-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

نحتفل بأعيادهم.. وهم يقتلون إخواننا!

سلطان بركاني
  • 629
  • 0
نحتفل بأعيادهم.. وهم يقتلون إخواننا!

في الأيام الأخيرة من كلّ عام ميلادي، يعود الخطباء والدّعاة والعلماء للحديث عن ظاهرة إصرار بعض المسلمين المستلبين فكريا الذين يعيشون حياتهم وفق مبدأ “ما فيها والو، نورمال”، على المشاركة في إحياء عيدي النصارى: الكريسمس في الخامس والعشرين من ديسمبر، ورأس السنة الميلادية في ليلة الفاتح من جانفي.. هذان العيدان أصبحا أهمّ عند هذا النّوع من المسلمين من عيد الفطر وعيد الأضحى. منهم من يتّجه إلى تونس بحثا عن الأجواء المناسبة للاحتفال! ومنهم من يولي وجهه شطر فرنسا! ومنهم من يكتفي بالحجز في الفنادق التي تحيي هذه المناسبة في المدن الكبيرة داخل الوطن!
تسير في شوارع بعض المدن، فترى “لابيش” تعرض في واجهات كثير من محلات بيع المرطبات! وتسمع من أصحاب تلك المحلات حديثهم عن كثرة الإقبال على اقتناء هذه الكعكة المميّزة في مثل هذه الأيام! وتتصفح مواقع التواصل فيلفت انتباهك أنّ وصفات تحضير كعكة “لابيش” يكثر الاهتمام بها.. أمّا ثالثة الأثافي فهي إقبال الأكثر انسلاخا على اقتناء ما يكفي لإحياء تلك الليالي الليلاء، حتى أحصت المصالح المختصّة ربع مليون قارورة خمر تمّ حجزها خلال 3 أيام في احتفالات رأس السنة في بعض الأعوام!
احتفالات رأس السّنةـ هي أحد الأسباب التي جعلتنا في الجزائر نتربّع على المرتبة 11 عربيا في استهلاك الخمور. إضافة إلى الإصرار على إحياء الحفلات الصاخبة في الأعراس، تلك الحفلات التي يتعلّم فيها أبناؤنا معاقرة الخمور وتعاطي المخدرات.. والنتيجة: استهلاك الخمور في بلدنا يصل 270 مليون لتر كلّ عام (!)
هكذا يهون علينا ديننا في هذا الزّمان العصيب الذي يفترض أن نعود فيه إلى مكمن عزّنا، ونحن نرى أمّتنا تهان وديننا يحارب، ونرى إخواننا في الدّين يبادون وينكّل بهم، في غزّة وسوريا وتركستان والسّودان.. نرى الصهاينة والصليبيين قد أجمعوا أمرهم وشركاءهم وتوحدوا لحربنا!
لو كان النصارى في هذا الزّمان مسالمين لنا، بل لو كانوا متحالفين معنا ضدّ اليهود، ما جاز لنا أن نحتفل بأعيادهم الشركية؛ كيف وهم يتحالفون مع اليهود لحربنا؟ وها نحن نرى كيف جمعوا جموعهم لنصرة إخوانهم اليهود في فلسطين، ونرى كيف يحاربون كلّ دولة مسلمة تريد أن تخرج من طوقهم.
نحن المسلمين، نتداعى في هذه الأيام، لمقاطعة سلع وبضائع الشركات التي تعين الاحتلال الصهيونيّ في حربه على إخواننا في غزّة، وهذا سعي مشكور وعمل مأجور، لكن كيف نقاطع بضائع الشركات الداعمة للصهاينة، ثمّ نحتفل بأعياد من يسبّون ربّنا جلّ وعلا؟ كيف نحتفل بأعيادهم ونتشبّه بهم في عاداتهم وأخلاقهم ولباسهم، وهم الذين لا يرقبون فينا إلا ولا ذمة، ولا يرفعون رؤوسهم بديننا ولا بأعيادنا؟!
