-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
صعوبات تواجه الحزب الشعبي لتشكيل الحكومة

مصير العلاقات بين الجزائر وإسبانيا معلق إلى إشعار آخر

محمد مسلم
  • 11544
  • 0
مصير العلاقات بين الجزائر وإسبانيا معلق إلى إشعار آخر
أرشيف

مثلما كان متوقعا، خسر رئيس الحكومة الإسبانية، وزعيم الحزب الاشتراكي العمالي، بيدرو سانشيز، الانتخابات التشريعية المسبقة التي جرت الأحد 23 جويلية 2023، أمام منافسه وغريمه الحزب الشعبي اليميني بقيادة ألبيرتو نونيث فايخو، غير أن النتائج لم تكن حاسمة بالشكل الذي يمكن أي من الحزبين من تشكيل الحكومة بمفرده، ما دفع المراقبين إلى ترقب إعادة هذه الانتخابات في شهر نوفمبر المقبل.
ولم تكن الانتخابات التشريعية الإسبانية مهمة بالنسبة للجزائر، لو لم تكن العلاقات الثنائية تمر بقطيعة غير مسبوقة، بسبب انحراف موقف حكومة مدريد بقرار شخصي من بيدرو سانشيز، بشأن القضية الصحراوية السنة المنصرمة، ما تسبب في سحب الجزائر لسفيرها من إسبانيا وتبعها فرض عقوبات اقتصادية على مدريد كانت لها تداعيات وخيمة على الاقتصاد الإسباني.
أهمية الانتخابات التشريعية الإسبانية بالنسبة للجزائر، نابعة من قرار الرئيس عبد المجيد تبون وقف أي تواصل مع الحكومة الإسبانية في ظل حكومة بيدرو سانشيز، بسبب “موقفها غير الودي”، وهو ما جعل كل من الجزائر والنظام المغربي يتابعان باهتمام بالغ نتائج هذه الانتخابات، باعتبارها حاسمة لمصير الحكومة المنتهية. فهل ستصب هذه النتائج في اتجاه ما كانت تنتظره الجزائر؟
يتعين على الحزب الشعبي الذي حصل على 136 مقعد المفضل من قبل الجزائر، وحليفه “حزب فوكس” اليميني المتطرف الفائز بـ33 مقعدا، الحصول على 176 مقعدا من أجل قيادة الحكومة دونما مساع لإبرام تحالفات مع أحزاب أخرى صغيرة، لأنه حصل رفقة حزب “فوكس” مجتمعين على 172 مقعدا بدعم بعض الأحزاب الصغيرة، فيما حصل حزب بيدرو سانشيز على 122 مقعدا فقط، وحليفه “سومر” على 31 مقعدا، أي 153 مقعدا.
ويعتبر طرح الحزب الشعبي الأفضل بالنسبة للجزائر، لأنه وعد خلال الحملة الانتخابية باستعادة العلاقات معها، كما وعد بتصحيح الموقف الإسباني من القضية الصحراوية عبر العودة للقانون الدولي، وهو ما كان الجانب الجزائري ينتظره. وبالفعل فإن نتائج الانتخابات التشريعية تخول ملك إسبانيا، فيليب السادس، دعوة رئيس الحزب، ألبيرتو نويث فيخو، لتشكيل الحكومة.
يقول المحلل السياسي طالب علي سالم، المقيم في إسبانيا لـ”الشروق”: “إن مفتاح تشكيل الحكومة المقبلة، هو حزب كتلاني صغير حصل على سبعة مقاعد، ذو نزعة انفصالية. إذا قرر هذا الحزب دعم الحزب الشعبي فإنه سيشكل الحكومة المقبلة من دون صعوبة، والمشكل في هذا الحزب هو أن أمينه العام يتواجد في بروكسل لاجئا سياسيا، ومتابع من قبل العدالة الإسبانية، بسبب مواقفه المطالبة بالانفصال عن إسبانيا”.
ويضيف: “الشرط الذي طرحه في تصريحه من بروكسل، وهو التحالف مع من يقبل إقامة استفتاء في كتالونيا من أجل انفصالها عن إسبانيا، وهذا طبعا يرفضه الحزب الشعبي اليميني، كونه يقدس الوحدة الترابية الإسبانية، ويعارض قبول هذا الشرط، ومن ثم فالتحالف معه يبقى صعبا جدا. وفيما يتعلق بالحزب الاشتراكي (حزب سانشيز)، فهو يرفض أيضا هذا الشرط، لأن استفتاء الاستقلال في كتالونيا غير دستوري، وحتى إذا قبل سانشيز بهذا الشرط جريا وراء بقائه في المنصب، فإن الملك سيتدخل لحماية الدستور، لسحب التكليف من رئيس الحزب الاشتراكي، وقد يتدخل حتى الجيش في حال حاول سانشيز القفز على الدستور الإسباني”.
ويرى المحلل السياسي المقيم في إسبانيا، أن “الوضع معقد جدا وسنرى في الأيام المقبلة كيف ستجرى المفاوضات بين الأحزاب”، ويذهب المتابعون للشأن السياسي الإسباني إلى الاعتقاد بأن الحزب الكتلاني سوف لن يقدم دعمه لأي من الحزبين الرئيسيين، الحزب الشعبي بزعامة نونيث فايخو، والحزب الاشتراكي بزعامة بيدرو سانشيز، ويقول طالب علي سالم، إن هذا يعني الذهاب إلى انتخابات تشريعية أخرى مرتقبة في شهر نوفمبر المقبل.
وبخصوص احتمال بقاء سانشيز في رئاسة الحكومة الإسبانية وأثره على العلاقات مع الجزائر، يرى سالم: أنه “إذا استطاع سانشيز تشكيل الحكومة المقبلة، فإنها ستكون سابقة في التاريخ الإسباني الحديث، كما تقول الصحافة الإسبانية، وهو أن يشكل حزب خاسر في الانتخابات الحكومة، بدعم من أحزاب صغيرة، وإذا حصل ذلك فإن العواقب ستكون وخيمة جدا على القضية الصحراوية وحتى على العلاقات مع الجزائر، التي ستظل في هذا الجمود، لاسيما وأن بيدرو سانشيز في مفاوضات مفتوحة لتسليم أجواء الصحراء الغربية للنظام المغربي، والخطوات المقبلة ستكون داعمة للمغرب”.
وخلص المتحدث إلى الاعتقاد بأن “الحزب الشعبي سيكون الأفضل للقضية الصحراوية، وإن كان ليس داعما لها، بل لأنه يدافع عن إعادة العلاقات مع الجزائر ويعتزم مراجعة السياسة الخارجية مع المغرب، والعودة إلى القانون الدولي فيما يتعلق بالقضية الصحراوية”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!