-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
العمال يرفعون التحدي ويحافظون على وتيرة النشاط

منجم غار أجبيلات.. صوم تحت لفح الحر والزوابع الرملية

لفقير علي سالم
  • 1475
  • 0
منجم غار أجبيلات.. صوم تحت لفح الحر والزوابع الرملية
ح.م

في العشر الأواخر من شهر رمضان، تبدو حياة عمال منجم غار أجبيلات وسكان القرية رتيبة وعادية، يميزها السكون التام وغياب الحركة، كما هي الحال في المدينة.
فخلال شهر رمضان، يظل عمال منجم غار أجبيلات في سباق مع الزمن في منطقة جغرافية صعبة، تميزها الزوابع الرملية والحرارة الشديدة التي بدأت تلوح في بداية شهر مارس على غير عادتها، وفي هذه الظروف الطبيعية التي ترسم معالمها الرياح والصخور السوداء التي تملأ سطح الأرض، التقينا “مولود بوكرومة”، الإطار بأحد أكبر منجم حديد في العالم، وهو الإطار المختص في الحديد والصلب، حدثنا بكل عزيمة وتحد عن قساوة الطبيعة قائلا: “جئت إلى هنا منذ 2015 لمباشرة عملي على مستوى إدارة منجم غار أجبيلات، العمل صعب للغاية، خاصة من حيث انعدام وسائل الترفيه، فرغم وجود شبكة الإنترنت لكنها غير كافية، يوجد ملعب لكن غمرته الرمال من الجوانب، كما يوجد مصلى بالقرية الصغيرة، لكن لا توجد دكاكين للتسوق، ونضطر إلى التنقل إلى مدينة تندوف بعد قطع 280 كلم ذهابا وإيابا لجلب الخبز والخضروات، الرياح العاتية تمنعنا أحيانا من مراقبة سير العمل.
رمضان بمنطقة صحراوية نائية بعيدا عن العائلة عبارة عن تحد وواجب يفرضه علينا العمل المتواصل من أجل إثبات قدرة الشباب الجزائري على الإبداع والإتقان. يقول “محمد صالح”، إطار بالشركة، وعلى بعد بضعة كيلومترات توجد القرية الصغيرة وهي عبارة عن سكنات قليلة وتعاني قلة المتاجر، ما يصعب الحياة بها بحسب ما صرح به المندوب البلدي السيد “بكيرات عبد الرحمان”.
بجولة عابرة عبر الشارع الوحيد بالقرية المؤدي إلى موقع قاعدة الحياة على بعد 01 كلم، تبدو الحياة جامدة لا حركة سوى لأسراب من الغربان تحلق في السماء، الرياح بدأت تغزو المكان وتعيق أي نشاط منجمي هناك بحسب ما أكده لنا المكلف بتسيير شؤون العمال بقاعدة الحياة، وهو يرتدي نظارات داكنة للتغلب على أشعة الشمس اللافحة، “كل شيء هادئ، العمل بحسب الظروف المناخية يتطلب بعض الجهد والصبر، رغم صعوبة المناخ وقسوة الطبيعة، نبقى هنا نصارع الزمن من أجل تحقيق تقدم في مجال عملنا المنجمي ومستقبل المنطقة، لا مجال للتكاسل أو التهاون، إرادة قوية لدينا لإثبات الذات وإظهار قوة وشجاعة شباب الجزائر”.. هي كلمات نابعة من نفس تواقة للأمل لها تجربة طويلة في العمل المنجمي، إنه المهندس “بوكرومة مولود”، الذي استقبلنا بحفاوة بمكتبه بقاعدة الحياة بغار أجبيلات في يوم مشمس ورياح عاتية حجبت عنا رؤية عمال المنجم وهم يقومون بالحفر بكل عزم، أوقات العمل عادية في شهر رمضان من الساعة السابعة صباحا إلى غاية الزوال يرجع العمال إلى مقرات سكناهم بغرف مكيفة ومجهزة بكل وسائل الراحة من شبكة الإنترنت ومطبخ وقاعة صلاة وغيرها من المرافق الضرورية.
ومع اقتراب عيد الفطر المبارك، تكاد تفرغ القرية الصغيرة من السكان القلائل، الذين يغادرونها لقضاء العيد بين الأهل والأقارب، خاصة بالنسبة لعمال المنجم، مثل سائقي الشاحنات، ويبقى بعض المهندسين بقاعدة الحياة يتناولون إفطارهم بمقر القاعدة، حيث يقوم طباخ مختص بتحضير وجبات الإفطار لهم في جو أخوي ومهني متميز، بينما غادر المكلف بالقاعدة السيد بوكرومة المنجم نحو عائلته ليعود بعد عيد الفطر المبارك وبعد قضاء فترة العيد تدب الحركة من جديد وترتفع أصوات الشاحنات من جديد لتشكل الديكور الدائم للقرية.
كما التقينا بمهندسين حدثونا عن أحلامهم وآمالهم بتحقيق الأفضل لفائدة المنطقة وللجزائر بشكل أعم، أكدوا لنا أن للمنطقة مستقبلا زاهرا في السنوات القادمة، خاصة بعد قرار رئيس الجمهورية خلق مدينة منجمية تتوفر على كل مستلزمات الحياة من سكنات وبنى تحتية ومقاه ومحلات تجارية وطرقات وغيرها من مقومات العيش الكريم لعمال المنجم من جهة، ولساكنة القرية الصغيرة التي ستتحول إلى مدينة منجمية مستقبلا، وهو ما استحسنه سكان القرية الذين التقينا بهم ومنهم بكيرات نور الدين المشرف على الفرع الإداري بالقرية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!