-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مصير مخزون الجزائر من العملة الصعبة

عابد شارف
  • 7459
  • 1
مصير مخزون الجزائر من العملة الصعبة

عاد الجدال مرة أخرى حول مخزون الجزائر من العملة الصعبة. ويتعلق الأمر هذه المرة بمصير هذه الثروة التي تقارب 180 مليار دولار، حيث قالت أطراف إن مخزون الجزائر مهدد بسبب الأزمة المالية التي تعاني منها الولايات المتحدة، والتي أدت إلى الطعن في مصداقية الدولة الأمريكية وفي قدرتها على تسديد ديونها.

  • ونذكر أن الجزائر تتعامل مع مخزونها من العملة الصعبة بطريقة بسيطة جدا. ومثلما هو الحال بالنسبة لليابان والصين وغيرها، تشتري الجزائر صكوك الخزينة الأمريكية التي تضمن أرباحا قليلة لكنها تشكل استثمارا لا مثيل له من حيث صلابته. ومعروف مثلا عن الصين أنها تكنز ألفي مليار دولار من صكوك الخزينة الأمريكية، بينما تكسب اليابان حوالي 600 مليار دولار من نفس العملة. لكن هذه البلدان تستثمر الكثير وقد بلغت أقصى نقطة يمكن الوصول إليها، ولا يتم شراء صكوك الخزينة الأمريكية إلا بعد أن يصبح الاستثمار مستحيلا.
  • واختارت الجزائر لحد الآن أن تتجنب فكرة صناديق السيادة التي عرفت رواجا كبيرا لدى بعض البلدان مثل الإمارات والنرويج وغيرهما، واكتفت الحكومات الجزائرية المتتالية بصيغة سهلة، بل بدائية، حيث أنها لا تحتاج إلى أي مجهود ولا عبقرية في التسيير. ويكفي شراء الصكوك لما تأتي الأموال وبيعها عند الحاجة، وهذا ما تكتفي به الجزائر.
  • وبقي الوضع على حاله منذ سنوات إلى أن تدخلت بعض الوكالات المالية التي تعمل في تقييم قدرة الدول على تسديد ديونها. وقالت إحدى هذه الوكالات إن وضع الولايات المتحدة انهار، وأن الدولة الأمريكية لا توفر الشروط الضرورية التي تسمح لها بالحصول على أحسن تقييم وهو المعروف بثلاث ألفات (AAA). وبدأ الشك يحوم حول قدرة الدولة الأمريكية في مواجهة ديونها العظيمة التي بلغت 15.000 مليار دولار.
  • وعندها تدخل عدد من المحللين الجزائريين ليقولوا إن مخزون الجزائر من العملة الصعبة أصبح في خطر، وأن المال الجزائري مهدد، ولعله لن يعود أبدا… وبدأ الجدال: هل يجب البقاء على هذا الوضع؟ ألا توجد طريقة أخرى أكثر ضمانا للمال الجزائري؟ أليس من حق البرلمان ومنتخبي الشعب أن يعرفوا مصير مال الشعب؟ وهل تجد الجزائر نفسها رهينة الخزينة الأمريكية والبنوك الغربية للحفاظ على مالها؟
  • وقد حاول وزير المالية كريم جودي أن يطمئن الجميع، حيث قال إن المال الجزائري في مأمن. لكن كلام الوزير لم يكن له أثر، وكيف يكون له أثر لما نعرف مدى تراجع مصداقية المسؤولين الجزائريين؟ والحقيقة أن لا أحد يصدق الوزير رغم أنه صادق هذه المرة… ومن يقول إن المال الجزائري مهدد بسبب تحويله إلى صكوك الخزينة الأمريكية مخطئ، لأن تلك الصكوك تشكل أحسن الضمانات، ولا يوجد أي تهديد على المخزون الجزائري من العملة الصعبة.
  • لكن ذلك لا يبرئ الحكومة، لأن الجدال القائم يغطي المشكل الحقيقي الذي يعاني منه الاقتصاد الجزائري، وهو الفشل الاقتصادي، والانعدام الكامل للنجاعة الاقتصادية. ويكفي أن نقول إن الجزائر تكسب فائضا من المال، لكنها في نفس الوقت تعاني من البطالة والفقر عند بعض الفئات الاجتماعية، إلى جانب ضعف المرافق العمومية وتدهور الجو العام للحياة. ولم تعرف الجزائر كيف تستعمل أموالها للقضاء أو التخفيف من هذه المشاكل، فوضعت أموالها في الخزينة الأمريكية بدل أن تحولها إلى ثروة وتستعملها لتحسين الظروف المعيشة.
  • وفي الوقت الراهن، يمكن أن نضيف شيئا أخطر: إن اللجوء إلى صكوك الخزينة الأمريكية أضعف صيغة لاستعمال الفائض من العملة الصعبة، لكنه يشكل في الوضع الحالي أحسن حل، لأن الجزائر لا تكسب المؤسسات والهيئات المؤهلة لدخول تجارب جديدة. ولا يمكن للجزائر اليوم مثلا أن تدخل عالم صناديق السيادة لأن ذلك يتطلب مؤسسات قوية وهياكل ذات نجاعة هائلة ومتعاملين ذوي خبرة ونزاهة افتقدتها الجزائر.
  • ويقول الخبير الاقتصادي مراد غوميري إنه من واجب الجزائر أن تبحث كل الطرق التي يمكن استعمالها، منها صناديق السيادة، بشرط أن يتم ذلك في إطار استراتيجية منسجمة، تخدم الصالح العام، وفي إطار إجماع سياسي. وإذا تعذر ذلك، يتساءل مراد غميري عن جدوى استخراج النفط وتحويله إلى دولارات، ويضيف: أليس من الأفضل أن نحافظ على هذه الثروة كما هي بدل أن نبيعها ونشتري دولارات لا نعرف كيف نستثمرها؟
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • محمد

    بالمختصر المفيد ، لا عرفنا ندخر أموالنا و لا عرفنا كيف نستثمرها . هذه مشكلتنا.