-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الجزء الثاني والأخير

من أجـــل انتفاضة إصلاحية لفائدة منتخَبي الجماعات المحلية

بشير فريك
  • 260
  • 0
من أجـــل انتفاضة إصلاحية لفائدة منتخَبي الجماعات المحلية

تناولنا في الجزء الأول من هذا الموضوع إشكالية التنمية المحلية ودور الجماعات المحلية بأطرافها المعروفة وهي الإدارة (أو اللا تركيز)، والمنتخبون، وحاولنا إبداء بعض الاقتراحات العملية لصالح منتخَبي المجلس الشعبي الولائي.

قد ينغمس المنتخَبون في الإسراف والتبذير وسوء التسيير والمحاباة والمحسوبية والعشائرية والجهوية وربما الحزبية، ولهذا وجب حسن الاختيار للمترشحين من طرف الأحزاب كما أشرنا، مع تشدد قانون الانتخابات، لاسيما فيمن يتولى المسؤولية التنفيذية بالمجلس المنتخَبة.

ونتناول في هذا الجزء كيف يمكن لمنتخَبي المجالس البلدية من خلال إعطائها الصلاحيات القانونية والإمكانات المالية والمادية للاضطلاع بصلاحياتها.

وختمنا بكلمات حول آثار التمكين لهؤلاء المنتخَبين إيجابيا وسلبيا.

ب- التمكين لمنتخبي المجلس الشعبي البلدي:

يمثل المجلس الشعبي البلدي من الناحية القانونية الصورة الحقيقية لنظام اللامركزية باعتبار أن المنتخبين يمثلون المواطنين ديمقراطيا ويتداولون وينفذون  مداولاتهم من خلال هيئتهم التنفيذية المنتخَبة، ومع ذلك فإنه في الواقع هناك اختلالات لابد من التطرق اليها والمطالبة بمعالجتها وذلك كالتالي:

1- منع الوصايات الصورية المفروضة على المنتخَبين من الإدارة والمصالح التقنية والمصالح المالية ناهيك عن الوالي ورئيس الدائرة أو الوالي المنتدب وحتى الوصاية الحزبية الابتزازية.

2- استبدال فكرة الوصاية بالرقابة على أن تنصّب عن رقابة المشروعية دون رقابة ملائمة للبلديات والولايات.

3- تمكين المجالس البلدية من مصالح تقنية خاصة بها من الكفاءات، من مهندسين معماريين، تقنيين وتخليصهم من هيمنة المصالح التابعة للدولة من تعمير وري وأشغال عمومية…الخ، على أن تعمل بالتنسيق والتوافق وفق قوانين وأنظمة الدولة.

4- منح المنتخَبين صلاحيات تشجيع الاستثمار العمومي أو الخاص من خلال فرض رأي الموافقة من طرف المجلس البلدي أو مكتبه على إقامة أي مشروع في تراب البلدية مثل الولاية.

5 دعم الميزانيات المحلية من خلال:

أ- التنازل عن بعض الأملاك الخاصة للدولة لصالح البلديات.

ب- مراجعة قانون الأملاك الوطنية بتمليك أو منح بدل الايجار أو الامتياز للمجالس البلدية التي تتولى صيانتها وحمايتها من الاعتداءات والبناء الفوضوي والاستغلال العشوائي.

ج- تحديد بعض الأنشطة التجارية والخدماتية أو الصناعية وتحويل  ضرائبها ورسومها مباشرة للميزانيات المحلية البلدية.

د- الافراج عن لغز الجباية المحلية وتحويله من شعار أزلي عقيم إلى واقع عملي لخدمة الجماعات المحلية والتنمية فيها.

هـ- تخصيص نسبة من الجباية البترولية مباشرة تصب في الميزانيات البلدية عوض المنِّ من طرف السلطات المركزية دوريا على الجماعات المحلية العاجزة في جلها.

و- السماح للبلديات والولايات بفرض رسوم محلية وتقنينها لدعم ميزانياتها.

6- دعم الإدارة البلدية بالكفاءات الجامعية الإدارية التقنية لتجاوز العجز المزمن في تأطير البلديات أمام تحجُّر الذهنيات وانعدام الكفاءات مع إعداد قانون أساسي لموظفي الإدارة البلدية والفصل نهائيا في مسألة الأمين العامّ للبلدية ومن يتولى تعيينه الوالي أو رئيس البلدية وتحديد صلاحياته.

7- ضبط برامج للتكوين والرسكلة للإداريين والمنتخبين، ومهما كانت أخطاء التسيير غير العمدية فلا بد من وضعها في سياق انعدام التجربة  لدى المنتخبين وهشاشة الإدارة البلدية والسهر على معالجتها.

8- على قانون الانتخابات والجماعات المحلية أن يعمل كلاهما على استباق الأحداث واستشرافها من خلال التشدُّد في اختيار المترشحين من حيث المستوى التكوين والتأهيل والخبرة ومن حيث النظافة والنزاهة.

ثالثا: مسؤولية الأحزاب في التمكين للمنتخَبين

تطرقنا في النقاط السابقة إلى مسؤولية الدولة ومن خلالها السلطات المركزية في التمكين المجالس المحلية وبالتالي للمنتخبين من خلال سن القوانين والتنظيمات لهذا الغرض.

ولأننا في نعيش التعددية فان للأحزاب السياسية دورا ومسؤولية في التمكين للمنتخَبين كمترشحين وكمجالس منتخَبة وذلك من خلال النقاط التالية:

1) الاجتهاد في انتقاء واختيار المترشحين من ذوي الكفاءة والنزاهة والالتزام إزاء خدمة الشأن العمومي المحلي بعيدا عن العصبية والجهوية والنظرة الحزبية الضيقة.

