الرأي

من غشّ فليس منّا

أرشيف

قرأت عن بعض ما فعله السفهاء “منا”، حيث لم يكتفوا بتلطيخ وجوههم بجميع أنواع القاذورات المادية والمعنوية، بل تجاوزوا ذلك إلى ذلك تلطيخ وجه الجزائر، وتمريغه في الأوحال بما ارتكبوه من قبيح الأعمال.
قرأت أن مواد فلاحية جزائرية شحنت إلى كندا للمشاركة في المعرض الدولي للمواد الفلاحية في مونريال، وبعد تفتيشها رفضت الجمارك الكندية المحترمة إدخال تلك المواد لما فيها من معايب، كامتلائها بالفطريات والجراثيم، لأنها تفتقد المعايير العالمية المعمول بها في تخزين مثل تلك المواد، ونقلها، وحفظها، وإنما هيئت بطريقة “غير هاك”، كأنها موجهة إلى أي سوق جزائرية.
وقرأت أن الجمارك الكندية المحترمة لم تكتف برفض دخول تلك المواد العفنة إلى كندا، بل أمرت بحرقها، وعلى حساب الجزائر..
وليس ما فعلته كندا فريدا أو وحيدا، فقد رفضت دول أخرى قبول منتجات فلاحية جزائرية، وذكر من هذه الدول قطر، وروسيا وفرنسا، لأن تلك المواد “موسّخة” و”مدودة”، وهكذا تحافظ الدول المحترمة ومؤسساتها اليقظة النزيهة على سمعتها وصحة مواطنيها.. (أنظر تفاصيل ذلك في جريدة الخبر ليوم 11/6/2018).
قبل بضعة أشهر هاتفني أحد الإخوة من مدينة باتنة كما عرّف نفسه، وقال لي: يا أستاذ لقد سمعتك في حصة تلفزيونية ذكرت حديثا لرسول الله – صلى الله عليه وسلم- بصيغة “من غشّنا فليس منا”، والصحيح – كما قال هذا الأخ- هو “من غشّ فليس منا”…
شكرت الأخ الفاضل على اهتمامه، وغيرته على حديث رسولنا – صلى الله عليه وسلم- وأكّدت له بأنني لا أتذكر الصيغة التي أوردتها، لأن المتحدث ليس كالكاتب.. ووعدته بأنني سأراجع ما تحت يدي من مراجع حديثية، وسأسأل أهل الذكر في هذا الأمر..
إن صيغة من “غشّ فليس منا”، وفي رواية “فليس مني” أقرب إلى روح الإسلام، لأن الإسلام يحرم الفعل القبيح نفسه لا مع المفعول فيه ذلك الفعل، فالسرقة حرام مع المسلم وغير المسلم، والزنا حرام مع المسلم وغير المسلم، والربا حرام مع المسلم وغير المسلم، وإلا صرنا كاليهود الذين يمنعون الربا مع بعضهم ويجيزونه مع غيرهم، كما جاء في توراتهم “أخاك لا تقرض بربا”، وقد سجل القرآن الكريم دناءة اليهود عندما ذكر على لسانهم ما يؤمنون به ويفعلونه إن تمكنوا “ليس علينا في الأميين سبيل”.
لقد سألت بعض الأساتذة عن هذا الحديث فأكدوا لي أنه ورد بروايتين.. ورجّحوا الرواية الدالة على العموم “من غشّ..” يقول الشيخ محمد الغزالي: “المسلم مكلف أن يلقى أهل الأرض قاطبة بفضائل لا ترقى إليها شبهة، فالصدق واجب على المسلم مع المسلم وغيره، والسماحة، والوفاء، والمروءة والتعاون، والكرم”، (خلق المسلم: ط. الشهاب، ص32). و”قد أمر الإسلام بالعدل ولو مع فاجر أو كافر” (المرجع نفسه) فكفى أيها الفاسدون تشويها للإسلام، وتلطيخا لشرف الجزائر وسمعتها.. لإشباع جشعكم وأنانيتكم.

مقالات ذات صلة