-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
صيحة الشروق

مقارعة “الدش” بالنش

عمار يزلي
  • 1260
  • 0
مقارعة “الدش” بالنش
أرشيف
تعبيرية

لكل دولة ومنطقة ثقافة ومنطق خاص بها، في التشويش وفي المقاومة، وفي خلق أجواء “الفكاهة” من التذمر! فالتذمر والاحتقان يولد أشكالا إبداعية في التعبير عن الرفض والمقاومة “الهادئة الباسلة”، عبر خطاب فني موازٍ!

نحن إذن، أمام “فن تقنية الخطاب الجديد المشوش”! لكن، بالمقابل، هناك عناصر مشتركة في كل الثقافات، وهي فن “الإضحاك” من أجل الإبكاء! هناك شيء أساسي في ثقافة الـ”Buzz” هو الأفلمة!

أفلمة السخرية والضحك والنكتة! أي تحويل ثقافة السمعي، إلى “ثقافة سمعي بصري كتابي”، منقولة مباشرة ودون حواجز أو رقابة إلى الجيب!

هذا، إضافة إلى السرعة والآنية! إننا نتحول شيئا فشيئا إلى صُناع الخبر الموازي! لا إلى إعلاميين، بل إلى مبدع في إنتاج الإعلام الموازي، الذي لا يعتمد على تقنيات وخصائص وأخلاقيات الإعلام التقليدي، إنه يعارضها في الشكل والمضمون وفي الأسلوب! إنه تحديث للحديث، وتحويل المعلومة والخبر إلى “فن”، إلى أدب مسرحي كوميدي وإخراج وتعليق ودعابة وصورة وتقطيع وتركيب، غير خاضع لمقاييس “الاحترافية”!

بل إن “البوز” ضد الاحترافية نفسها، تحطيم لأصنامها، لأن هذه الثقافة رفقة أشكال أخرى، ظهرت مع تطور تكنولوجيات الاتصال الحديثة الأخرى، التي حطمت الأوثان في الأوطان، وتريد أن تبني بنيتها الأصلية باستقلالية، وبنفَس ثوري مقلوب. ذلك، أن السخرية والتهكم، عادة ما يتجهان نحو “قلب المقلوب”، على اعتبار أن الواقع هو عالم مقلوب، وعلينا أن نقلبه رأسا على عقب، لكي يتحول إلى وضعه الصحيح!

إعكاس العكس، الهدف منه لدى ثقافة “البوز الاتصالية” هو التشويش على المشوش الأكبر! وقد لاحظنا في الجزائر، قبل أكثر من عشرين سنة، عبارة “النش”، التي تعني نفس معنى “البوز”، إنما كان يقصد بها “التشويش”، الذي يحصل في أثناء التقاط موجات الاستقبال التلفزيونية، قبل عصر “الدش”، أيام استعمال الهوائيات! النش، كان تشويشا على الخطاب التلفزيوني الرسمي الأحادي.

وصارت عبارة “النش” تقال بمعنى التشويش على كل شيء، لتعني في الأخير، رفض الخطاب القائم، فرديا كان أم جماعيا، والثورة عليه في صمت ودون عنف! إنها آخر أشكال مقارعة “الدش” بالنش! وإعلام الطغم العالمية الحاكمة المهددة لكل القيم! بالمقابل، يتدخل خطاب آخر من فئة “قطعت جهيزة قول كل خطيب”، بأسلحة من السحاب، لا هي من فئة “الدرون” ولا الشبح ولا الكروز.. إنه بكل بساطة سلاح “البوز”، بكل سلبياته وعيوبه وسلاحه ذي الحدين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!