-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

منظومة الاغتيال التي لا تغيّر مجرى التاريخ

حبيب راشدين
  • 8756
  • 0
منظومة  الاغتيال  التي  لا  تغيّر  مجرى  التاريخ

جريمة اغتيال المقاوم الفلسطيني المبحوح، ومثلها جرائم الحكومات في أكثر من ساحة، هي التي سمحت للأديب الروسي ليون تولستوي صاحب رائعة “الجريمة والعقاب” القول: إن جرائم لم تكن تتصور حتى في عهد نيرون تنفذ اليوم دون أن نتمكن من إدانة أحد. فالبعض طلبها، والآخرون اقترحوها، وثالث نقلها، ورابع قررها، وخامس أكدها، وسادس أمر بها، وسابع نفذها” وبين المنفذين الستة والعشرين من عملاء الموساد، ومن طلب بها على رأس الكيان الصهيوني سوف تصادفك قائمة طويلة من المجرمين شاركوا في الجريمة في المقامات السبع التي تصورها تولستوي لشبكة الإجرام التي تقودها الحكومات عند ظهور الحاجة لتصفية معارض أو مقاوم أو مجرد محالف في الرأي، غير أن رجل أدب وسياسة مثل بنجامن ديزرائلي وهو من أبناء ملة الصهيوني نتنياهو هو القائل: “إن الاغتيال لم يغيّر أبدا مجرى تاريخ العالم”.

 

اغتيال قيادي في حماس وكتائب القسام الشهيد محمود المبحوح تطرح أكثر من تساؤل على أكثر من طرف وهي في الحد الأدنى سبعة أطراف معنية بالاغتيال: إسرائيل، وحركة حماس، وحكومة دبي، والدول الغربية التي استعملت جوازات سفر رعاياها، والدول العربية، والهيئات الدولية الراعية للسلم والأمن في العالم، وأخيرا منظمات حقوق الإنسان. جميع هذه الأطراف تقع عليها المساءلة حيال عملية قتل  تمت بدم بارد وخارج أيّ إطار شرعي، وقبل ذلك ينبغي طرح السؤال الأهم: هل ثمة ما يميز بين جرائم القتل التي يرتكبها المجرمون، وقطاع الطرق وتنظيمات الجريمة  المنظمة،  المدانة  في  جميع  تشريعات  الدول،  وبين  جرائم  القتل  بدم  بارد  ترتكبها  دول  وحكومات  ضد  رعاياها ورعايا  دول  أخرى  بدعوى  محاربة  الإرهاب؟

   

اغتيال “شرعي”  لمقاتلين “غير  شرعيين”

مبدئيا لا يوجد تشريع واحد يجيز لأحد قتل مدنيين حتى في حالة الحرب، بل إن التشريعات الغربية الأكثر تشدّدا ضد ما يسمي بالإرهاب، لم تجز قتل المدنيين إلا مع إعادة تصنيف الأهداف تحت مسمى  “مقاتلون غير شرعيين” يجوز التعامل معهم خارج القانون، وهذا ما كانت تفعله إسرائيل منذ نشأتها مع المقاومين، وهذا ما فعلته سلطات الاستعمار الغربي مع قادة المقاومة في الجزائر والمغرب وليبيا وفيتنام، وفي مختلف المستعمرات في القارات الجنوبية الثلاث، وهو ذاته ما اقترفته النازية قبيل وأثناء الحرب العالمية الثانية، وهو ذاته ما فعلته الأنظمة عبر التاريخ مع خصومها. فالصهاينة لم يأتوا بجديد، وما كان للمقاومة أن تتوقع منهم غير هذا التصرف الإجرامي، وقد شارك معظم قادتهم في جرائم قتل واغتيال، بل وفي جرائم إبادة جماعية مروعة، من دير ياسين إلى مذبحة غزة، مرورا بصبرا وشتيلا. وهل يعقل أن نتوقع من دولة أنشأتها  عصابة  ” أرغون “  أن  تحترم  القوانين  والأعراف  الدولية،  أو  تحترم  سيادة  الدول  والأعراف  الدبلوماسية؟ .  

