منوعات
"راكونت أر" يُعيد النقاش حول الترويج والصناعة الثقافية

مهرجانات الجزائر عالة على الخزينة ولا ترويج للبلد

زهية منصر
  • 838
  • 3
ح.م

أعادت الطبعة 15 من مهرجان “راكونت أر” النقاش حول جدوى مهرجانات الجزائر ودورها في الترويج للبلد وثقافته، على غرار ما هو موجود في مصر لبنان وحتى عند جيراننا كتونس والمغرب، حيث صار مثلا مهرجان موازين واجهة للمغرب وقرطاج واجهة لتونس وجرش واجهة للبنان، بينما في الجزائر لم ترق بعد المهرجانات لتكون أداة في خدمة لا السياحة ولا حتى رصيد البلد الثقافي والفكري، حيث ينسى أغلب الذين يزرون البلد الجزائر بمجرد مغادرتهم المطار، فمثلا تساءل العديد من الذين تابعوا تصريحات وحوارات الفنانة ماجدة الرومي في الإعلام العربي عن سبب قفزها على الجزائر في سياق حديثها عن البلدان التي زارتها رغم الحفلات التي أحيتها هنا، مقارنة بتلك التي أحيتها في تونس أو المغرب ونفس الشيء يحدث للكتاب والمثقفين الذين لا يكادون يذكرون الجزائر في أحاديثهم، وعلى خلاف كل المهرجانات التي تلقى الرعاية والدعم الرسمي نجح مهرجان “احكي فن” في استقطاب الزوار الذين يتوافدون سنة بعد أخرى، بما في ذلك الأسماء الأجنبية حتى صار الحضور يشكل معضلة للمنظمين فلماذا نجح مهرجان “راكونت أر” رغم عدم توفر الدعم الرسمي و فشلت مهرجانات المليارات؟
يؤكد خبراء الثقافة أن الإجابة عن هذا السؤال تنطوي على وجود خلل في التركيبة الجزائرية جعلت مهرجاناتها وتظاهراتها عائقا أو عالة على البلد أو مجرد طريقة لتبرير صرف المال العام، حيث يؤكد هؤلاء أن المهرجانات جزء من الصناعة الثقافية ما زلنا لا نتقنها.
يؤكد الخبير والناشط الثقافي عزيز حمدي أن مهرجانات الجزائر، خاصة الرسمية منها عادة ما تستعمل لتسويق البلد ككيان سياسي لتلميع صورته عوّض أن تسوق ثقافته، حيث يؤكد المتحدث أن الحديث عن المهرجانات
كصناعة ثقافية يقتضي بأن يخصص لها حيز كبير ضمن مشروع سياسة ثقافية واضحة، كما هو عليه الحال عند الأشقاء في المغرب وبدرجة أقل في تونس، حيث تساهم السياحة الثقافية في المغرب بـ 21% من الدخل القومي الخام، ويضيف المتحدث أن غياب المرافق السياحية يقف عائقا في وجه استقطاب السياح والزوار، كما يحدث مثلا في مهرجان تيمقاد، الذي يعتبر أحد أقدم مهرجانات الجزائر، لكن غياب الفنادق والمرافق السياحية جعل هذا المهرجان خارج الاهتمام، زيادة على كون السائح في الجزائر يدفع ثمن المواد المستهلكة المدعمة بنفس الثمن الذي يدفعه الجزائري، وهذا لا يخدم الدولة ما جعلها لا تعير أي اهتمام لهذا الجانب ويعتقد حمدي أن المهرجان الوحيد الذي يستقطب سياحا أجانب هو مهرجان راكونت أر، رغم أنه يبقى مهرجان شعبي ينظم في قرية، قد يكون هذا المهرجان مثلا يقتدى به، لأنه مناسبة لملتقى الثقافات، وهو أحد أهداف المهرجانات.
من جهته يؤكد عمار كساب أن المهرجانات في عهد خليدة تومي قفزت من 30 مهرجان إلى200 مهرجان في سنة 2000 وإلى غاية 2015 حيث كانت واجهة الجزائر للعودة إلى الساحة الدولية بعد الحرب الأهلية، ويؤكد عمار كساب أن هذه المهرجانات كانت في أغلبها لها هدف واحد هو استهلاك الميزانية المرصودة للثقافة التي بلغت 500 مليون دولار عام 2014 فلم يكن هناك أسهل من صرف ميزانية مهرجان وعوض أن تساهم هذه المهرجانات في الترويج للجزائر كوجهة سياحية، بالعكس صارت هذه المهرجانات “الرديئة” لعنة على الجزائر لأنها كانت واجهة “لتحويل وهدر المال العام ومجاملة الأصدقاء”، بدليل أن 120 مهرجان تم إلغاءه منذ 2015 جراء خفض الاعتمادات المرصودة للقطاع، وهذا دليل يقول المتحدث أن هذه المهرجانات كانت عديمة الفائدة وأن إلغائها لم يثر أي نقاش بينما إلغاء مهرجان مثل كان أو موازين أو قرطاج ليس بالأمر الهين، بل غير ممكن، نظرا لما تمثله هذه المهرجانات وما لها من وزن في ثقافة البلد.

مقالات ذات صلة