-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
دار الألفية الجزائر بني مزغنة

نصب بني من بقايا قصور القصبة السفلى

الشروق أونلاين
  • 5582
  • 0
نصب بني من بقايا قصور القصبة السفلى

آه يا زرقة لعيون مزغنة… آه يا مدينة لفنون مزغنة… آه يا لالة لمدون مزغنة… أنا نهواك أنا نهــــــــواك

 عدت بذاكرتي لأجد هذه الأبيات وأنا أقابل تمثال “بولوغين بن زيري بن مناد الصنهاجي” الذي ينتصب قبالة “دار الألفية الجزائر بني مزغنة”، بولوغين بن زيري الذي أعاد تأسيس مدينة الجزائر مزغنة في سنة 950 ميلادي، وسميت كذلك -“جزائر بني مزغنة”- لأن قبيلة “مزغنة” اختارت أن تستقر بها خلال القرن الثامن الميلادي، وهي المتفرعة من قبائل “صنهاجة” التي كانت تحتل المناطق البحرية الممتدة من القبائل الكبرى، إلى مصب نهر الشلف. 

نحن هنا على ارتفاع 128م عن سطح البحر، بالقصبة العليا. فرنسا قامت بتقسيم القصبة إلى عليا وسفلى، وسمت الشوارع التابعة للقصبة العليا بأسماء حيوانات مثل  شارع الجمل، شارع الدب، شارع عقيبة الشيطان، شارع الجمال.. وهذا من نظرتها الدونية للجزائريين الذين استقروا هناك، واستقر الفرنسيون في الشوارع السفلى القريبة من حياة المدينة الجديدة التي بنتها فرنسا.

إخترنا بعد التحية الصباحية لـ”بولوغين بن زيري” أن نبدأ جولتنا مع “الحاج قرشي” عن Fondation Casbah الذي اختار أن يكون مرشدنا بين أزقة القصبة وحواريها، وكانت البداية ذات صباح عاصمي ربيعي مشرق، تعطيك فيه أشعة الشمس المنسدلة بدفء رونقا جميلا ورغبة كبيرة في التجوال. في مدخل القصبة عبر محافظة الشرطة وعلى اليمين نجد بابا صغيرا لفت مرشدنا انتباهنا بقوله “اخفضي رأسك الباب صغير”، الباب لدار “الألفية الجزائر بني مزغنة” التي بناها “ليون كلارو” سنة 1930 وهو أستاذ بمدرسة الفنون الجميلة بالجزائر قسم الهندسة المعمارية احتفالا بالذكرى المئوية للاحتلال الفرنسي للجزائر. البيت يميزه الطابع التركي الإسلامي ويحتوي على طابق أرضي فيه 03 غرف  ونصف طابق فيه غرفتين، وطابق فيه ثلاث غرف  بالإضافة إلى السطح الذي يطل على الواجهة البحرية. ولعل أهم ما يزيد من جمالية المكان وحميميته تلك الفسيفساء التي تجملّه، فلا هذا العمود يشبه ذاك ولا قطع الزليج هذه تتطابق مع تلك وكأني به بيت أعيدت لملمته بطريقة اعتباطية عبثية، لكن هذا التوصيف له ما يثبته تاريخيا، فالبيت مبني من بقايا حطام القصور والمنازل التي قضت عليها فرنسا، خاصة في القصبة السفلى وب،”ساحة الشهداء، ومبنى الصكوك البريدية، وصندوق الضمان الإجتماعي”، كلها بنيات فرنسية لم تكن موجودة من قبل، تحتها كانت هناك حياة قصور وبيوت فخمة محتها فرنسا عن آخرها لتنصب بدلها عمارات شاهقة حجبت بها منظر القصبة البيضاء الذي يبدو للعيان في الأسفل، كما خنقت بها نسمة البحر الجميلة التي تلف المكان وتزيد من سحره، يتوسط البيت فناء هو الآخر يستقبل بزليج وأعمدة خشب ونافورة بالجهة الخلفية كلها جلبت من هنا وهناك. فلقد هدّمت فرنسا مثلا الحي القديم (حي البحرية) بزنقة الحواتين الممتد من الجامع الكبير حتى قصر الرياس. وبنيت قلعة الجزائر على إقامات جزائرية، ولا تزال وثائق المحكمة موجودة إلى اليوم بالأرشيف. كما تواصل الهدم أكثر مع مجيء الفرنسيين، الذين حولوا جزءا من هذه المدينة إلى معالم عمرانية أوروبية ليحيطوا بها القصبة ويخنقوها ويسدوا عنها الواجهة البحرية والبرية. فهدموا زاوية “سيدي بلكحل” ليقيموا عليها فندق السفير، وهدموا زاوية “سيدي عيسى” ليقيموا سينما “دنيا زاد” والفندق المركزي، وحولوا زاوية “سيدي بتقة” إلى “السكوار”. وقد أعيد تسمية دار الألفية بعد أن كانت تحمل اسم “دار المئوية” بقرار من السيد “شريف رحماني” الوزير المحافظ للجزائر الكبرى بعد الشروع في تأهيلها وترميمها ابتداء من يوم 23 فيفري 1988م في إطار مشروع تأهيل وحفظ حي القصبة العتيق والمصنف دوليا.

…يتبع

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!