– الجهة الأولى التي ينبغي أن تتوجه إليها المساءلة، هي المقاومة وحركة حماس التي تكون قد ارتكبت في الحد الأدنى تقصيرا في حماية شخصية حساسة مثل الشهيد المبحوح الملاحق إسرائيليا منذ أكثر من 20 سنة، وهو المصنف إسرائيليا على رأس جهاز تموين المقاومة في غزة بالأسلحة. فالصور التي بثّتها حكومة دبي لم تظهر أي نوع من الحماية الفردية للمبحوح في فضاء مفتوح مثل فضاء دبي، حيث عدد الأجانب من مختلف الجنسيات يفوق أربع مرات عدد السكان الأصليين، وحيث يوفر النشاط الاقتصادي والتجاري وحركة العبور الدولية أفضل غطاء لنشاط عملاء أجهزة الاستخبارات الدولية. فكما أن حزب الله تعرّض من قبل في العاصمة السورية لاختراق أمني كبير، أدى إلى نجاح الموساد في اغتيال الشهيد مغنية، فإن حماس المستهدفة أكثر من حزب الله، لا يبدو أنها استفادت كثيرا من دروس محاولة اغتيال السيد خالد مشعل الفاشلة بعمان، أو من الاغتيالات السابقة للقادة ولنشطاء من فصائل المقاومة الفلسطينية، وكان عليها، كما كان على حزب الله، أن يعتبرا الفضاء العربي المخترق أمنيا أخطر فضاء يتحرك فيه القادة، وأن إسرائيل قد تجد كثيرا من الحرج في تنفيذ مثل هذه العمليات داخل الفضاء الأوربي على سبيل المثال،  لكنها  لا  تضع  أي  اعتبار  للفضاء  العربي،  الذي  وفّر  لها  في  مناسبات  عديدة  شراكة  حقيقية  تطوّعت  بها الأجهزة  الأمنية  المحلية .

 

عندما  يهين  “الموساد”  حلفاء  إسرائيل

إسرائيليا، وحتى مع نجاح عملية الاغتيال، فإن العملية كشفت عن قصور فظيع عند جهاز استخباراتي كان يصنّف إلى حين، بين الأجهزة الأكثر كفاءة في العالم. فالأدبيات الاستخباراتية لن تحتفظ بعملية اغتيال الشهيد المبحوح كعملية ناجحة، مع كل ما خلفته من تداعيات دبلوماسية  محرجة  للكيان  الصهيوني  مع  حلفائه  الغربيين  لأسباب  عديدة :

الأول: هو أن إرسال هذا العدد الهائل من العملاء، ستة وعشرين عميلا وعميلة، يحملون جوازات سفر لدول صديقة لإسرائيل، لا يبدو أنهم احتاطوا بما يكفي، وتركوا قائمةً هائلة من الآثار والأدلة التي ساعدت شرطة دبي على تعقّب جريمة الاغتيال، وكشف هوية المنفّذين، وإقامة أكثر  من  رابط  مع  جهاز  الموساد .

الثاني: استخفاف جهاز الموساد بقدرات جهاز شرطة دبي، التي دخلت في وقت مبكر تجربة الحكومة الرقمية، مع نصب شبكة واسعة من كامرات المراقبة في المطارات والموانئ والفنادق والشوارع، تماثل شبكة الرصد البريطانية في لندن، وقد سبق لها أن مكنت شرطة دبي من اكتشاف هوية منفذي  جريمة  قتل  الفنانة  اللبنانية،  وتسليم  ملف  تحريات  أحاط  بجميع  تفاصيل  الجريمة،  لم  يترك  للقضاء  المصري  أية  فرصة لإنقاذ  الملياردير  المصري  والعضو  البارز  في  الحزب  الوطني  الحاكم،  وإفلاته  من  العقاب . 

