-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ميداليات من ورق!

ميداليات من ورق!
ح. م

لا أفهم لماذا وصف بعض الجزائريين، ما قاله توفيق مخلوفي، عن تجاوزات بعض مسؤولي الرياضة في الجزائر، بالصادم، وكأنّ الرجل تحدث عن اعوجاج في بلاد الخط المستقيم، أو عن سواد في بلاد البياض الناصع، ولا أفهم لماذا تحوّلت صورة بطل اختصاص العشاري بورعدة وهو في حوض مائي محاط بقارورات المياه المجمّدة، إلى صور للعار، يتبادلها الجزائريون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ليتضامنوا مع نجم، حكموا جازمين بأنه لو تلقى دعما ماديا، لعاد بالمعدن النفيس، ولا أفهم أصلا لماذا صام هؤلاء رفقة الملاكمين والمصارعين أربع سنوات كاملة، وجاؤوا الآن ليقولوا، مبرئين أنفسهم ورامين التهمة في مرمى المسؤولين.

صحيح أن الإنسان عليه أن يسعى ليصل متأخرا، أحسن من أن لا يصل أصلا، ولكن إذا تتبعنا “الاعترافات” التي تجرّأ الرياضيون على طرحها، بعد أن عادوا خائبين، وأرجعوا الجزائر في المجال الرياضي، سنوات أخرى إلى الخلف، نلمس بأنها مادية بالكامل، وهي تدخل ضمن سياسة ليّ ذراع السلطة الضعيفة، التي اشترت السلم الاجتماعي طوال سنوات، حتى وصل سوق “الشراء” إلى الرياضة، التي توّجت فيها دول، لا يأكل فيها رياضيوها حتى يجوعوا، بالذهب، مثل إثيوبيا وجزر فيجي وكينيا، ولم تتحصل دول أخرى يلعب أطفالها بالذهب مثل سلطنة بروني والمملكة العربية السعودية.

توفيق مخلوفي إن كان يشعر بالظلم على حد تعبيره، فقد تلقاه من الجميع، من دولة علمت كيف تستثمر في أفيون الكرة، ومن شعب اختصر الرياضة في الكرة، ومن إعلام لا يذكر بقية الرياضات ومنها التي يمارسها مخلوفي إلا عندما يظهر لهيب الشعلة الأولمبية، والملاكمون إن كانوا يشعرون بالقهر على حد تعبيرهم، فعليهم النظر إلى محيطهم، ليعلموا بأنهم ليسوا وحدهم من عاشوا القهر، ولم تُصنع أبدا في التاريخ بطولات وذهب الملاكمة بالمال، فقد سبقهم للمشاركة في الألعاب الأولمبية وتفوق عليهم بالتتويج، موسى وزاوي وعلالو، بل وفاز الفتى حسين سلطاني بميداليتين من معدني النحاس والذهب، ومات نسيا منسيا في شوارع مارسيليا.

مللنا من رئيس حزب يشارك على الدوام في الانتخبات فيناظر ويسافر بأموال الدولة، وعندما يخرج فارغ اليدين يتحدث عن التزوير، ومللنا من رجالات دولة يأكلون حدّ التخمة ويشربون حد الثمالة، من مائدة السلطة، وعندما تلفظهم المائدة، يتقيئون الانتقاد، ومللنا بالخصوص من رياضيين يعيشون طوال سنوات صامتين، وبمجرد أن يكشف عيوبهم رياضيون من بلدان لا يعرفون حتى موقعها، يباشرون عملية إطلاق النار على سيارة، علمنا منذ مدة بأنها للإسعاف فقط، وليس للعلاج الدائم المستدام.

اتفقنا منذ زمن طويل على أن المسؤولين في الجزائر فاقدون للشيء، فكيف لهم أن يعطوه، واتفقنا على أن توفيق مخلوفي ورفاقه من كل الرياضيين المتميزين، ليسوا وحدهم من عاشوا فوضى الأشياء، بل يوجد من هم أكبر قيمة منهم، وأكثر نفعا للبلاد، من لم يظهر نورهم أبدا، فما بالك أن يخفت، فربما وجد بطل العشاري بورعدة حوضا يهنأ فيه للحظات، وهو ما لم يجده الآلاف من عباقرة البلاد في شتى المجالات العلمية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • بدون اسم

    مشكلتنا اننا تقول الحقيقة بعد فوات الاوان ولملذا لم يقل هذا قبل ريو بسنوات فالكل يعلم مدى الانفاق الكبير عن الرياضين في كرة القدم والعاب القوى و غيرها دون رقيب و لا حسيب فالفساد ينخر حسد بلاد الشهداء وما ادراك مالشهداء... نسال الله العا فية و الستر والخير لوطننا الحبيب