من تڤنتورين إلى نيروبي.. الإرهاب واحد
تتجه جميع أفكارنا نحو الشعب الكيني والحكومة الكينية وجميع المتضررين من الأحداث المأساوية التي وقعت في مركز وستغيت للتسوق في نيروبي بداية هذا الأسبوع. ويبدو، في الوقت الذي أكتب فيه هذا المقال، أنه تم تعداد ست رعايا بريطانيين وسط العدد الكبير من الضحايا الآخرين الذين فقدوا أرواحهم بطريقة مأساوية وقد يكون هناك المزيد. قام رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بقطع زيارته إلى بالمورال، مقر إقامة الملكة في اسكتلندا، يوم 23 سبتمبر ليترأس اجتماع كوبرا وهو لجنة الاستجابة للطوارئ في المملكة المتحدة، كما أنه تحدث إلى الرئيس كينياتا. وقد وضّح في تصريحات علنية أن هذا الهجوم تم باسم الإرهاب وليس الدين، فالمملكة المتحدة تدين هذا الهجوم المروع بأقوى العبارات.
كما وصف وزير الخارجية البريطانية ويليام هيغ هذا الهجوم بأنه جبان ووحشي، وأرسل على الفور إحدى فرق الانتشار السريع لوزارة الخارجية إلى نيروبي لمساعدة المفوضية العليا البريطانية في الاستجابة لهذه الأزمة. وكما هو الحال دائما، فقد كان أمن وسلامة الرعايا البريطانيين على رأس أولوياتنا. وأصبحت وزارة الخارجية في لندن هي الأخرى في وضع أزمة وهي تعمل على مدار الساعة لدعم الرعايا البريطانيين وعائلاتهم.
لقد قرأت باهتمام كبير البيان القوي الصادر عن الناطق باسم وزراة الخارجية الجزائرية. السيد بلاني عقب الحادث الذي وقع في كينيا. ومرة أخرى، كان هذا مثالا عن إدانة الجزائر الشديدة للإرهاب بجميع أشكاله. وتقف المملكة المتحدة جنبا إلى جنب مع الجزائر في إدانة الإرهاب وفي عزمنا المشترك على التصدي لهذا الخطر الذي يهدد السلم والأمن الدوليين.
وهذه مرة أخرى تذكرة مؤلمة عن الحاجة الملحة لتعاون أوثق بين جميع البلدان التي تدين الإرهاب على المستوى الإقليمي والدولي حيث أن التهديدات التي نواجهها عالمية ويجب أن يكون ردنا ذكيا ومنسقا.
تتقاسم المملكة المتحدة والجزائر نفس المخاوف بشأن الإرهاب. إذ نتفق مثلا على عدم دفع الفدية في حالات الاختطاف من قبل الإرهابيين، ونحن نعمل معا على اتفاق متعدد الأطراف لتعزيز هذا النهج. ولطالما كان حوارنا حول مكافحة الإرهاب بناء وقيما. ومن أجل تعزيز هذا التعاون أعلن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون شهر جانفي عن تشكيل الشراكة الأمنية الاستراتيجية والتي أصبحت الآن أهم ملتقي بيننا للتعاون حول القضايا الأمنية ومكافحة الإرهاب. يتولى رئاسة الجانب البريطاني مستشار الأمن القومي لدى رئيس الوزراء البريطاني سير كيم داروش الذي سيقوم رفقة وفده رفيع المستوى بزيارة إلى الجزائر في نوفمبر لمواصلة الحوار الممتاز الذي بدأناه في لندن في شهر أفريل الماضي. إن هذا الملتقى مهم جدا لتبادل الخبرات والبحث عن حلول مشتركة للتهديدات الأمنية التي نواجهها جميعا.
ومع الأحداث المروعة التي وقعت مطلع هذا العام في تيقنتورين، وفي نيروبي خلال الأيام القليلة الماضية، لم يتبق لنا أي شك في أن الإرهابيين لن يتوقفوا عند أي شيء في سبيل تحقيق أهدافهم من خلال العنف.
لكن مما لا شط فيه أيضا هو أنه من خلال جهود مستمرة واليقظة وبناء علاقات دولية قوية، يمكننا هزيمة الإرهاب. حيث في أوقات الأزمات، غالبا ما يتحد الأشخاص العاديون معا للقيام بإنجازات غير عادية. وقد شهد مفوضنا السامي في نيروبي ذلك بنفسه خلال الأيام القليلة الماضية. إذ خرج المجتمع الكيني في نيروبي بقوة لدعم خدمات الطوارئ في القيام بعملهم الحيوي. كما أن المفوض انضم إليهم في كينكوم صباح يوم الحادث للتبرع بالدم لفائدة الضحايا قبل أن يعود لتنسيق عمل فريق الاستجابة للأزمات. وكانت الاستجابة من الكينيين ومن الصليب الأحمر الكيني وعدد لا يحصى من المنظمات الأخرى مذهلة. وكما قال رئيس كينيا في رسالته على تويتر: “فإن الطريقة التي نسير بها حياتنا في جو من الحرية والانفتاح والوحدة والاحترام لبعضنا البعض تعد انتصارا على جميع أولئك الذين يرغبون في إيذائنا”.