الثالث: أن الكيان الصهيوني ورّط أهم حلفائه الغربيين بذلك الاستعمال المفرط لجوازات سفر أصلية لا يمكن لحكومات بريطانيا وإيرلندا وفرنسا وألمانيا واستراليا تقديم أي تفسير منطقي كيف أصبحت بيد الموساد، وبذلك يكون الكيان الصهيوني قد وضع جميع مواطني هذه الدول في دائرة الشك والريبة، ويفترض أن يدفع بأجهزة الأمن العربية والإسلامية إلى إخضاعها لتدقيق خاص، وهو إلى ذلك يلحق إهانة بإدارات كبرى الدول الغربية، التي يفترض أن تحمي وثائقها الرسمية من العبث والتزوير مثلما تحمي عملاتها أو أكثر.

الرابع: أن الموساد يكون قد أحرج الحكومات الأوروبية حين صرف النظر عن استعمال جوازات سفر أمريكية، وقام بتوريط دول أوروبية لها مصالح كثيرة في دولة الإمارات العربية، وجالية كبيرة قد تتعرض مستقبلا للمضايقة، فضلا عن تخريب أنشطة أمنية وتجسسية غربية في دبي، حيث تنشط  نخب  غربية  وإسلامية  لها  صلة  بفصائل  المقاومة  في  العديد  من  الدول  العربية  والإسلامية .

 

“رقمية”  دبي التي أفسدت حسابات حكام  الغرب

 ردود الأفعال داخل الدول الغربية المورطة لم تتجاوز حتى الآن مستوى استدعاء سفراء الكيان الصهيوني، وهو الحد الأدنى في مثال هذه الحالات، لكن إدارة حكومة دبي للملف بقدر عالٍ من الحرفية والذكاء، قد تحوّل إلى كابوس للحكومات الغربية التي تجهل حتى الآن ما بين أيدي شرطة دبي من المعلومات، وهي تديرها كما يُدار مسلسل تلفزيوني، بنشر معلومات جديدة كل يوم، كان آخرها الكشف عن اعتقال عنصر فلسطيني ضليع في العملية، قد يقود التحقيق معه ليس فقط إلى إثبات مسؤولية الموساد، بل ربما إلى التورط المباشر لحكومات أوربية ومعها السلطة الفلسطينية أو أطراف أمنية فيها، كما كشفت عن ذلك تسريبات لصحف بريطانية تحدثت عن علم الأجهزة الأمنية البريطانية المسبق، ليس فقط بنية إسرائيل استعمال جوازات سفر بريطانية، بل بطبيعة العملية والشخص المستهدف. وفي كل الأحوال، فإن الحكومات الغربية المعنية اكتفت حتى الآن فقط بإدانة لجوء الموساد إلى استعمال جوازات سفر غربية، ولم يصدر عنها أية إدانة لعملية الاغتيال، تماما كما لم تصدر أية إدانة، لا من منظمات حقوق الإنسان الدولية، ولا عن المؤسسات الدولية المعنية بالشرعية الدولية.

 بالمقياس الإنساني الصرف، لا فرق بين اغتيال عماد مغنية ومحمود المبحوح، ورئيس الوزراء اللبناني الأسبق الحريري. وحيث أثار حادث اغتيال الحريري موجة تنديد عربية وعالمية قادت إلى تدخل مجلس الأمن، وتشكيل لجنة تحقيق ثم محكمة دولية خاصة، فإن اغتيال المقاومين: مغنية  والمبحوح  في  عمليتين  لهما  ذات  المواصفات  الإرهابية  لم  يحرك  لها  ساكن،  لا  من  قبل  المجموعة  الدولية  التي  تدّعي  حماية الشرعية  الدولية،  ولا  من  النظام  العربي  الرسمي . 

الموقف الإيجابي الوحيد جاء من جهة شرطة دبي، التي تداركت الخرق الأمني الذي تعرضت له دبي بقدر عالٍ من الحرفية، مكنها من التعرف السريع على الجناة، ورصد جميع الحركات التي سبقت التنفيذ، وقد يكون في ذلك بعض العزاء، خاصة إذا ما صمدت حكومة دبي وسلطات الإمارات العربية المتحدة في وجه الضغوط التي تمارسها الدول الغربية لتعطيل التحقيق والملاحقة. فبالنظر إلى ما نشرته حتى الآن شرطة دبي، فإن حكومة دبي تمتلك ما يكفي من الأدلة والقرائن لحمل الحكومات الغربية على التعاون لملاحقة الجناة، وقد تم التعرّف على هوياتهم، وهي فرصة لدبي لحماية فضائها الأمني من مثل هذا العبث، كما هي فرصة للدول العربية لإعادة النظر في ما يسمى بالتعاون الأمني الدولي، الذي فرض عليهم تحت عنوان ملاحقة الإرهاب. فالعملية لها مواصفات العمليات الإرهابية، كما أن الأجهزة الأمنية العربية تعاونت مع الغرب في ملاحقة المشتبه  بهم  من  العرب،  وسلمت  رعاياها  لأجهزة  الأمن  الغربية،  فإنها  تستطيع  مطالبة  الغرب  المعاملة  بالمثل .

