-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

من خلف الدعوة إلى إلغاء الانتخابات…؟

محمد سليم قلالة
  • 3178
  • 14
من خلف الدعوة إلى إلغاء الانتخابات…؟
ح.م

عندما جرت انتخابات 26 ديسمبر 1991 بشفافية وبكل حرية وُصِفت بأنها “انتخابات إنقاذ إسلامية”… وأنها “ستُنتج التطرف والأصولية والدكتاتورية الدينية”… وألغيت تحت غطاء إنقاذ الجمهورية، ودُفع بِنا دفعا نحو الاقتتال والدماء والدموع والعشرية السوداء.. والكل يعلم اليوم مَن ألغى تلك الانتخابات.

وإذا كان هناك بعض ما يبرر انتخابات 1999 (استعادة الأمن) وانتخابات 2004 و2009 (مشروع البناء الوطني المُصادَر)، فإن انتخابات 2014 (العهدة الرابعة لم يكن لها ما يبرِّرها فهي انتخاباتٌ لم يشارك في حملتها الرئيس الفائز بسبب العجز)… ومع ذلك أيَّدها الكثير في الداخل والخارج.. ولم يَبكِ سوى القليل مع الشعب، ولا مَن خاف على الجمهورية، ولا على حرية التعبير، ولا على الديمقراطية..

وكلنا نعلم أيضا مَن أيَّد تلك الانتخابات.
وعندما زال حكمُ تلك الجمهورية التي أنتجتها تلك الانتخابات المطعون فيها، وتم إبعاد أغلب رموزها، وأصبحت البلاد على أهبة انتخابات وطنية هذه السنة لإنقاذ ما يُمكن إنقاذُه، قيل هذه المرة إنها ستكون ضد الإرادة الشعبية وستعيد إنتاج النظام السابق (الذين زعموا أنه جاء لإنقاذ الجمهورية).. وتجري حاليا الدعوة إلى إلغائها، وعلى رأس القوى السياسية الداعية لذلك، تلك التي ألغت انتخابات 26 ديسمبر 1991 ضاربة عرض الحائط بالإرادة الشعبية، وهي التي تزعم اليوم أنها في صفِّ الشعب ومعبِّرة عن تطلعه لإقامة نظام جديد.

ومع ذلك لم يَطرح الكثير منا السؤال الذي ينبغي أن يُطرَح: مَن كان يُلغي الانتخابات في الجزائر؟ ومن كان يُزوِّرها في كل مرة؟ ومَن يسعى إلى إلغائها اليوم؟

ولم يُحاول الكثير مِنَّا أن يقارن بين القوى السياسية التي كانت خلف قرار إلغاء انتخابات 1991، وتلك التي تسعى اليوم إلى إلغائها. أليس هناك ترابطٌ بينها؟

لِيضع كلٌ منّا، إن شئتم، قائمة بالقوى السياسية الداعية اليوم إلى إلغاء الانتخابات، (بعيدا عن التخفي خلف عموم الشعب الصادق في مطالبه)، ولِيقارن بينها وتلك التي وقفت ضد إرادة الشعب، ولِيحكم!

هل ينبغي أن نُصدِّق بالفعل أن هذه القوى مصطفَّة إلى جانب الشعب وصادقة في التعامل معه اليوم؟

هل هناك علاقة بين رفض انتخابات 1991، ورفضها اليوم؟ وهل هناك علاقة بين رفض بروز تمثيل شعبي ومحاولة هذه القوى الحركة في الخفاء؟ وهل ستعرف الجزائر نفس المصير الذي عرفته قبيل العشرية السوداء بسبب مناورات هؤلاء؟ …
هناك بالفعل من يُلَوِّح بذلك، وربما يسعى إليه، ولكن القوى الوطنية اليوم بمختلف مشاربها الفكرية باتت مُدرِكة لطبيعة هذا السيناريو وقادرة على مواجهته.

إن هذه القوى الوطنية لا تزعم أن الانتخابات هي حلٌّ سحري للأزمة، كما لا تقول إنها وسيلة لإعادة الحكم السابق، بل تراها انتخابات إنقاذ وطني مرحلية، للتأسيس لنظام جديد. وهذا ما أراه الأقرب إلى العقلانية والموضوعية، بعيدا عن كل موقف إيديولوجي أو عاطفي أو حزبي أو حتى شخصي…

نحن بالفعل في حاجة إلى مرحلة إنقاذ وطني، دستورية، لا يمكنها أن تتحقق إلا من خلال انتخابات إنقاذ وطني مناسِبة للمرحلة التي تمر بها البلاد.

لا يمكننا أبدا الانتقال إلى الإصلاح الحقيقي من دون المرور عبر هذه المرحلة (وهو ما حدث بتونس في عهد الرئيس “السبسي” رحمه الله الذي كان أحد وجوه النظام السابق بل وُصِف بآخر البورقيبيين)، ومع ذلك مكَّن شعبَه من الانتقال السلس نحو ديمقراطية أفضل أنتجت الرئيس “قيس سعيد” من خارج النظام بأقل الخسائر.