نحن جميعا نقول: لو كان في استطاعتنا أن نذهب إلى فلسطين لنجاهد مع إخوتنا لفعلنا.. ننادي بفتح الحدود، وبيننا من يحتفل بأعياد النصارى! مسلمون يؤمنون بالله واليوم الآخر، ولكنّهم يحتفلون بـ”لابيش”، ويحزمون الحقائب إلى تونس أو فرنسا، في مثل هذه الأيام! ليحيوا الكريسمس ورأس السنة الميلادية! وليشهدوا الزّور، والله يقول في مدح عباده المؤمنين: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾ [الفرقان: 72]. قال المفسّرون: “الزُّور في الآية هي أعياد المشركين”.
إنّها مصيبة عظيمة أن ينفق عبد ينتسب إلى الإسلام ماله في احتفالات قد يحبط بها عمله. والمصيبة الأكبر منها أنّ بعض المنسلخين إذا قيل لهم إنّ الاحتفال بأعياد النصارى محرّم وقد تحبط به الأعمال، أعرض بجانبه وقال بلسانه: “واش فيها؟! ما فيها والو! نورمال! أنا ما نقولش إنّ الله ثالث ثلاثة”!
الله -جلّ وعلا- أنكر على الأوّلين إصرارهم على اتباع الآباء؛ فقال سبحانه: ((وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ)) (المائدة: 104).. هذا فيمن يتّبع الآباء في الباطل، كيف بمن يتّبع الأعداء في احتفالهم بشركهم؟ إنّه الانحدار إلى جحر الضبّ الذي حذّر منه النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حين قال: “لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَن كان قَبْلَكُمْ شِبْرًا بشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بذِرَاعٍ، حتَّى لو سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوه”.
كيف يستهين المسلم بمشاركة النصارى في احتفالهم بعقيدتهم أنّ لله تعالى ولدا، تعالى الله عمّا يقولون علوا كبيرا؟ ((وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا)).. الواحد منّا لا يرضى أن يسبّ أبوه أو تسبّ أمّه، ويعلن الحرب إذا سمع أحدهم يسبّ أباه أو يسبّ أمّه.. لكنّ بيننا من يحتفل بأعياد من يسبّون الله -جلّ في علاه- وينسبون إليه الولد، ويقولون في حقّه قولا إدا! يقول أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه-: “إياكم ورطانة الأعاجم، وأن تدخلوا على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم فإن السخط يتنزل عليهم”.
العبد المؤمن لا يظهر أيّ احترام أو توقير لعادات المشركين، بل يمقتها ويبرأ إلى الله منها، ولو كان هؤلاء المشركون من أقرب النّاس إليه رحما، يقول الله تعالى: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ منه﴾ [المجادلة: 22]، ويقول سبحانه: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾ [الممتحنة: 4].
الأمر خطير جدّ خطير، لأنّه يرتبط بشهادة أن لا إله إلا الله التي لا يجوز التهاون بأمرها.. وتهنئة النصارى بأعيادهم الشركية كالكريسمس ورأس السّنة، حرام؛ كيف بمن يهنّئ بها المسلمين.. يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: “وَأَمَّا التَّهْنِئَةُ بِشَعَائِرِ الْكُفْرِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ، فَحَرَامٌ بِالاتِّفَاقِ؛ مِثْلَ: أَنْ يُهَنِّئَهُمْ بِأَعْيَادِهِمْ وَصَوْمِهِمْ، فَيَقُولَ: عِيدٌ مُبَارَكٌ عَلَيْكَ، أَوْ تَهْنَأُ بِهَذَا الْعِيدِ، وَنَحْوَهُ، فَهَذَا إِنْ سَلِمَ قَائِلُهُ مِنَ الْكُفْرِ فَهُوَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُهَنِّئَهُ بِسُجُودِهِ لِلصَّلِيبِ؛ بَلْ ذَلِكَ أَعْظَمُ إِثْمًا عِنْدَ اللَّهِ، وَأَشَدُّ مَقْتًا مِنَ التَّهْنِئَةِ بِشُرْبِ الْخَمْرِ وَقَتْلِ النَّفْسِ وَارْتِكَابِ الْفَرْجِ الْحَرَامِ وَنَحْوِهِ، وَكَثِيرٌ مِمَّنْ لَا قَدْرَ لِلدِّينِ عِنْدَهُ يَقَعُ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَدْرِي قُبْحَ مَا فَعَلَ، فَمَنْ هَنَّأَ عَبْدًا بِمَعْصِيَةٍ أَوْ بِدْعَةٍ أَوْ كُفْرٍ، فَقَدْ تَعَرَّضَ لِمَقْتِ اللَّهِ وَسَخَطِهِ”؛ [أحكام أهل الذمة: 1 /441].