 

الأيادي  الست  التي  تعضد  ساعد  القاتل

وفي هذا السياق، قد لا تحتاج إلى ملاحقة المنفذين، لأن الجريمة هي من النوع الذي وصفه تولستوي، أي جريمة بلا عقاب: “جرائم لم تكن تتصور حتى في عهد نيرون، تنفذ اليوم دون أن نتمكن من إدانة أحد”. وقد يكتب لها بعض التوفيق إذا هي طالبت بملاحقة الزمرة من حكام الكيان الصهيوني التي شاركت في المستويات الست التي ذكرها تولستوي، “من طلبها، ومن اقترحوها، ومن نقل الاقتراح، ومن قرر، ومن أكده، ومن أمر به” فالزمرة  لم تخف سعادتها بنجاح الجريمة، وقد نقلت الصحف الإسرائيلية تصريحات لأعضاء في الكنيسة وفي حكومة الكيان ومعظم قادة الأحزاب وهم يعلنون صراحة تأييدهم وإشادتهم بعملية الاغتيال، ويعربون عن استعدادهم للسماح للموساد باستعمال هوياتهم في تنفيذ عمليات مماثلة، ويدعون إلى اغتيال السيد إسماعيل هنيهة رئيس الحكومة الفلسطينية المنتخب.

جميع الأطراف التي تتحمّل نصيها من المسؤولية في هذه الاغتيالات التي تستهدف قيادات من المقاومة تكون قد أسهمت في إشعال حرب لا تعترف بالحدود الجغرافية للنزاعات، وتنتكس بالجميع إلى عقود مضت، كانت فيها فصائل المقاومة في فلسطين وفي غيرها، تتخذ من المعمورة ساحة واحدة  للقتال،  تماما  كما  تفعل  اليوم  القاعدة،  وكما  تفعل  الولايات  المتحدة  وحلفاؤها  في  حربهم  الكونية  ضد  ما  يسمي  بالإرهاب .

 إلى وقت قريب جدا، كان بعضنا يشيد بحكمة حزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية التي امتنعت بمحض إرادتهم عن فتح جبهة للعمل المقاوم خارج جغرافية الصراع التقليدي مع الكيان الصهيوني. ومنذ أحدات 11 سبتمبر، تحول هذا الخيار إلى حاجة استراتيجية، من باب التمييز بين فعل المقاومة والفعل الإرهابي كما ينسب للقاعدة، فلم تسجل أية عملية لحزب الله خارج جنوب لبنان، ولم ينسب لحماس ولا عمل واحد خارج قطاع غزة، حتى العمليات الاستشهادية داخل الكيان الصهيوني توقفت، كما لم يسجل منذ العدوان الأخير على غزة أي عمل مسلح ضد الصهاينة داخل ما يسمى بالخط الأخضر، ومع ذلك فإن حزب الله وحماس والجهاد لايزالون على رأس قوائم الفصائل المتهمة بالإرهاب، ولم يكسبهم ذلك الانضباط أي تعاطف أو تفهّم في الغرب، في حين أفقدهم الكثير من التعاطف الشعبي في الأوساط العربية والإسلامية.