نحن أيضا بإمكاننا، أن نُجنَّب بلادنا أيا من الانزلاقات، كما نُجنِّبها الوقوع في أيدي القوى السياسية الرافضة مبدئيا للانتخابات التي تَعلم أنها لن تفوز بها ديمقراطيا، لذلك إما أن تلغيها، أو تُزوَّرها، ولا لا حلّ آخر لها، مرة تحت غطاء “الخوف على الجمهورية”، وأخرى تحت غطاء “الخوف على الشعب…”

لذلك، علينا منع تكرار محاولة مغالطة الشعب اليوم أو الزعم كذبا الدفاع عنه، وعلى كل الوطنيين التجنُّد معا لأجل إنجاح ما أؤكد عل تسميته “انتخابات إنقاذ مرحلية” لأجل إرساء قواعد نظام سياسي جديد.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
14
  • نائل

    شكرا لك أستاذ على اسهاماتك الفذة

  • Karim

    بن غبريت ضد الانتخابات، خليدة مسعودي ضد الانتخابات، العصابة، الماك MAK، RCD ، أذناب فرنسا، البرلمان الأوروبي، فرنسا، ............ كل هؤلاء ضد الانتخابات ، زيد على ذلك أولائك الذين يريدون أن ينتقموا لأنفسهم و ليس لله مثل بقايا الفيس FIS و آخرين الله أعلم بهم مثل مقري و جاب الله ........... السؤال واضح و الإجابة لك.

  • ابن الجبل

    اقرا مقالاتك منذ مايقرب من أربعين سنة ، وكنت أستمتع بقراءتها لما فيها من المصداقية . لكن في هذه الانتخابات ،اراك قدحدت عن المنطق وجادة الصواب ...!! فجل الشعب الجزائري يرفض رموز النظام السابق ، لأنها متهمة بالتزوير والنهب والفساد ... اذن ، الثقة في هؤلاء انعدمت كلية ، فلا فائدة من اعادتهم الى الحكم مرة اخرى !! هذه وجهة نظرنا أيها الأخ المحترم .

  • حسان

    السلام عليكم استاذ.انا من عامة الشعب المغلوب على امرهم وارى في كلانك انك تطلب منى التفاءل والطمع في شياطين الماضي ان يصبحو ملاءكة....إما انك متفاءل جدا او انك تضحك علينا. . ولله في خلقه شؤون

  • طاهر

    أنت لا تقرأ الأحداث إلا من منطق فئوي و بعيون أيديولوجية تخلع أصباغا و ألوانا على حراك الشعب و الحراك بريء منها و قد تجاوزها ، و لذلك لا يمكنك فهم حَراك الشعب إلا بما يرتضيه منطقك . و لا حول و لا قوة إلا بالله .

  • صنوبري يزيد

    يا السي قلالة أحسن رد على المشكككين ومن أي طرف كان هو أن تكون الانتخابات حرة ونظيفة ونقية هذا ما ينتظره الجميع أما أن يتم في كل مرة إرضاء جهة على حساب أخرى بعملية "تعيين" رئيس بطريقة أو بأخرى فسيؤزم الوضع ويدفع الحراك للتطرف وهذا لا قدر الله ما يخشاه الجميع وهو ما يريده أبناء فرنسا وخدمها لأن ضعف الجزائر هو قوة لفرنسا وقوة الجزائر ضعف لفرنسا وأحسن دليل وقت الراحل بومدين حيث كانت فرنسا تحسب لمواقف الجزائر ألف حساب ووقت بوتفليقة حيث كانت تنال ما تشاء.

  • جزائري

    لنتصور السيناريو الاتي. تنسحب كل الطبقة الحاكمة بكاملها خلال عهدة بوتفليقة وتترك المجال كله لما يسمى بالحراك واتباعه. ما اللذي سيحدث. هل سيتفق اطراف الحراك ممن يسمون انفسهم الاسلاميين ومتطرفيهم الدمويين ومن من يسمون انفسهم ديمقراطيين ومتطرفيهم الدمويين . هل حقا سيتفقون على شيىء ايجابي للشعب ام انهم سياكلون بعضهم بعضا ويدفعون بالجزاءر الى ما يحمد عقباه. بحكم معرفتي الجيدة بهؤلاء واولءك فانه بامكاني ان اقسم بالله انهم سياتون على الاخضر واليابس لو تركوا احرارا في فعل ما يشاؤون. وبمجرد حصول اي ضعف للجيش الجزاءري فان الجزاءر ستحترق وربما هذا ما يلعب عليه بعض اعداء الجزاءر حتى يحدث ذلك.

