من يظلم من؟ وزارة الشّؤون الدينيّة أم المداخلة؟
تتوارد أخبار متطابقة في الآونة الأخيرة، مفادها أنّ وزارة الشّؤون الدينيّة والأوقاف، بصدد شنّ حملة واسعة بدأت قبل مدّة وازدادت تركيزا واتّساعا في رمضان، لمراقبة أتباع التيار السلفي، وسحب الرّخص من الأئمّة المتعاقدين الذين يُشكّ في انتمائهم إلى هذا التيار، والتّضييق على الأئمّة المرسّمين الذين يثبت ولاؤهم للسلفية، من خلال إيفاد زيارات تفتيشية مفاجئة، تهدف إلى البحث عن أيّ تقصير أو إخلال بالمرجعية الوطنية يقع فيه هؤلاء الأئمّة، ومن ثمّ إلزامهم بالمثول أمام المجالس التأديبية، لتُتّخذ في حقّهم الإجراءات الرّدعية اللاّزمة.
يرى بعض المهتمّين أنّ تحمّس الوزارة لـ”تخليص” قطاع الشّؤون الدينيّة من أتباع التيار السلفيّ، ربّما يمثّل نكرانا للخدمات المهمّة التي قدّمها أتباع هذا التيار في التصدّي لـ”الجهاديين”، كما يمكن أن يمثّل هدية ثمينة لسدنة المشروع الشّيعيّ في الجزائر، على اعتبار أنّ السلفيين هم أعرف طوائف أهل السنّة بالشّيعة وأساليبهم في الانتشار والتّغرير بالشّباب. وهذا الرّأي وإن كان له وجه من الحقّ وتشهد له بعض الأرقام من الواقع، إلا أنّ في مقابله رأيا آخر يرى أنّ الفتن التي أحدثها أتباع التيار السلفيّ المدخليّ –خاصّة- في المساجد ليست بالقدر الذي يمكن التغاضي والسّكوت عنه؛ فقد بلغ بهم الأمر إلى حدّ التّشكيك في صحّة الوقت الذي يُرفع فيه أذان الفجر الثّاني وما تبع ذلك من تشكيك في صحّة صلاة الجزائريين، ومن تعمّدِ كثير منهم إعادة الصّلاة بعد انصراف الجماعة! وإلى إفتاء النّاس بجواز التسحّر في رمضان بعد الأذان الثّاني! كما يذهب بعضهم إلى التّشكيك في وقت أذان المغرب، والتّرويج لدعوى تأخّره عن موعده الشّرعيّ بنحو 10 دقائق!، وهو ما يغري المتحمّسين منهم بالإفطار قبل الأذان سرا، بينما يتمادى بعضهم إلى الإفطار قبل الوقت في الطوابق العلوية للمساجد التي تشكّل ملاذا مفضّلا لكثير من السلفيين في رمضان وفي غير رمضان، للإفطار قبل أذان المغرب ولإعادة صلاة الفجر.
على صعيد آخر لا يتردّد أتباع هذا التيار في مناوأة أئمّة المساجد وتعمّد إظهار المخالفة والتحدّي لهم، بل ويصل الأمر في بعض الأحيان إلى حدّ الطّعن فيهم والتّحذير منهم، وإلى محاولة بعض السلفيين فرض خياراتهم وقناعاتهم في المساجد التي يشكّلون كثرة بين مرتاديها، وفي هذا الصّدد شهدت بعض المساجد إقدام شباب سلفيين على تقطيع بعض الملصقات المتعلّقة بالزّكاة لا لشيء إلا لأنّها تحتوي صورا لذوات الأرواح!.
لقد آن لأتباع هذا التيار أن يراجعوا حساباتهم، ويأخذوا في حسبانهم عواقب ومآلات هذه الخلافات التي يثيرونها في بيوتٍ ما بُنيت إلا لإعلاء ذكر الله وإظهار تماسك الجماعة المسلمة، وآن للوزارة من جهتها أن تأخذ في حسبانها الجهات المتربّصة التي تنفخ في أوار هذه المعركة، وتنتظر خلوّ السّاحة لتنشر مذاهبها الطائفية الدخيلة، وهذه الجهات أولى بأن تتضافر الوزارة بكوادرها وأئمّتها ومفتّشيها للحيلولة بينها وبين بلوغ مآربها في إفساد عقيدة الجزائريين.