-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مطار باسم “آيت أحمد”؟

مطار باسم “آيت أحمد”؟

يردّد كل الجزائريين، المثل الشعبي: “عاش مشتاق تمرة، وكي مات علقولو عرجون”، ومع ذلك يمارسون نقيضه في حياتهم، فيهمّشون الحيّ، ويُفقرونه، وبعد موته يغدقون عليه من كرم دموعهم وسواد حدادهم، وليت الأمر توقف عند السلطة التي تميّزت دائما بإقصاء زبدة الزبدة في المجتمع، فأضاعت على نفسها وعلى الشعب المئات من الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه فقضوا نحبهم من دون أن تصدقهم السلطة، ولكن المصيبة في عامة الناس الذين لا يعرفون قيمة الرجال، إلا بعد رحيلهم، حينما تصبح المعرفة مثل الرماد. ولن نكشف سرّا إذا قلنا بأن النظام في الجزائر، هو حاليا بصدد البحث عن إنجاز كبير من مطار أو جامعة أو حتى ملعب للكرة كالذي سيُنشأ في براقي أو وهران أو تيزي وزو، لأجل إطلاق إسم الراحل آيت أحمد عليه، فكان الرجل مشتاقا لجلسة هادئة وآمنة في بلده، يتناول فيها حبّات من “دقلة نور”، وحليب من بلدة “عين الحمام”، وها هو الآن بعد أن بلغ من العمر ما بعد “العتيّ”، تقدّم له واحات من النخيل، في البلد الذي عاش لأجله ومات بعيدا عنه.

لقد عاش الرجل قرابة التسعين سنة، فكان أول من حصل على شهادة البكالوريا قبل الثورة التحريرية، وأول معارض حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة أوروبية، ومع ذلك لم تستفد منه الجامعة الجزائرية التي صارت بعد نصف قرن من الاستقلال مصنعا لإنتاج “شهادات من ورق”، بعد أن أفرغت الإنسان الجزائري من محتواه، وعاش الرجل كل الأحداث الكبيرة التي عاشتها الجزائر، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وما قبل الثورة التحريرية، إلى ما بعد التعددية، ولم نسمع عن محاضرة ألقاها بمناسبة تاريخية أو سياسية في البلاد، بل لم نسمع عن دعوة وُجهت له من أية جامعة أو منظمة كانت، فضيّعناه كما ضيعنا العديد من الرجال، وستبقى كتابات ذكر مناقب الرجل، وعدّ حسناته أشبه بتشبثنا بالقشور بعد أن ضاع اللبّ على مدار تسعين حولا.

لقد منّ الله على الجزائر بالكثير من الرجال في جميع المجالات، ومنهم من ينتظر نحبه، وكانت المشكلة على الدوام هي عدم استغلال هؤلاء الرجال الذين صنعوا الربيع الفكري والسياسي والعلمي في كل بقاع العالم، مثل أركون ونايت بلقاسم وبن نبي وآيت أحمد والعالم زرهوني، وكلما سقطت ورقة من الشجرة رحنا نبكيها ونعلن الحداد ونشيّعها في أبهى ديكور إلى مثواها الأخيرة، من دون الالتفات إلى ما بقي من ورقات على الشجرة، لنحولها إلى ربيع حياتنا، فاختصرنا أفكار مالك بن نبي في دور ثقافة وثانويات من إسمنت حملت إسمه، بعد أن عاش غريبا ومازال غريبا بيننا، وسيتحول آيت أحمد إلى جامعة من الحجر أو مطار يسافر عبره عابرو السبيل، بعد أن عاش غريبا وقد يبقى غريبا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • استاذ 30 سنة

    لا حاجة لمطار باسم الدا لحوسين فهو يملك باسمه ما هو ا هم من المطار بكثير اي النزاهة والنظافة او بالاحرى التاريخ

  • Klimbau

    Cette Algérie dont vous revée comme la majorité écrasante des algériens, les faux héros l avaient tuée dans l oeuf aux premières années de l indépendance et ils s étaient préparés pour ce complot contre cette Algérie dont vous revée pendant la la guerre de libération alors que les vrais combattants étaient concentrés sur la libération du pays

  • نورالدين

    كم هي حزينة الجزائر،
    الصورة هي هي لم تتغير، تزدري علماءها و هم داخلها و تتجاهلهم و قد تسبب لهم المتاعب إذا تكلموا، تم إذا خرجوا منها و شقوا طريق النجاح و الشهرة بسياسات و أموال و موارد الآخرين من أمريكا و أوروبا و اليابان، استدعتهم لتكرمهم و تأخذ صور تذكارية معهم و تغذي بهم نشرات الأخبار، ألم يكن الأجدر أن تحتفظ بهم بين أحضانها و تبني بهم جزائر كل الجزائريين،... جزائر العلم و التنمية و التطور...

  • بدون اسم

    كم هي حزينة الجزائر، تطارد أبناءها، تحكم عليهم بالإعدام، تنفيهم إلى خارجها، تقتلهم في أزقة فرانكفورت و مدريد و هناك من تأتي به من المنفى ليموت تحت رصاص مجهول، تم تكرمهم، تسمي باسمهم الجامعات و المطارات، و تعلن عليهم الحداد لما يتوفون ... ألم يكن الأجدر أن تحتفظ بهم بين أحضانها و تبني بهم جزائر كل الجزائريين...، جزائر الفكر و الثقافة، جزائر المشاركة و التطور...

  • صام

    لقد صيعنا رجلا شهما بمعنى الكلمة رجل في ايديه ثروة وحنان لبلده الحبيبة الجزائر لكن ايدي اخرى خانته وابعدته عن وطنه والان ماذا يريدون منه ادعو له بالرحمة وان يتقبله الله كما هو وان شاء الله سيكون من اهل الجنة امين

  • مواطن

    الجزائر لا تحب العلماء والعباقرة . بل تحب الشياتين والطبالين والزمارين والمصفقين والمغنين والرياضيين ... وهكذا تبقى الجزائر في نوم عميـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــق .

  • الطيب

    ليس هناك ما يقدمه الجاهل و فاقد الشيء إلا التعتيم على خيرة أبناء الوطن و مطاردتهم و إلا كيف نفسر الحكم بالإعدام على أول جزائري تحصل على شهادة البكالوريا !!؟ مشكلة الجزائر تكمن في أن مرضها مزمن !