-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

منعرج 23 جويلية

منعرج 23 جويلية

لم يسبق أن كانت انتخاباتٌ برلمانية إسبانية محط أنظار المتابعين في الضفة الجنوبية للمتوسط، وبالضبط في الجزائر والمغرب، مثلما هي عليه هذا العام، بسبب تداعيات قرار بيدرو سانشيز ربيع 2020، بدعم مخطط نظام الرباط في الصحراء الغربية.
دفعت نتائج الانتخابات الإقليمية والمحلية التي جرت قبل أسابيع، رئيس الحكومة بيدرو سانشيز إلى الإعلان عن تقديم موعد السباق البرلماني إلى 23 جويلية، بعد أن تلقَّى حزبه خسارة كبيرة فيها، وكان هذا الاستحقاق -رغم أنه محلي- بمثابة استفتاء على شعبية سانشيز، عقب هزات شهدها الائتلاف الحاكم، بسبب انفراد الأخير بتغيير موقف مدريد من قضية الصحراء الغربية، إلى جانب أزمات اقتصادية واجتماعية أخرى مثل التضخُّم وتراجع القدرة الشرائية.
ومثلما تثير هذه الانتخابات النيابية في مدريد اهتماما غير مسبوق في الجانب المقابل من المتوسط، أصبحت طريقة إدارة العلاقة مع الجزائر والمملكة “العلوية” في قلب السباق الانتخابي الاسباني الجديد.
وكانت هذه العلاقة أبرز نقطة في مناظرة تلفزيونية جرت بين سانشيز ورئيس أكبر أحزاب المعارضة “الحزب الشعبي”، ألبيرتو نونيز فيخو، وهو أقوى مرشح لقيادة الحكومة القادمة في حال فوز حزبه بهذه الانتخابات، كما تشير أغلب التوقعات.
وحوّل فيخو هذه المناظرة إلى جلسة محاسبة لسانشيز، بشأن ظروف تغيير موقف الحكومة من نزاع الصحراء الغربية، وقصة الرسالة الشهيرة إلى محمد السادس والتي تضمنت إعلانا عن دعم مخطط الحكم الذاتي، مشيرا إلى ظروف التحول الذي كان سرّيا دون فتح نقاش حوله، وكذا علاقته بتجسس المخابرات المغربية على هاتف رئيس الحكومة الاسبانية لابتزازه.
وظهر سانشيز في المناظرة مرتبكا بشأن القضية، وحاول التدارك بأن موقف بلاده من النزاع لم يتغير وهو متطابقٌ مع قرارات الأمم المتحدة، رغم أن القرارات الأممية التي تنص على وجود مسار تصفية استعمار تتناقض مع مخطط الرباط الذي يروِّج لضمِّ الإقليم.
واحتلَّت الأزمة مع الجزائر حيِّزا آخر من النقاش في المناظرة، إذ جدَّد رئيس الحزب المعارض نيته العمل على تطبيع العلاقات مع الجزائر، وكذا العودة إلى الموقف المتوازن لإسبانيا من قضية الصحراء الغربية كما كان طيلة عقود.
وأعاب رئيس الحزب الشعبي المرشح لقيادة الحكومة القادمة على سانشيز كسرَ قاعدة توازن علاقات إسبانيا مع الجيران، إذ أن سبب قرار الجزائر تجميد العمل بمعاهدة الصداقة مع مدريد يعود بالدرجة الأولى إلى تجاهل سانشيز وجود بنود فيها حول التشاور السياسي بين البلدين بشأن قضايا المنطقة.
وتصف وسائل الإعلام الإسبانية هذه الانتخابات بـ”المنعرج” في مجال السياسة الخارجية بالدرجة الأولى، بحكم أن تولي الحزب الشعبي قيادة الحكومة، كما هو متوقع، سواء لوحده أو عبر ائتلاف جديد، سيكون بمثابة بداية لتوجُّه جديد في الساسة الخارجية لمدريد تجاه دول الجوار.
وتروِّج وسائل إعلام قريبة من القصر الملكي في المغرب لطرح مفاده أن قرار سانشيز حول الصحراء الغربية أصبح موقف دولة في إسبانيا، وهو ما نفاه فيخو الذي شدد على أن المشكلة في القضية، هي أن رسالة الحكومة للرباط لا يعرف أحدٌ مضمونها وهناك شكوكٌ حول كتابتها من قبل النظام المغربي نفسه.
والسؤال الذي يبحث المتابعون سواء داخل إسبانيا أو خارجها عن إجابة له هو: كيف ستتعامل الحكومة الجديدة مع موقف سانشيز؟ وكيف سيكون رد فعل النظام المغربي؟ وهل ترضى الجزائر بأي خطوة من مدريد لتطبيع العلاقات؟
ويبدو أن التوجه الأقرب للحكومة الجديدة سيكون عدم الاعتداد برسالة سانشيز، وإعلان الالتزام بالقانون الدولي والقرارات الأممية، لترميم العلاقات مع الجزائر، أما بالنسبة للرباط فهناك تقارير أمنية إسبانية حول تلويحها بملف الهجرة من الآن للضغط على مدريد، لكن موقفها صار أضعف من السابق، بسبب فضائح الرشاوى في أوروبا وملف بيغاسوس، فضلا عن أن حنفية الغاز أضحت الآن بيد مدريد وقد توظفها في أي لحظة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!