ((قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ*الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ)).

رمضان فرصة للتصالح مع بيت الله، بعد أشهر متتالية من الهجر والإعراض.. فرصة لمجاهدة النّفس على التعلّق بالمسجد، وعلى حثّ الخطى إلى أحبّ البقاع إلى الله: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾.

شهر القرآن، هو أفضل وأسنح فرصة للتصالح مع كتاب الله، للتّوبة إلى الله من هجر كتابه، لإسعاد القلب ومداواة النفس بكلام الله.. ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ﴾.. ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾.

رمضان فرصة للتصالح مع ذكر الله، مع قيام اللّيل. فرصة لكفّ العين عن النّظر إلى الحرام. فرصة لسجن اللّسان وكفّه عن الغيبة والحديث في أعراض النّاس وعن اللّغو والكلام الذي لا يرجى نفعه. يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: “ما شيء أحقّ بطول سجن من اللّسان”.. ألسنتنا أوردتنا المهالك، وربّما إن لم نتب إلى الله، ونربّها في رمضان، فستوردنا المهالك في الآخرة: “وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلسِنَتِهِمْ؟”

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!