-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

من يرفض اللغة الإنجليزية؟ !

أوحيدة علي
  • 7921
  • 0
من يرفض اللغة الإنجليزية؟ !

قد يقول بعض القراء: لا أحد من الجزائريين يرفض اللغة الإنجليزية التي أصبحت في وقتنا الراهن لغة عالمية متواجدة في جميع المجالات العلمية، ومناحي الحياة اليومية للأفراد والجماعات، وهذا يعني أن كل من يحسن اللغة الإنجليزية يستفيد من كل معرفة أو علم أو بحث جديد، بل يمكن له السفر والعمل والتعامل مع سكان الكرة الأرضية قاطبة، بل يكون حرا طليقا ينتقل من دولة إلى أخرى، ويتعامل مع من يشاء بسهولة ويسر، أما اللغة الفرنسية فقد أصبحت لغة متأخرة في موطنها الأصلي، بل سجنا لمن يتعلمها، لأنه لا يستطيع العيش والتعامل والعمل والتعلم والبحث خارج فرنسا، وهي أدرى بهذا منا، ولهذا تعمل فرنسا منذ زمن بعيد على نشرها وترسيمها في المجتمعات التي كانت تحت سيطرتها، لتحافظ عليها وعلى مصالحها، لأن اندثار لغتها يؤدي حتما إلى انقطاع الحبل الواصل بينها وبين مستعمراتها.

الفرنسية هي اللغة الرسمية بدون دستور أو قانون مكتوب، فهي لغة المسؤولين، والإدارات، والمراسلات، والإعلانات، والمحلات التجارية، والمقابر في المدن الكبرى، وهي اللغة الأجنبية الأولى في مدارس المغرب، وتونس، والجزائر، والسؤال: هل تصمد اللغة الإنجليزية في الجزائر أمام الفرنسية؟ أم أنها تضعف وتفشل وتضمحل أمام مطبات القائمين على شؤون التربية، ثم تُحذف وتُنسى كما حُذفت ببرقية من مصلحة من مصالح وزارة التربية نفسها في التسعينيات؟

الأدلة على هذا كثيرة، ومنها أن الفرنسية هي اللغة الرسمية بدون دستور أو قانون مكتوب، فهي لغة المسؤولين، والإدارات، والمراسلات، والإعلانات، والمحلات التجارية، والمقابر في المدن الكبرى، وهي اللغة الأجنبية الأولى في مدارس المغرب، وتونس، والجزائر، والسؤال: هل تصمد اللغة الإنجليزية في الجزائر أمام الفرنسية؟ أم أنها تضعف وتفشل وتضمحل أمام مطبَّات القائمين على شؤون التربية، ثم تُحذف وتُنسى كما حُذفت ببرقية من مصلحة من مصالح وزارة التربية نفسها في التسعينيات؟

وللتذكير أقول لكل من نسي أو تناسى: إن الوزير السابق (علي ابن محمد) كوّن ألفيْ أستاذٍ باللغة الإنجليزية على أن يشرع في تدريسها من بداية الموسم الدراسي 1992/1993 من السنة الرابعة الابتدائية، وتأخير الفرنسية إلى السنة الخامسة الابتدائية فتصدّت له الزمرة المتناثرة في الإدارات ودواليب الحكم ودبرت له مكيدة تمثلت في فضيحة البكالوريا سنة 1992؛ إذ كانت السيارات تجوب الشوارع وتوزِّع الأسئلة مع الأجوبة أمام مراكز الامتحان على مرأى ومسمع المواطنين والأمن. ورغم هذا لم يُعثر على أحدٍ من الفاعلين إلى يومنا هذا. وهذا دليلٌ قاطع على أن المسؤولين في ذلك الوقت هم الذين ساندوا الفرنسية، ورفضوا الإنجليزية وقد أدلى (ابن محمد) بتصريح للشروق قال فيه: “إن خيوط المؤامرة نُسجت في فرنسا”. وبعد هذه الفضيحة استقال مباشرة، ليُلغى قراره بعد ذلك ببرقية، فارتاحت فرنسا ومن معها ولكنهم أصبحوا يفكرون في طريقة أخرى لها أربعة أهداف هي: القضاء على اللغة العربية وعقيدة المجتمع، توسيع اللغة الفرنسية في المدرسة الابتدائية تمهيدا للفرْنَسة الكاملة، العمل على تدني المستوى التعليمي– التعليمي بمناهج وكتب صماء وفارغة تضلل الأساتذة وتبلّد المعلمين، وقطع الطريق على اللغة الإنجليزية في الابتدائي. والأمثلة كثيرة منها:

– أبعدت ابن غبريط أساتذة اللغة الإنجليزية من دخول المسابقات الخاصة بالتعليم الابتدائي. والهدف من هذا المنع هو افراغ الميدان من هذه الفئة حتى لا تفكر الجزائر في إدخال الإنجليزية في الابتدائي، وإذا فكرت تجد عائقا يتمثل في عدم وجود أساتذة اللغة الإنجليزية في الابتدائي.

– لقد داست ابن غبريط نخب المجتمع ومسؤوليه بتصريح قالت فيه: “إن الفرنسية لا تُدرَّس بالعامية، ولا تُستبدل بالإنجليزية”، تصريح جعلها هي المشرِّع وهي الأعلى في المجتمع، وهي صاحبة الأمر والنهي من القاعدة إلى القمة!

– لماذا سكت الجميع لما فرضت ابن غبريط اللغة الفرنسية على أساتذة اللغة العربية في المسابقات الخاصة بالتعليم الابتدائي، تمهيدا لتحويلهم بسهولة إلى أساتذة اللغة الفرنسية في المستقبل لما تقرر السلطات الجزائرية تدريس جميع الأنشطة بالفرنسية من الابتدائي إلى الثانوي؟

– أين كان أصحاب الميدان وخبراء التربية والنقابات وجمعيات أولياء التلاميذ والطلبة عندما فرضت ابن غبريط كتابة الأرقام والعمليات الحسابية من اليسار إلى اليمين، ولماذا سكتوا لما فرضت الجيل الثاني على السنتين الأولى والثانية من التعليم الابتدائي دون استشارة، ودون تريث أو تجربة ميدانية، والآن يطالبون بالتريث والابتعاد عن العشوائية والارتجالية وتوفير الشروط البيداغوجية والمادية قبل الشروع في إدراج اللغة الإنجليزية في الابتدائي؟ إنه تمويهٌ خفي، ورفض غير معلن للغة الإنجليزية حتى تبقى الفرنسية هي السائدة والسيدة في الجزائر.

مما سبق أقول للجميع: إن ادخال الإنجليزية حلم كل جزائري، وثورة جديدة على التبعية اللغوية والثقافية، وآفاق للحرية والتحرر إذا لم تُجهض بأساليب وطرائق ونظريات عقيمة، وكتب صماء فارغة تضلل الأساتذة وتبلّد المتعلمين، وقرارات الاستخلاف والتعاقد ليمكن التخلص منها ومن أساتذتها في أي فرصة سانحة لذلك. ومن له رأي غير هذا فليصدع به.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!