  • جلال

    لا زال السؤال الذي ينبغي أن يُطرَح: مَن كان يُلغي الانتخابات في الجزائر؟ ومن كان يُزوِّرها في كل مرة؟ ومَن يسعى إلى إلغائها اليوم؟ قائما الى حد الساعة وهو يبحث عن جواب . يجب إخضاع الدولة للقانون بدلا من إخضاع الفرد للجهاز السياسي أو الديني .الفلسفة السياسية الحديثة تسعي إلي إقامة مدنية دنيوية تحترم القوانين الإلهية.إن ضبط العلاقة بين الحاكم والمحكوم لهو من اوجب واجبات الأحزاب وكذلك بين الإدارة والمواطن وبين الناخب والمنتخب وتقويم هذا الأخير ليصبح خاضعا للنقد الموضوعي في أسلوب الحكم وتصحيح أي اعوجاج كما أن عليه أن يفهم بل يتربي علي إن له عقدا أو عهدة مع منتخبيه لوقت معين

  • ياسين

    الانتخابت هي لبنة في صرح الديمقراطية...و الذين يرفضون الانتخابات اليوم لا لإنها ستكون مزورة بل لأنها ستكون نزيهة ...فلو تكون مزورة لشاركوا فيها كما شاركوا من قبل في جميع الاستحقاقات الماضية بدءا من سنة 92 التي ساهموا في مصادرة أول انتخابات حرة و نزيهة...هم نفس الوجوه التي ترفض انتخابات 2019 بعد أن حالوت العصابة الانقلاب الأبيض على الشعب بافتعال العهدة الخامسة لو تفطن الجيش الذي أحبط مخططهم الخبيث؟ لكن هذه العصابة لزالت تحرك خلاياه النائمة لتعطيل المسار الانتخابي قصد التمكين و تكريس منطق قطاع الطرق الذي يترصد الشعب في المنعطف الحاسم لتحويل القاطرة عن مسارها كما فعلوا تماما سنة 92؟

  • جزائري

    الديمقراطية حق يراد به باطل. من امريكا الى فرنسا الى الجزاءر الهدف واحد تسلط خفافيش الظلام على المستضعفين واستباحتهم ثم اخراص شكاويهم.

  • عبد الغني بوصنوبرة

    استاذنا سليم قلالة اتابع مقالاتك منذ ما يربو عن الثلاثين سنة عبر جريدة الشعب في اواخر الثمانينيات و يومية السلام و بعدها اسبوعية الحقيقة ثم الشروق اليومي و هلم جرا و لكني اختلف معك في ظروف النتخابات و ليس في الانتخابات في حد ذاتها لان كل خلاف سياسي مهما عظم او صغر انما تحسمه الصناديق و ليس شيء اخر بشرط ان تتوفر ظروف اجرائها بتوافق الاغلبية و حتى تكون الانتخابات انهاءا لازمة و ليس بداية لازمة قد تكون -لا سمح الله- اعقد و اشد وطاة على الجزائر و اعلم ان الجزائر لكل الجزائريين و لك تحياتي .

  • الطيب

    4.الحكم البوتفليقي لم يزل ،بل ما زال ساري المفعول ويحاول تدعيم نفسه بانتخابات مرفوضة من طرف فءات عريضة من الشعب. أيام الجمعة والثلاثاء خير من الف خطاب.
    5. من لا يريدون انتخابات 12/12 ليسوا فقط من كان ضد انتخابات 1991، بل يمثلون طيفا واسعا من وطنيين(حمروش، طالب،بن بيتور) الى الاسلاميين(حمس،العدل( مرورا بالديمقرطيين.(العمال، لارسيدي ، الاففاس ..).
    6. القوى التي تدعي الوطنية وتساند الانتخابات هي نفسها من كانت تساند الخامسة
    7. المرحلة الانتقالية ضرورية ولكن يجب أن تكون نتيجة توافق بين جميع الجزائريين
    8.الانتختبات الديمقراطية تجري في ظل احترام حرية التعبير والتنقل والراي.

  • رضوان

    هذا هو المنطق، وهذه هي التحاليل التي نريد، أي التي تنطلق من استقراء التاريخ وتستشرف المالات، والتي كذلك تنطلق من قول الحق وتستهدف خير البلاد، وليس التخفي وراء شعارات رنانة أو مسك العصا من الوسط لتقديم بعض الترضيات لفئة معينة حتى لو كانت تمثل الأغلبية، فكلمة الحق لا تعترف بالأغلبية أو الأقلية، شكرا أستاذ قلالة مرة أخرى.

  • ياسين

    شكرا استاذ سليم على المقال القيم الذي يصب في الصميم...نعم فالذين يرفضون الانتخابات اليوم هم أنفسهم الذين ساندوا من صادروها بالأمس 92؟ هؤلاء يريدون تكريس منطق قطاع الطرق...في الوصول إلى الحكم...و يستغلون في ذلك الشباب الذي لا يعرف عن تاريخهم الأحمر شيئا ...هؤلاء الذين يترصدون الشعب في المنعطف لسلب إرادته في اختيار من يحكمه بكل حرية و ديمقراطية...هؤلاء الذين نعرفهم لكنهم لا يستطيعون الخروج إلى الشعب بوجه سافر؟ هؤلاء هم قطاع الطرق الذين يستغلون السذج من الناس لتحقحيق أهدافهم السياسية غير المعلنة؟