-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
في دراسة تحليلية لشبكات التواصل الاجتماعي

مقاطعة المنتجات الفرنسية تحت مجهر الجزيرة

الشروق
  • 704
  • 0
مقاطعة المنتجات الفرنسية تحت مجهر الجزيرة

سلّط مركز الجزيرة للدراسات في العدد العاشر من مجلة “لُباب” الصادر في أول ماي 2021، الضوء على بحوثً متنوعة، من بينها دراسة مهمة، استخدمت تقنيات علمية جديدة، ومقاربة منهجية مبدعة، لتحليل محتوى حملة مقاطعة المنتجات الفرنسية على موقع تويتر.

تختلف الأدوات المنهجية في هذه الدراسة عن آليات تحليل المضمون، المستخدمة في عدد كبير من البحوث المتعلقة بوسائل الإعلام التقليدية، فقد فرضت شبكات التواصل الاجتماعي، نمطًا اتصاليًّا جديدًا، ومدى لا حصر له من المحتوى، وشبكة ممتدة ومعقدة من المستخدمين، لا يناسبها تحليل المضمون التقليدي.

في البحث الموسوم “حملة مقاطعة المنتجات الفرنسية على تويتر: دراسة في تحليل الشبكات الاجتماعية” يستخدم فريق بحثي، تتقدمه الباحثة المثابرة، الدكتورة أسماء ملكاوي، تقنيات منهجية في التحليل، تمثلت ببرنامج (NodeXL) لتحليل الشبكات الاجتماعية، وبرنامج (MAXQDA) لتحليل مضمون عينة عشوائية من التدوينات التي نشرها المستخدمون على تويتر ومعرفة موضوعاتها. وبرغم أهمية النتائج التي توصل إليها البحث، فإن ما يوازي ذلك أهمية، بل وربما يتفوق عليه، هو منهج البحث ذاته؛ إذ يؤسس لآليات متقدمة في الدراسات الإعلامية، تنسجم وطبيعة الشبكات الاجتماعية وتعقيدات الإعلام الجديد، وما بات يمثله، من ثقل جوهري في دوائر الاتصال الجماهيري في عصرنا الراهن. ونأمل أن يقدم هذا البحث، نموذجًا للباحثين الإعلاميين، ومنهم بشكل خاص الباحثون الشباب، الذين سيكون الإعلام الجديد محور انشغالهم في المستقبل.

في العدد أيضًا دراسة إعلامية مهمة للدكتور نصر الدين العياضي تتعلق بنظرية التلقي التي يفترض الباحث أنها ظلَّت تعاني من التهميش في البحوث الإعلامية في المنطقة العربية مقارنة بما تحظى به من اهتمام في الدراسات الأدبية، وقد أرجع ذلك إلى عوامل عديدة لعل أبرزها يكمن في هيمنة نظريات التأثير على التفكير في الإعلام. لكن الباحث، يسترجع نظرية التلقي وتسخيرها لدراسة الإعلام الرقمي، وبشكل خاص في حدود علاقة المتلقي بالنص في بيئة “الويب 2”. وقدَّم العياضي على ضوئه جملة من المبررات العلمية التي تدعو إلى الاستفادة المزدوجة من نظرية التلقي الإعلامي وتيار سوسيولوجيا الاستخدامات، وتشغيل مفاهيمهما الإجرائية لدراسة الإعلام الرقمي.

وجاء موضوع الغلاف لهذا العدد، من عنوان دراسة الدكتور فارس المهداوي (مستقبل الأقليات في العراق)، عالجت هذه الدراسة أزمة اجتماعية وسياسية وديمغرافية مهمة يعيشها العراق منذ 2003، وتتعلق بأوضاع الأقليات الدينية والعرقية فيه، وما تعرضت له معظمها من عمليات تمييز وحملات قمع، أرغمتها على الهجرة. تتقصى هذه الدراسة مصير هذه الأقليات ومستقبلها، وخلصت إلى أن تداعيات ما تعرضت له غالبية الأقليات، ستلقي بظلالها على التركيبة الديمغرافية للبلاد في الأعوام العشر المقبلة، واختفاء ظاهرة التنوع الإثني التي تميز بها العراق منذ أقدم العصور.