 

جرائم  الدول  التي  تبرر  الإرهاب  عند  الشعوب

التصريحات الأخيرة لقيادات حزب الله وحماس بعد اغتيال عماد مغنية والمبحوح، تؤشر إلى حصول تغيير في المواقف، وكأن الجريمتين قد حررتا فصائل المقاومة من أي التزام، مادام العدو هو الذي بدأ بخرق المبدأ، وقام بنقل المواجهة إلى دول أخرى. ومع أن تهديدات حزب الله وحماس، قد تظل مجرد تهديدات تكبحها تقديرات واعتبارات كثيرة، فإن ساحة الصراع العربي الفلسطيني التي ظلت مغلقة في وجه قوى مقاومة أخرى من العالمين العربي والإسلامي، ومنها المنتسبة للقاعدة، سوف تنفتح من جديد، وسوف تهرع إليها القوى والفصائل والأفراد المطاردين والملاحقين  بتهمة  الإرهاب،  وفي  مقدمتهم  تنظيم  القاعدة  الذي  وفّرت  له  هذه  العمليات  الصهيونية  خارج  أرض  المواجهة  فرصة الدخول  في  الصراع،  دون  الحاجة  إلى  البحث  عن  موطئ  قدم  في  الجنوب  اللبناني  أو  في  غزة .

فعلى افتراض أن ما نسب للقاعدة من مسؤولية في تفجيرات نيويورك وواشنطن كان حقيقة وليس محض مؤامرة دبّرها المحافظون الجدد لتوريط الإدارة الأمريكية في حروب امبريالية قتلت مئات الآلاف من الأبرياء في أفغانستان والعراق، ولاتزال تدور رحاها على العرب والمسلمين، فإن أعمال التقتيل الجماعي في العراق وأفغانستان أو الاغتيالات الفردية والجماعية بواسطة طائرات “الدرون” هي محض إرهاب، وقتل بربري بدم بارد خارج القانون، يبرر مسبقا أي عمل انتقامي تقوم به القاعدة أو غيرها من فصائل المقاومة ضد الإسرائيليين والغربيين، وسوف تكون بلا شك  مبررة  أخلاقيا  حين  تستهدف  شخصيات  ومؤسسات  حكومية  للدول  المعتدية .

صمت المجموعة الدولية الراعية لما يسمى بالشرعية الدولية على الجرائم التي ترتكبها الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة، الملزمة نظريا بإعطاء المثل للأفراد والجماعات حيال واجب احترام القوانين في كل الأحوال، هو الذي يمنح اليوم الشرعية لكل ما يمكن أن تقترفه المجموعات الموصوفة بالتطرف والإرهاب. الشاب الأفغاني أو الباكستاني الذي يشاهد طائرات “الدرون” الأمريكية ترسل قنابلها الغبية على البيوت الطينية في وزيرستان أو إقليم هلمند، وتقتل بلا تمييز النساء والشيوخ والصبية وهم فارون من أرض معركة لم يختاروها، هذا الشاب لا يعرف حقيقة الجندي الأمريكي الذي يقف خلف شاشة الرادار ويضغط على الزر القاتل، لكنه يعلم يقينا أن القاتل الفعلي هو باراك أوباما هنا، ونتنياهو هناك، وغوردون براون وساركوزي في مواقع أخرى، تماما كما تفعل أفضل المحاكم، حين تقضي بنفس الحكم على المنفذ  الآمر بالجريمة. فاليد التي اغتالت عماد مغنية ومحمود المبحوح هي نفسها التي اغتالت المئات من الفلسطينيين في غزة والضفة، ومثلهم في لبنان والعراق وأفغانستان. فليس الموساد سوى جهاز تنفيذي حكومي لا يستطيع التحرك دون أمر من رئيس الوزراء الصهيوني، ولم يكن للعملاء الستة والعشرين التحرك والانطلاق من أكثر من دولة، دون دعم لوجستيكي من سفراء الكيان الصهيوني. فالقاتل هي الدولة وكل مؤسسة من مؤسساتها شاركت في الإعداد وتقديم الدعم والتمويل والتخطيط، ثم في استرجاع العملاء والتستر عليهم، أوليس على هذا الأساس يلاحق النساء والأطفال من أسر المتهمين  بالإرهاب،  بل  ويبرر  قتلهم  خارج  القانون  في  عمليات  لا  تختلف  عن  العمليات  الإرهابية  المدانة .

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!