-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
المنافسات الأولمبية العالمية في الرياضيات

مُحرّمة على تلاميذ الجزائر منذ 11 سنة!!

مُحرّمة على تلاميذ الجزائر منذ 11 سنة!!

نسمع من حين لآخر حكايات لا تكاد تصدّق عما يجري في حقل التربية والتعليم في بلادنا. ونعجب قليلا (ونستحي كثيرا) والحالة هذه عندما نسمع ونرى مسؤولين عندنا يتحدثون بلهجة حادة وصارمة عن الوفاء والصدق وبُعد النظر، وعن استراتيجيات التعليم وإصلاحاته، وعن انشغالهم بالنوعية… وتكوين النخب في شتى المعارف!

  • وفي هذا السياق، نحكي في ما يلي حكاية من هذه الحكايات غير المشرّفة تتمثل في وضع الجزائر والعقوبة التي سلطت عليها بإقصائها من المنافسات الأولمبية العالمية في الرياضيات منذ 1997. ولا شك أن جبين المواطن سيندى عندما يكتشف السبب الذي عجزت أدمغة وزارة التربية عن إزالته. ولنا الحكم بعد ذلك على مدى نضج تلك العقول التي تخطط لمستقبل البلادوتنفذ.
  •  
  • منافسات تستحق منا كل العنايةلكن!
  • نشير في البداية إلى أن المنافسات الأولمبية العالمية في الرياضيات تعتبر من أبرز النشاطات في العالم التي تفرز وتنتقي النخب في مختلف بلدان العالم. وقد انطلقت منذ 1959 وذاع صيتها، وألفت فيها الكتب، وأصدرت بشأنها المجلات المتخصصة، وفتحت من أجلها المواقع على شبكة الأنترنت، وكوّنت لإنجاحها في كل بلد يسعى إلى توجيه النخب فرق تكوين ومتابعة دائمة مؤلفة من أساتذة جامعيين ومفتشين في الرياضيات وغيرهم.
  • وقد رصدت الأموال من أجل إعداد التلاميذ النجباء خلال الشهور والسنوات لإجراء مثل هذه المنافسات على كافة المستويات (الوطنية والإقليمية والعالمية). ذلك هو الوضع في البلدان التي تنظر بعيدا في مجال التربية وتكوين النشء والنخب التي ستكون في مقدمة القيادات. وقد عممت هذه المنافسات على فروع المعرفة الأخرى كالفيزياء والكيمياء والإعلام الآلي وعلم الفلك. أما عندنا فلا أثر لأي نشاط من هذا القبيل في الوقت الذي يشيد فيه الساهرون على التربية بأمجاد الإصلاح.
  • كانت الجزائر فيما ما مضى تشارك في المنافسات الأولمبية العالمية في الرياضيات رغم تقصير صارخ في إعداد نخبتها من التلاميذ كي يكونوا في مستوى يؤهلها لتلك المنافسات. ومن عادة هذه المنافسات أنها تجرى مرة كل سنة في بلد من البلدان المهتمة بجيلها الصاعد. ومن التقليد المتبع في هذه التظاهرات هو أن الدولة المضيفة تأخذ على عاتقها تكاليف إقامة جميع المشاركين الوافدين من كافة البلدان (التلاميذ ومرافقوهم من المفتشين والأساتذة) خلال مدة المنافسات التي تدوم حوالي أسبوع.
  •  
  • في السويد عام 1991
  • وفي جويلية من عام 1991، استضافت السويد هذه المنافسات، وعملت بهذه القاعدة وشاركت الجزائر كغيرها من البلدان. وحدث أن الوفد الجزائري مدّد إقامته بالسويد بعد انتهاء المنافسات لسبب نجهله ولا نريد الخوض فيه. وعند المغادرة طولب الفريق بدفع المستحقات المترتّبة عن هذا التمديد. غير أن الجزائريين الضيوف لم يكونوا مزودين بما يكفي من المال لتسديد ما عليهم. وعندئذ تدخل المنظمون السويديون للمنافسات العالمية، ودفعوا المبلغ المستحق للفندق بالاتفاق مع رئيس الوفد الجزائري، على أن يتم دفع المبلغ المستحق من قبل الجزائر إثر الرجوع وذلك عبر سفارتنا بالسويد.
  • لكن هذا لم يحدث، فقام السويديون بإرسال عدة مذكرات إلى الرسميين الجزائريين مطالبين بتسديد هذا الدين حسب الاتفاق المبرم بين الجانبين. لكن لا حياة لمن تنادي في الجزائر. وعندما طال الأمد بالسويديين أرسلوا بتاريخ 21 أوت 1997 إنذارا للجهات الجزائرية يقول “إذا لم يسدد المبلغ المستحق قبل 30 أكتوبر 1997(أي بعد 7 سنوات انتظار) فسيراسلون الهيئة العالمية للمنافسات الأولمبية في الرياضيات ليطلبوا منها حرمان الجزائر من المشاركة ما لم تسدد مستحقاتها“.
