جواهر
بعد أن اكتشفن استحالة الاستمرار

نساء خلعن أزواجهن وعدن إلى الدراسة والتدريس

سمية سعادة
  • 9187
  • 16
أرشيف

حتى تستمر الحياة الزوجية، ينتظر المجتمع من المرأة أن تبتلع الإساءات والإهانات والتجاوزات وتشرب عليها كأس ماء بارد!

ويعوّل عليها المجتمع أن تتحول إلى مصلحة اجتماعية وطبيبة أمراض نفسية وعقلية عندما تكتشف أن زوجها سكيّر منحرف، أو مدمن مخدرات، أو حتى مختل عقليا طالما أنها الطرف الذي يتضرر من الطلاق.

ولكن الكثير من النساء الجزائريات، كسرن هذا القانون الذي سنّه المجتمع، واخترن الخلع على الاستمرار في زواج فاشل، وبدل أن يستسلمن للاكتئاب والإحباط، عدن إلى مزاولة دراستهن والتدريس لمجابهة أعباء الحياة.

السيدة سارة، هي واحدة من هؤلاء النساء، حيث نشرت في مجموعة خاصة على فيسبوك، صورة غرفة الحي الجامعي الذي تقيم فيه لأول مرة بعد أن كسبت قضية الخلع.

حيث وجهت رسالتها إلى “النساء اليائسات”، وسردت تجربتها مع الخلع، قائلة:

كنت قبل زواجي طالبة جامعية في كلية الطب، ولكن شاءت الأقدار أن أترك دراستي من أجل الزواج.

تركت ولايتي وأفكاري وأحلامي، وغيّرت نفسي لأرضي زوجي.

تقبّلت كل شيء، واستطعت التأقلم مع الحياة الجديدة، لكن مع كل سنة تمر، كانت الخلافات بيني وبين زوجي تزداد حدة ولا أجد لها حلا.

كنت دائما أتنازل لتستمر الحياة، أمّا زوجي لم يكن يرغب في أن يفقدني، لذلك كان يلجأ إلى تبرير أخطائه مقدما لي وعودا كاذبة.

ولكن الخلافات بيننا اتسعت دائرتها، وزوجي يسير نحو الأسوأ، فأصبحت مجبرة على قبول كل شيء، والتغاضي عن كل شيء، وتجاهل كل شيء.

مع مرور الوقت، أصبح زوجي هو من يفتش عن المشاكل، ويسعى للضغط عليّ حتى صار إنسانا مختلفا تماما عما عرفته عليه.

ومع إنجابي للأطفال تنازلت أكثر، ولكن بعدما وصلت إلى نقطة الذروة ورفضت أن أستكمل الحياة معه، واتخذت قرارا لا رجعة فيه.

الانفصال هو الحل الذي بدا لي مناسبا لتلك المشاكل، وأيقنت أن الشيء الذي لا يصلح، تركه هو الأصلح، فبعد 12 سنة من الزواج قرّرت ألا أتحمل أكثر ورفعت قضية الخلع.

كافحت للحصول على حريتي، واستعادة نفسي التي ضاعت وسط هذا الصراع من أجل الحفاظ على الحياة الزوجية.

واستطعت تحقيق رغبتي، ومنذ ذلك اليوم وأنا في راحة تامة وليتني فعلت ذلك من قبل.

فمن اللحظة التي فارقت فيها زوجي، قمت بالتسجيل لاجتياز شهادة البكالوريا وتحصلت عليها، وأنا الآن طالبة جامعية وهذه أول ليلة لي في الإقامة الجامعية.

ومن حسن حظي، أن الدراسة هذه السنة عن بعد، كما أن أمي تعينني في الاعتناء بأولادي.

نظرتي نحو الحياة الآن تبدّلت، حيث صرت ألمح النجاح في كل خطوة لي من خطواتي وبتوفيق من الله.

وتأكد لي من خلال هذه التجربة أن المرأة التي تربط سعادتها برجل حقير تخسر نفسها أولا، وحياتها ثانيا.

وحول نفس الموضوع، تقول سيدة أخرى مرّت بتجربة الخلع:

هي عثرة في الحياة، وليست نهايتها ولابد أن نجعل من عثراتنا سلما للنجاح.

مررت بظروف قاسية جدا، ولكني واصلت الطريق ولم أستسلم، وأنهيت تخصص علم النفس، وبدأت تخصصا جديدا وهو الحقوق، حيث أنني في السنة الثانية الآن.

أحيانا أسترجع الذكريات، وكيف مررت بمصاعب شتى ومشاكل كثيرة، ولكنني لم أتوقف لحظة، لأنني عاهدت نفسي أن أكمل إلى آخر نفس إلى أن أحقق حلمي، فالحياة تستمر في كل الأحوال وتحت أي ظروف.

وتقول ريمة: “بعد 14 سنة من الزواج، قررت أن أضع حدا لحياة المشاكل والخلافات”.

مضيفة :”بعد أن كسبت قضية الخلع، بدأت مرحلة جديدة في حياتي، أهمها على الإطلاق الدراسة عن طريق المراسلة، وخضعت لعدة تكوينات من أجل أن أحقق حلمي”.

وفاء أيضا، واحدة من الجزائريات اللواتي اكتشفن سوء اختيارهن لشريك الحياة قبل أن تمضى الشهور الأولى من الزواج.

فتصرفاته المريبة، كما تقول، كانت تشي بأنه يخفي شيئا ما ويحاول أن يلصق التهمة بالمس والجن، ولكنها ذات يوم اكتشفت أنه مدمن على المخدرات قبل أن تنقضي 3 أشهر من حياتها الزوجية، حيث كان يجبرها على ترك البيت والذهاب إلى أهلها في أوقات متقاربة.

في تلك اللحظة، قررت وفاء أن تنهي هذا الزواج، ولم تنتظر كثيرا قبل أن ترفع قضية خلع.

مرّت على وفاء لحظات من الكآبة والإحباط، وألقت باللوم على أهلها الذين ورطوها في زواج فاشل.

ولكنها استرجعت طاقتها وثقتها بنفسها، وترشحت لشهادة الماستر ثم الدكتوراه، والآن هي أستاذة بالجامعة.

لا شك أن الحياة الزوجية تحتاج إلى الكثير من الصبر والتنازل من الطرفين لتستمر، وبعض العيوب والفجوات يمكن التأقلم معها أو تجاهلها، غير أن بعض المشاكل العميقة التي تستحيل معها مواصلة الحياة على نفس المركب، وهو الشيء الذي فعلته هؤلاء النسوة.

مقالات ذات صلة