-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

نحو أمن غذائي عربي

نحو أمن غذائي عربي

افترق القادة العرب بعد قمة الجزائر التي حققت نجاحا كبيرا رغم مراهنة الكثير على فشلها، وتمكنت الجزائر من جمع أغلب القادة العرب ومعهم رؤساء المنظمات الدولية والإقليمية، ونجحت في رهان التنظيم المحكم لهذا الحدث الدولي الذي تزامن مع الاحتفالات المخلدة لذكرى اندلاع الثورة التحريرية المجيدة، ما أعطى صورة رائعة أمام ضيوف الجزائر الذين عاشوا جميعا أجواء نوفمبرية.
قد يقال الكثير عن مخرجات القمة ونتائجها على صعيد العمل العربي المشترك، وهو حال كل القمم العربية التي عقدت على مدار العقود الماضية، لكن ما يدفع نحو التفاؤل هو التفكير البراغماتي الذي بدأ يطغى في الاجتماعات العربية، الذي ينطلق من مبدأ عامّ مفاده إذا تعذر توحيد المواقف والقرارات في الميدان السياسي فإن ثمة مجالات أخرى يمكن مد جسور التعاون من خلالها بغضِّ النظر عن التوافق أو عدم التوافق السياسي.
يجب أن نعترف أنّ الهوة أصبحت كبيرة في العلاقات البينية للدول العربية، بعضها سارع إلى توقيع اتفاقيات سلام وتعاون مع الكيان الصهيوني وتنكّر للحقوق الفلسطينية، وبعضها لا زال يقاوم هذا المد التنازلي ويرفض التّفريط في الحق الفلسطيني، أمّا الرّصاصة القاتلة التي تلقاها العمل العربي المشترك فقد كانت ما يسمى الربيع العربي، حين جنّدت دولٌ عربية مقدراتها من السلاح والمال وحتى المقاتلين، ودفعت بهم إلى إحلال “الديمقراطية” في بلدان بعينها وعلى رأسها سوريا التي طُردت من الجامعة العربية رغم أنها كانت من بين خمس دول عربية أسست جامعة الدول العربية.
لذلك كله كان على الجزائر التّفكير بطريقة براغماتية لإعادة بعث جامعة الدول العربية، من خلال الدّفع نحو التعاون في المجالات الاقتصادية والاجتماعية. ومن هذا المنطلق كان الحديث عن الأمن الغذائي العربي لأول مرة في تاريخ جامعة الدول العربية، وهو الملف الذي أعدّته الجزائر بناء على الأوضاع الدولية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، ما تطلب التفكير في بعث تكتل اقتصادي عربي من خلال استحداث صندوق عربي لدعم المؤسسات الناشئة ومرافقة وتمويل حاملي المشاريع والمبتكرين من مختلف الدول العربية، وتشكيل شبكة عربية للحاضنات تهدف إلى تعظيم الاستفادة من الوسائل والإمكانات الموجهة لمرافقة حاملي الأفكار والمبتكرين في العالم العربي، وغيرها من الأفكار الرّامية إلى تجاوز الآثار الناجمة عن الصّراعات والحروب التي أثرت سلبا على الشعوب العربية.
هذا المسعى الاقتصادي يمكُن أن يكون قاطرة بديلة لدفع عجلة العمل العربي المشترك ومن ثمة معالجة الأزمات البينية وإعادة بناء جسم الجامعة من خلال فتح المجال لعودة سوريا باعتبارها من أوائل المؤسسين لهذا الكيان الإقليمي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!