  • وكان السويديون يعتقدون أن وزارة التربية الجزائرية ستستجيب فورا لهذا الإنذار… لكن السويد أساءت التقدير… ونفذ صبرها… ونفّذت ما توعدت به ولُبّيَ طلبها من قبل الهيئة العالمية، وإثر ذلك حرمت الجزائر ونخبتها من المشاركة في هذه المنافسات منذ ذلك التاريخ.
  •  
  • السويد تعاقب الجزائر لعدم دفع 2000 يورو!
  • وقد تدخلت بعض الأطراف من داخل البلاد وخارجه (ومنهم الفرنسيون) لمحاولة رفع الحظر عن الجزائر، لكن وزارة التربية المعنية بهذه القضية لم تحرك ساكنا ولم تكترث بما يجري وكأن الأمر لا يعنيها في شيء!! ونحن نعلم أن كبار المسؤولين الحاليين في الوزارة… وحتى أولئك الذين تولّوا شؤون هذه الوزارة بعد وقوع الحادثة على علم بهذه القضية وتفاصيلها، وبحرمان تلاميذنا من هذه المنافسات. فكيف يا ترى نفسر استهتار المسؤولين والتضحية بنخبنا، ناهيك عن روح اللامبالاة المسيئة لكرامة بلدهم بالإصرار على عدم دفع ديونها؟
  • وقد سمعنا بهذه الحكاية المشينة للبلاد منذ مدة، لكن ما جعلنا نشير إليها الآن هو اطّلاعنا على برقية بعث بها رئيس اللجنة السويدية للرياضيات (السيد بول فادرلايند Vaderlind) منذ أربعة أيام إلى أحد الأساتذة الفرنسيين يعرب فيها عن أسفه الشديد لكون الجزائر لم تقم بأية مبادرة من شأنها أن ترفع الحظر عنها في موضوع الأولمبياد العالمية. ويضيف: “لقد زرت الجزائر منذ ثلاث سنوات وتحادثت مع نائب وزير التربية “vice minister” (لعله يقصد رئيس الديوان أو الأمين العام للوزارة) ووعدني بحل المشكل في غضون أسابيعلكن لا شيء حدث منذ ذلك التاريخ“.
  • عندما نطّلع على المنحى الذي أخذته هذه القضية، وعلى مثل هذه المراسلات والوعود والأطراف التي علمت بالتصرفات غير المسؤولة من قبلنا، يتبادر إلى الذهن أن هذا الديْن الذي عجزت الجزائر عن دفعه – رغم أنها وفّقت في دفع كل ديونها قبل الأوان – مبلغ ضخم يتطلب خصما من رواتب كافة الموظفين لرفع رأس البلاد من هذه المهانة. والحقيقة أن المبلغ الذي يتحدث عنه السويديون يساوي بالضبط 18900 كورونا (العملة السويدية)، أي ما يعادل حوالي ألفي (2000) يورو لا أكثر!!!
  •  
  • من المسؤول: عناد السويدين أم استهتار وزارة التربية؟
  • قد يقول قائل إن السويديين – الرواد في حقل التربية وإصلاح التعليم – لا يستحون من متابعة الجزائر في هذه القضية منذ 1991، ومن حرمان تلاميذنا من التنافس، ومن نيل الميداليات العالمية في المجال العلمي. وكانوا سيزدادون رفعة لو تغاضوا عن هذه القضية بعد مرور 17 سنة منذ تاريخ وقوعها. هذا رأي صائب.
  • لكن، أليس من واجب وزارة التربية الجزائرية أن تحل المسألة في حينها (وما أكثر الحلول لو أرادت)؟ أليس من حق نجباء تلاميذنا وذويهم أن يقاضوا مسؤولي التربية على حرمانهم من المشاركة في هذه المنافسات العلمية بسبب أمر تافه كهذا، وعلى قطع الطريق أمامهم كي يرفعوا راية بلادهم كما يفعل الرياضيون البدنيون؟؟ أليس من واجب سفارتنا التي تمثلنا في السويد العمل على تسوية هذه القضية بدون تردد (وهي قادرة لو أرادت)؟
  •  
  • يا محسنين !!
  • نتمنى أن تجد هذه القضية حلا سريعا من قبل المسؤولين على التربية الذين فقدوا مصداقيتهم بسبب مثل هذه التصرفات التي لا تهمها مصلحة البلاد. ونحن نهنّئ، بهذه المناسبة، المسؤولين المحليين بولاية الوادي في جميع المستويات على نجاحهم في تنظيمهم منافسات أولمبية في الرياضيات خلال هذه السنة. ومن المعلوم أن المنافسات تمت بالتعاون مع أساتذة متطوعين وشارك فيها مئات التلاميذ. والطريف أنه كانت من نصيب الفائزين جوائز تعادل قيمتها المادية ضعف المبلغ الذي تطالب به دولة السويد دولة الجزائر!!
  • وأخيرا… ولأننا لسنا واثقين – بعد مُضي 17 سنة على هذه القضية – في مقدرة مسؤولينا على دفع ديونهم فإننا نوجه نداء إلى أثريائنا لعل غيرة بعضهم تدفع بهم إلى التكفل بهذا الأمرويتمكن بذلك تلاميذنا من العودة إلى المشاركة في هذه المنافسات العلمية العالمية بدءا من 2009.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!