2) ضمان دوارات تكوينية لهؤلاء المنتخَبين المترشحين ثم كمنتخَبين حول آليات وكيفيات التسيير.

3) عدم التدخل في صلاحياتهم القانونية أو ابتزازهم أو التأثير عليهم وعلى قراراتهم من القيادات الحزبية التابعين لها.

4) الحرص على ترسيخ ثقافة الدولة لدى منتخَبي الأحزاب من خلال حثهم على ضرورة التكفل بأعباء المهامِّ المنوطة بهم وخاصة احترام قوانين الدولة وأنظمتها حتى ولو كانت لا تنسجم مع الخط الحزبي لها وهذا لتفادي تدخل الوصاية وحدوث تشنّجات بين المنتخَبين والإدارة.

5) على الأحزاب السياسية والأحرار المتواجدين في البرلمان بغرفتيه “الانتفاضة” وتشكيل تحالف استراتيجي لتغيير جذري قانونا لواقع المجالس المنتخَبة وانتشالها مما تعيشه من اختلالات وتهميش منذ عقود الاستقلال وهذا أهم شكل من أشكال التمكين للمنتخَبين المحليين.

رابعا: أثار التمكين للمنتخبين على التنمية المحلية:

من الواضح أنَّ لكل عملية نتائجَ وانعكاساتٍ قد تكون إيجابية وقد لا تخلو من السلبيات، وسنحاول هنا إبراز بعض الآثار المترتبة عن التمكين للمنتخَبين المحليين وانعكاساتها على التنمية المحلية.

الاثار الإيجابية:

1- تعميق مبادئ وأهداف اللامركزية في العملية التنموية التي ترتكز أساسا على وجود مجالس منتخَبة ديمقراطيا مما ينسجم مع أحكام الدستور والقوانين.

2- خلق الانسجام والتكامل الإيجابي بين المنتخَبين في مفهوم اللامركزية وعدم التركيز حسبما توضحه المادة 18 من دستور 2020

3- جعل المجالس المنتخَبة عبارة عن مشاتل لتفريخ وتخريج الكفاءات والإطارات الوطنية من خلال فسح المجال لها للعمل والاحتكاك بالكفاءات والإطارات الإدارية.

4- التمكين للمنتخَبين من شأنه خلق التلاحم الاجتماعي في الوطن بين أبنائه، مواطنين وإداريين ومنتخَبين للعمل بانسجام لصالح الجماعة الوطنية ويخفف من حدة التشنُّج في العلاقة بين مؤسسات الدولة ومواطنيها بما يلعبه المنتخَب من دور الوسيط.

5- انعاش الحركية التنموية الاقتصادية من خلال المساهمة في الاستثمار وتشجيعه لخلق الثروة واستحداث مناصب الشغل.

6- التكفّـل بإشباع حاجات المواطنين عبر البلديات والولايات وشعور المنتخَب بأنه مسؤول والناخِب بأنه أحسن الاختيار.

7- تخليص السلطة المركزية من المشاكل التنموية المحلية وتبعاتها إذ يتولاها المنتخَبون بما في ذلك الاحتجاجات الدورية والاعتصامات… الخ.

8- تعميق الديمقراطية المحلية وبُعدها التشاركي الإيجابي الذي يجعل المواطن أكثر مشاركة وإلماما بمشاكل التنمية ببلديته أو ولايته.

 بعض الاثار السلبية لتمكين المنتخَبين

1- قد يعمل المنتخبون على تفضيل المصالح المحلية على حساب الدولة وقوانينها وأنظمتها، ولهذا وُجد نظام الرقابة.

2- قد ينغمس المنتخَبون في الإسراف والتبذير وسوء التسيير والمحاباة والمحسوبية والعشائرية والجهوية وربما الحزبية، ولهذا وجب حسن الاختيار للمترشحين من طرف الأحزاب كما أشرنا، مع تشدد قانون الانتخابات، لاسيما فيمن يتولى المسؤولية التنفيذية بالمجلس المنتخَبة.

3- قد تفرز الصناديق منتخَبين تنقصهم الكفاءة والمهارة في تسيير الشؤون التنموية والاجتماعية المحلية، ولهذا وجب إجراء دوارات تدريبية لهم.

4- قيام بعض المنتخبين، كرد للجميل ولحسابات انتخابية، ببعض التصرفات المشوبة بالمحاباة ومنح امتيازات غير قانونية على حساب الجماعة المحلية، ولهذا وُجدت الرقابة القبلية والبعدية دون الإخلال بمبدأ الاستقلالية المحلية.

والخلاصة أنه علينا أن ندرك أن المنتخبين المحليين هم جنود معركة التنمية المحلية وهم محاضن ومشاتل لإطارات مستقبل البلاد، فعلى السلطة والأحزاب والناخب الجزائري إيلاء الأهمية القصوى للمنتخبين والتمكين لهم، ثم أنه لا بد من الإقلاع عن حجج انعدام الكفاءة والخبرة لتضييق الخناق على منتخبينا، بل على الدولة الأخذ بأيديهم تكوينا وتوجيها وتأطيرا ورسكلة، وأخيرا على السلطات العليا في البلاد الحسم نهائيا وعمليا في ترسيخ نظام الحكم المحلي والتفتح على التجارب والنماذج العالمية وعدم الإبقاء على هيمنة الإداري على المنتخَب المستمدة من النموذج الاستعماري القديم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!