-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“ناتو” عربيٌّ صهيوني!

حسين لقرع
  • 3172
  • 0
“ناتو” عربيٌّ صهيوني!

في منطقة النقب بفلسطين المحتلة، وعلى مرمى حجر من قبر مؤسِّس الكيان الصهيوني، دافيد بن غوريون، هرول وزراءُ خارجية الإمارات والبحرين والمغرب ومصر للقاء نظيرهم الصهيوني يائير لابيد، في “قمّةٍ” كان عنوانها الأبرز بحث “الخطر النووي الإيراني”.

المفارقة أنّ “قمّة” العار هذه عُقدت غير بعيدٍ عن المفاعل النووي الصهيوني الذي أنتج نحو 300 رأس نووي ركّبها الاحتلالُ على صواريخ مصوَّبة باتجاه 300 مدينة عربية وإسلامية آهلة بالسكان لنسفها على رؤوسهم في حال تعرّضه لخطر يهدّد وجوده، ومع ذلك لم يرَ فيها عربُ المهانة أيّ خطر، ورأوه فقط في البرنامج الإيراني الذي لم يُنتج إلى الآن قنبلة ذرِّية واحدة!

لن يُقنعنا أيُّ وزيرِ خارجيةٍ عربيٍّ أنّ هذه “القمة” عُقدت من أجل فلسطين؛ فهذا الكلام ضحكٌ على الأذقان ومحاولةٌ يائسة لتبرير هذه السقطة الجديدة المدوّية، وزيرُ خارجية الاحتلال نفسه يؤكّد أنّ “القمّة” عُقدت لبحث إنشاء “هيكل إقليمي جديد يردع إيران ووكلاءَها ويُرهبهم”، وهذا التصريح واضحٌ ولا يحتمل أيَّ تأويل.

هو إذن حلفُ “ناتو” يضمّ عربا نصّبوا الاحتلالَ زعيما إقليميا جديدا على المنطقة برمّتها في إطار تجسيد مخطط “الشرق الأوسط الجديد”، وسلّموا له زمام أمورهم لحمايتهم، مع أنّ هذا الاحتلال لم يستطع حتى حماية نفسه من صواريخ المقاومة في حرب غزة الأخيرة، وعجزت طائراتُه وصواريخ “قبّته الحديدية” عن إسقاط طائرة “حزب الله” المسيَّرة التي اخترقت منذ أسابيع شمال فلسطين بعمق 70 كيلومترا ومكثت في أجوائها 40 دقيقة، ولم يستطع التصدي لـ12 صاروخا إيرانيا دكّ وكرا للموساد بأربيل العراقية، فكيف يحمي حلفاءه وأصدقاءه العرب إذن؟! هل يؤمن هؤلاء فعلا أنّ الاحتلال سيدافع عنهم إذا تورّطوا في حربٍ مع إيران، أو بالأحرى ورّطهم فيها؟!

هذا العدوُّ يعرف جيدا ماذا يفعل خلافا لأصدقائه الجدد؛ فقد اختار عقد “القمّة” في النقب التي تشهد حملة قمع وتنكيل كبيرة ضدّ فلسطينيي 1948 وهدم بيوتهم ومصادرة أراضيهم بهدف إقامة 12 مستوطنة جديدة عليها، ليُضفي بذلك شرعية عربية على تهجير بقيّة الفلسطينيين وتهويد أراضيهم في النقب، وهي الممارسات العنصرية البغيضة التي لم يدينوها بكلمةٍ واحدة، في حين أنّهم لم يتوانوا عن إدانة عملية الخضيرة التي أدّت إلى مقتل شرطيين صهيونيين، وبعثوا “تعازيهم الحارّة” إلى عائلتي “الضحيّتين”، وزاد عليهم ناصر بوريطة، وزيرُ خارجية “أمير المؤمنين” بالقول إنَّ “حضوري هنا اليوم بالنقب، إلى جانب 3 وزراء عرب، هو أبلغُ ردّ على هذا الهجوم الإرهابي”!

المهزلة كانت ستكتمل لو أخِذ الوزراءُ العرب الأربعة لزيارة قبر بن غوريون الذي تسبّب في نكبة الفلسطينيين سنة 1948، بهدف إضفاء شرعية أخرى على تأسيس ما يُسمَّى “دولة إسرائيل” على الأراضي الفلسطينية المغتصَبة، لكنّ الزيارة ألغيت بعد عملية الخضيرة البطولية، علمًا أنّ بن غوريون هذا كان قد قال إنّ “الكبار يموتون والصغار ينسون”، ومات الكبارُ فعلا بفعل الزمن كما مات بن غوريون نفسُه، لكنّ الصغار لم ينسوا، ولم يُدجَّنوا، وها هم يبعثون المقاومة المسلحة في أراضي 1948، ويقومون بعمليتين بطوليتين في بئر السبع والخضيرة أسفرتا عن مقتل ستّة محتلّين صهاينة وجرح آخرين، ليُثبِتوا بذلك أنّهم فلسطينيون وليسوا “مواطنين إسرائيليين”، ولن يثنيهم أحدٌ عن مواصلة نضالهم إلى غاية تحرير أراضيهم كلها، من النهر إلى البحر، ولا نامت أعينُ الاحتلال وحلفائه الجدد.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!