والعلماء قديما قالوا إنّ الحاكم المسلم يجب عليه أن يمنع النّصارى المقيمين في بلاد المسلمين من إظهار شعائر دينهم الشركية خارج الكنائس، كيف بالمسلمين الذين يظهرون شعائر النصارى في بلاد المسلمين؟
إنّه لمن الهوان أن نرى الأمم الأخرى من حولها تفخر بعاداتها ولو كانت مخالفة للعقول، ونحن نحني رؤوسنا بأعيادنا ونريد أن نحوّلها إلى أيام حزن ويقول من يقول منّا في عيد الفطر وعيد الأضحى: “بأي حال عدت يا عيد”. لكنّ منّا من يظهر الفرح والسّرور عندما تحلّ أعياد النصارى، ويتبادلون التهاني والتبريكات، وينشرون صور الورود والقلوب.
إنّ المسلمين الجدد في بلاد الغرب يجدون حرجا بالغا عندما يرون المسلمين الأصليين في بلاد الإسلام يحتفلون بأعياد النصارى المحرّمة.. هذا -مثلا- رجل أمريكيّ اعتنق الإسلام وبدأ يقاطع احتفالات النصارى بالكريسمس ورأس السّنة، وفي كلّ مرّة يعتذر إلى والديه عن أنّه لا يحضر معهم هذه الاحتفالات ولا يهنئهم بها، لأنّ دينه الإسلام يحرّم عليه ذلك، والمصيبة أنّ أباه يحتجّ عليه بما يفعله بعض المسلمين في الشّرق.. يقول هذا المسلم الجديد، وهو يخاطب المسلمين الذين يحتفلون بأعياد النصارى: “إذا كنت مسلما وتحتفل بالكريسمس. إذا كنت مسلما ولديك تجارة وتضع زينة وكتابة على بضاعتك: “عيد مجيد”. إذا كنت مسلما وتقول: عيدا مجيدا لـ”بيل” في المكتب، ولـ”تيدا” في المدرسة. فتأكّد بأنّك تجعل حياة المسلمين الجدد أصعب.. أنا هنا أحاول الحفاظ على بعض العلاقات والتأكّد من راحة والدي، وأوضح لهما سبب اعتذاري عن عدم حضوري أهم عيد في السّنة، والامتناع عن قول “عيدا مجيدا”، لأنّ ذلك يتعارض مع ديني الإسلام. يقاطعني أبي يقول: لديّ صديق أشتري منه السيارات من فترة لأخرى، هو دائما يتصل بي ويقول: عيدا مجيدا، هو مسلم حقيقي من الشرق الأوسط، وأنت يا ابني لا تستطيع قول ذلك؟!”. يواصل المسلم الأمريكيّ كلامه لإخوانه المسلمين، فيقول: “أنتم ليس لديكم ما تخسرونه، ليست لديكم علاقات على المحكّ. لماذا تفعلون هذا؟ هذا خطأ غير إجباري!”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!