الرأي

من أجل الوطن

صالح عوض
  • 585
  • 4
ح.م

في حرب التحرير والجهاد العظيم الذي خاضه الشعب الجزائري عبر قرن وثلث قرن في مواجهة عنصريين متوحشين ساقتهم نفوسهم الأنانية المريضة إلى وطن مسالم، تميزت قوانين وعناصر ينبغي عدم الغفلة عنها لحظة.

أهمّ تلك القوانين أنه متى عظم حظ الوطن لدى نفوس قياداته وحركاته كانت جماهير الناس تقدم نماذجَ متألقة من العطاء والفداء والعزة ويصبح العدو قاب قوسين أو أدنى من هزيمة نكراء.

وكلما ارتكست قياداته وأحزابه إلى مصالحها وأنانيتها وحساباتها القريبة، ارتد الناس مخذولين محبطين كارهين لكل شعار، فاقدين الثقة في الأشخاص والهيئات، الأمر الذي يحقق للعدو التغوّل والإمعان في إذلال الشعب.

واليوم لابد من التذكير بأن العدو، وإن خرجت جحافل جيشه وعتاده من البلاد، إلا أن عينه على خيراتها وثرواتها المتنوعة، وهو يعمل ليل نهار لإفشال مشاريع نهضتها وتقدمها ويضع الضمانات لتوفير شروط إخفاقها.. ومن أخطر هذه الشروط غرس أفكار في رؤوس البعض أو صناعة أشخاص يقومون بمهمة تكريه الناس في وطنهم وانجاز إحباطهم وإلقائهم على هامش الحياة.

وهكذا من جديد نرى أنفسنا في واحدة من أنواع المعارك الشرسة مع العدو الذي لا يخفي عداءه، بل يواصل بكل صلف غير ملتزم بمواثيق السلام ولا معاهدات الصداقة.. ومن هنا يصبح على الجميع إعادة القوانين الأولى الملزِمة للساسة والمثقفين وأصحاب النفوذ إلى الحياة والتحرك في واقع الناس، فيعود للجميع ثقتهم وتشحذ الهمم وتُرصُّ الصفوف ويتراجع العدو الخبيث عن هجماته أو تقطع يده.

من ظن أن المعركة عبارة عن إحساس بالخوف أو فكرة عن المؤامرة فهو في الحقيقة كمن يضع رأسه في الرمال ظانا أن لا أحد يراه.. إن المعركة حقيقة وجدّية، وهي متنوعة الجبهات في اللغة والدين والثقافة والسياسية والاقتصاد، بل وأكثر من ذلك أنها تتم على جبهات الوحدة الوطنية التي تتعرَّض لدعوات شيطانية ينفخ فيها العدو بنفسه الشريرة.

هذا الكلام موجه للجميع؛ لكل من يحمل موقفا وله حزب أو جمعية أو جماعة فليتقِّ الله في الوطن ولترتفع همَّته إلى مستوى العطاء والواجب من اجل استرداد ثروات الوطن واحتضان طاقات أبنائه الخيِّرة وتقديم الخدمات للشعب التي تليق بآدميته وبعزته وبعطائه الكبير.. هذا الكلام هو من جهة من يقول إن العبث في الزمن والإصرار على نيل الحقوق كاملة في الداخل إنما هو وصفة للتفتيت والتخريب والإحباط.. فالوطن الوطن الوطن ومن الحقوق ما نستطيع مع استمرار الإيجابية في الفعل والممارسة، المهم في كل ذلك أن لا نسمح للعدو أن يخترقنا أو يشمت بنا أو ينهب ثرواتنا.. والله غالب على أمره.

مقالات ذات صلة