وفي بحثه الموسوم “الدبلوماسية الرقمية وتأثيراتها في العلاقات الدولية” يتتبع الدكتور العربي العربي مراحل انتقال الدبلوماسية من الأشكال التقليدية إلى الرقمية في ظل عصر رقمي وكون افتراضي شبكي ضمن مقاربات لنماذج الاتصال وإسقاطها على الدبلوماسية الرقمية. وتُبرِز الدراسة أيضًا تأثيرات فيسبوك وتويتر على بنى وهياكل العلاقات الدولية، وتكشف خصوصية توظيف هذا النوع من الدبلوماسية الجديدة وتحدياته، وحيرة الاختيار بين إكراهات أجهزة “الآيباد” والمألوف من أوراق الاعتماد.

ومن المغرب، كتب الدكتور نبيل زكاوي دراسة بعنوان: “الدولة والدين في الدستور المغربي بين الحماية والاحتماء: من حراسة الدين إلى تديين السياسة”، وتبيِّن الدراسة الدور الجوهري للدين في البناء الدستوري المغربي والممارسة السياسية، حيث يتداخل الدين والدولة عن كثب في الدستور، وهو يعمل (الدستور) على حماية الدور الذي يلعبه الدين في الحياة العامة، سياسيًّا أكثر منه اجتماعيًّا. وترى الدراسة أن الطلب على الدين في نص الدستور وفي تنزيله هو طلب سياسي وليس إيمانيًّا أو ثقافيًّا، وأن الدور السياسي للدين لا يتعلق باستغلال الدين في الأزمات السياسية، بل يظهر عن طريق استدخال الدين بشكل مؤسساتي في الحياة السياسية.

ومن قطاع غزة، يشارك كل من الدكتور أمين وافي ومرج الزهور أبو هين، ببحثهما الموسوم “مكونات وأبعاد صورة حركة حماس في الصحف الخليجية”، وفيه يدرسان مكونات ومحددات صورة حركة حماس وتمثُّلاتها في الصحف الخليجية، والقوى الفاعلة في تشكيل وبناء هذه الصورة. وتنتمي الدراسة إلى البحوث الوصفية، وتستخدم أسلوبي تحليل المضمون والمقارنة المنهجية في تحليل عينة عشوائية منتظمة من الصحف الخليجية (مكة المكرمة، الشرق، الأنباء) خلال الفترة الممتدة بين 1 يونيو/حزيران 2017 و1 يونيو/حزيران 2019. وخلصت الدراسة إلى تباين الصحف في تحديد مكونات صورة حماس، حيث انعكست مواقف الأنظمة الخليجية من الحركة في رسم أبعاد الصورة.

وفي زاوية متابعات، كتب الباحث الصومالي المتخصص بالشؤون الإفريقية، الشافعي أبتدون، ورقة بعنوان “أزمة إقليم تيغراي: تبعاتها المحلية وتداعياتها الإقليمية”، وفيها يبحث أسباب وخلفيات الصراع المسلح الذي دار في إقليم تيغراي بين جبهة تحرير شعب التيغراي والجيش الإثيوبي. وسعت الورقة لبحث جذور الصراع في إثيوبيا منذ فترة الإمبراطورية الملكية التي حكمت إثيوبيا (أرض الحبشة سابقًا) لمدة قرون، والتي أطاح بها الجيش، عام 1974، بعد سلسلة من الانقلابات والاحتجاجات الشعبية. كما تستعرض الورقة إشكاليات الصراع السياسي في النظام الإثيوبي الذي تتجاذبه الإثنية الفيدرالية والمركزية، وترصد أبعاده وتداعياته العسكرية محليًّا وإقليميًّا.

وفي زاوية قراءة في كتاب، يسهم في هذا العدد، الدكتور شفيق شقير، بقراءة نقدية لكتاب صدرت ترجمته العربية عن الفارسية العام الماضي بعنوان “نقد الذات: آية الله حسين علي منتظري في حوار نقد ومكاشفة للذات الإيرانية”. مؤلِّف الكتاب هو سعيد منتظري، ابن المرجع الديني الإيراني الراحل، والكتاب في الأصل إجابات آية الله منتظري على أسئلة تستهدف تقديم روايته لعدد من الأحداث والقضايا، وتكشف بسطورها وما بينها عن خلاصة تجربته في الثورة والحكم والمعارضة، وتلتقي جميعها عند “ولاية الفقيه” كنموذج وتجربة حكم في إيران. وفي هذه الورقة، أعاد الدكتور شقير، وهو الباحث المتخصص في الجماعات الإسلامية، قراءة تجربة ولاية الفقيه كما قدَّمها أحد أبرز صانعيها، آية الله منتظري، وفي حدود الكتاب، وإن كانت تتجاوزه أحيانًا في التحليل وتتبُّع الدلالات في محاولة لملامسة الواقع الراهن واستكناه المستقبل والمآلات التي تنتظر ولاية الفقيه.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!