الرأي

من يهن يسهل الهوان عليه!

رشيد ولد بوسيافة
  • 2900
  • 6

صدّقوا أولا تصدّقوا… فرنسا خصّصت 60 مليون دولار لتعويض بضعة آلاف من اليهود الأمريكيين الذي قتلتهم النازية بعد أن شحنتهم شركة سكة الحديد الفرنسية من فرنسا إلى ألمانيا في عهد حكومة فيشي الموالية للنازية أثناء الحرب العالمية الثانية.

إذا، فرنسا تتحمل المسؤولية التاريخية عن الجرائم التي حدثت على بلادها في وقت كانت مسلوبة السيادة، ولا تريد أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية في الأعمال الوحشية التي اقترفتها في الجزائر منذ أن احتلتها عام 1832 إلى غاية الاستقلال وبعد الاستقلال!!

لا تريد فرنسا أن تعترف بتصفيتها لآلاف القرى والمداشر بمصادرة أملاك أهلها وتجويعهم وقتلهم جماعيا بطرق وأساليب جهنمية، وهي وقائع مذكورة وموثقة بشهادة الفاعلين من جنود وضباط في مذكراتهم التاريخية، إذ يعترف الكونت ديريكسون في كتابهمطاردة الإنسانبقوله: “إننا، والحق يقال، أتينا ببرميل مملوء آذانا غنمناها أزواجا من الأسرى“.

يشرح هذه الجريمة الشنعاء بأن ذلك حدث سنة 1857 كان قادة الاحتلال في منطقة القبائل يشجعون الجنود بإعطائهم 10 فرنكات عن كل زوج من الآذان يحضرونها من الأهالي، ويخلص ديريكسون بالقول: “اقترفنا جرائم يذوب لوحشيتها الصخر، وكثيرا ما حكمنا بالإعدامونفذنا ذلك رميا بالرصاص“.

وتعدّدت نماذج القتل الجماعي للأهالي وكانوا أحيانا يجمعونهم في مغارات أو بيوت ويحرقونهم أحياء، من دون الحديث عن المجازر المرتكبة أثناء إخماد الثورات والمحاولات التي كانت تحدث هنا وهناك للتصدي للمحتلين.

ومثال على ذلك ما يصفه العقيد بان في حديثه عن مجزرة الأغواط سنة 1852، فيقول: “لقد كانت مذبحة شنيعة حقا، كانت المساكن والخيام التي في ساحة المدينة والشوارع والأزقة، والميادين، كانت كلها تغص بالجثث. إن الإحصائيات التي أقيمت بعد الاستيلاء على المدينة أكدت أن عدد القتلى من النساء والأطفال 2300  قتيل، أما عدد الجرحى فلا يكاد يذكر لسبب بسيط هو أن جنودنا كانوا يهجمون على المنازل ويقتلون كل من وجدوه بلا شفقة ولا رحمة“.

هي نماذج عن مجازر لا تكفي المجلدات لإحصائها ووصف فظائعها يسردها أبطالها في مذكراتهم، من دون الحديث عن مجازر ماي 1945 ولا المجازر خلال الثورة التحريرية، كلها تبقى من دون اعتراف واعتذار وتعويض للأهالي.

 

سيبقى مطلب التعويض قائما حتى ولو تجاوزه أشباه المسؤولين الذين يحكمون الآن في الجزائر، والذين لا يجدون حرجا في التودّد والتّردد على فرنسا، وسيأتي جيل جديد يرغم فرنسا على الرضوخ كما ترضخ لأمريكا الآن وهاهي تتحمل مسؤولية جرائم ارتكبها النازيون.

مقالات ذات صلة