الرأي

نحن ومعادلة أندونيسيا غير الصفرية

محمد سليم قلالة
  • 3284
  • 4

استمرارا لندائي العاجل من أجل الاتفاق على لائحة مبادئ تصبح الإطار الذي يحكم حركتنا السياسية والاجتماعية، سواء في أبعادها المتعلقة بالدولة أو المجتمع، يحضرني مثال أكبر دولة مسلمة من حيث عدد السكان: أندونيسيا (نحو 250 مليون نسمة) التي تمكنت ليس فقط من إرساء نموذج ديمقراطي منذ سنة 1998، إنما من تحقيق معدلات نمو وصلت إلى %6 ، رشحتها للانتقال إلى مجموعة العشرين.

مثال أندونيسيا ينبغي أن يستوقفنا كثيرا، ذلك أن هذه الدولة المسلمة، استطاعت أن تصوغ معادلة غير صفرية بين الإسلام والديمقراطية، تمثلت في إيجاد عقد غير مرئي بين سكانها يحل مسألة وجود غالبية مسلمة 85 % يمكنها أن تفوز في أية انتخابات بمفردها، وأقليات غير مسلمة (بوذية، كنفوشيوسية وغيرها) لا حظ لها ديمقراطيا بالفوز.

هذا العقد غير المرئي الأندونيسي يقول “إنه في الوقت الراهن ورغم وجود أكثر من 11 حزبا إسلاميا، ليس بالضرورة أن يحكم إحداها أو تحكم مجتمعة”. وكانت نتيجة ذلك أن كل هذه الأحزاب لم تتمكن من الفوز بأكثر من 20 % من مقاعد البرلمان.

هل أخطأ الأندونيسيون الحساب؟ وهل عبّروا بهذه النتيجة عن عدم ولائهم للإسلام؟ أم أنهم فكّروا بمنطق المصلحة الوطنية التي لا تتناقض مع بقاء بلدهم أكبر دولة مسلمة من حيث عدد السكان في العالم؟

يبدو أنهم اختارواالبديل الثاني: التفكير بمنطق المصلحة القومية التي تدخل في الاعتبار الأمن القومي للبلد، وليس بمنطق المصلحة الحزبية، وكان من نتاج ذلك أن استمر التوافق على “مبادئ بان سي شيلا” منذ عهد “سوكارنو”، باعتبارها إعلان حقوق يجمع بين كافة الأندونيسيين، لا تُقصي الأقلية وتسمح بتعزيز الانسجام الاجتماعي الذي يعد مضرب الأمثال في هذا البلد، كما يعد الشعب الأندونيسي مضرب الأمثال لدى كافة المسلمين في تقديم أجمل صورة عنهم، إنْ في العبادة أو في المعاملات… ألم يشيد كل من رآهم في مواسم الحج والعمرة بانسجامهم ومعاملاتهم، ألم نلبس ملابسهم ونفترش أثاثهم؟ ألم يضطر العالم إلى الاعتراف بأنهم أصبحوا ينافسون العالم الحر في ديمقراطيتهم؟

 

هل سنستفيد من ذلك؟ أم سنستمر في النزول بمستوى النقاش السياسي، مثلما ينزل بعضنا بمستوى سلوكهم حتى وهم في بيت الله الحرام جنبا إلى جنب مع الأندونسيين؟ 

مقالات ذات صلة