-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

نكبتُنا في التّعليم

نكبتُنا في التّعليم

بعيدا عن هوشة التّشريعيات وما أفرزته من برلمان لا يختلف كثيرا عن النّسخ السّابقة، فإنّ الأنظار يجب أن تتّجه إلى الواقع المزري الذي تشهده الجزائر في قطاع التّعليم بكلّ مراحله، وهو ما ترجمته التّقارير الدولية التي تضع الجزائر في المرتبة 119 من مجموع 140 دولة في العالم من حيث مؤشر جودة التعليم.

هذا التّصنيف لم يأت من فراغ، فكلنا ندرك حجم المأساة في مدارسنا وجامعاتنا بسبب السّياسات المتعاقبة التي حوّلت المدرسة إلى ميدان تجارب ومضمار صراع إيديولوجي بفرض توجُّهات غريبة على المجتمع الجزائري والقيام بإصلاحات أقلُّ ما يقال عنها أنها كانت كارثة على أبنائنا.

وفي هذا السّياق؛ يجب أن نعترف أن المراحل الأولى للتعليم لا زالت تحافظ على بعض التّقاليد العلمية، وتقاوم حالة الانهيار المبرمج عبر سياسة انضباطية واضحة، ومع ذلك يواجه المؤطرون انفلاتا تربويا وأخلاقيا، كان للأولياء دورٌ كبير فيه بسبب انسحابهم وتخليهم عن واجباتهم في متابعة أبنائهم.

أمّا في المرحلة الجامعية فإنّ الكارثة عظيمة، وقد تؤول الأوضاع إلى الانهيار التّام ما لم تبادر الوصاية إلى اتخاذ إجراءات سريعة تعيد ضبط الأمور في اتّجاه احترام الوظيفة الأساسية للجامعة وإعادة الاعتبار للجوانب التّنظيمية، خاصة ما تعلق بالانضباط، وتكفي جولة في بعض الجامعات للوقوف على ظواهر لم تكن موجودة من قبل، خاصة بالنسبة للطّلبة الذين لم يعُد يهمّهم الـتّحصيل العلمي بقدر ما تهمّهم العلامات التي يحصلون عليها.

لقد أصبحت للمنظمات الطّلابية التي كانت فيما سبق تناضل من أجل توفير الظروف المناسبة للتمدرس، هي الآمر الناهي في الجامعة، وباتت شريكا في التسيير بفرض منطقها على مديري الجامعات، بل امتدَّ نفوذُها إلى صفقات تمويل المطاعم الجامعية، وإذا لم تجد تجاوبا من قبل مسؤولي الجامعات تبادر إلى تنظيم احتجاجات بطريقة لا تمتُّ بصلة إلى أخلاق طلبة العلم كأن تقوم بغلق الكليات والمطاعم الجامعية.

أما ما يتعلق بالتّحصيل العلمي، فإنّ الإجراءات الجديدة التي جاءت مع البروتوكول الصحي للوقاية من فيروس كورونا قضت على آخر ما تبقى من مصداقية الشّهادات التي يحصل عليها الطلبة في نهاية مشوارهم الدّراسي، فقد تم تقليص البرنامج الحضوري بنسبة تصل أحيانا إلى 30 بالمائة، وتم اعتماد التعليم عن بُعد من دون أن يكون الأساتذة والطلبة مؤهلين لذلك، وأصبح الأهمّ في العملية كلها هو انتقال الطلبة إلى المستوى الأعلى حتى وإن لم يدرسوا شيئا.

وبعد كل هذا، لا عجب أن تأتي الجامعة الجزائرية في مؤخرة التصنيفات العالمية، ولولا بعض الجهود الفردية للباحثين الذين غالبا ما ينشرون أعمالهم في مجلات علمية دولية مرموقة، لما أصبح للجامعة الجزائرية ذِكرٌ في الأوساط العلمية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • جزاءري

    ال. المعلق لزهر . المشكلة ليست نقص التكنولوجيا في الجزاءر بل المشكلة أنه في مراكز البريد والبلديات ومراكز الضمان الاجتماعي في هذه المراكز تجد حارسا عند الباب يطلب منك عدم الدخول لان المسؤول اخبره بان يطرد الناس لان الريزو حابس . الريزو حابس . هذه هي الموضة في الخدمات العمومية رغم الرقمنة. .

  • باحث مغترب

    ان التركيز فقط على التكوين مهما كان مستواه دون التحضير مسبقا لاستيعاب الخريجين في سوق العمل، يجعل من المؤسسه التعليميه مجرد مصنع للكافاءات الموجهة للتصدير. وسوق العمل لايعني فقط الوظيفه بل الاهم؛ ولنكن صادقين ؛ الاجور. فان اي دراسه صادقه يقوم بها اي مكتب دراسات موثوق في الجزائر سيجد ان كل الكفاءات العاليه في المجال التكنلوجي قد هاجرة او في طريق الهجره. وصدقوني ،99% من خريجي مدرستي الرياضيات والذكاء الاصطناعي المزمع انشاءهما سيهاجرون،لانهم ببساطه سيقارنون بين الاجور التي سيتقاضونها في الجزائر وتلك في الخارج( الفرق شااااااسع) وبذلك سنبقى فقط في سياسه التسويق لنجاح النظام التعليمي دون العمل على ماهو اهم ، وهو العمل على ابقاء الكفاءات(بالارضاء وليس قسرا) التي صرف عليها ثروات والاستفاده منها في تطوير الاقتصاد الوطني ضمن استراتيجيه واضحه ومحدده الاهداف وليس فقط سياسه شعبويه وفق المثل القائل "احييني اليوم وموتني غدوه"....للاسف...

  • استاذ يتالم في صمت

    السؤال المطروح من يقرر في الجامعة من احدث التنظيمات الطلابية من منحهم كل هذه السلطة من عين في المناصب الادارية الاساتذة عديمي الاخلاق بالرغم من وجود النزهاء لماذا لاتفتح تحقيقات على مسييري الجامعة من مدراء و عمداء و مدراء معاهد لكي يكونو عبرة لمن يلعب بمستقبل ابنائنا و مستقبل الجزائر باخراج اجيال حاملي شهادات جوفاء سيسيرون الجزائر لعقود من الزمن من طبق نظام ل م د الكارثي من منح الماستر للجميع من منح الدكتوراه للجميع من اجل تمييع كل شىء الا يحسب كل من تسبب في الكارثة لكى الله ياجزائر شكرا لكاتب المقال

  • جزاءري

    لا اتفق معك . نكبتنا في ثقافتنا أولا . ثقافة التسيب وعدم الانضباط وعدم المسؤولية والطمع والغيرة والحسد ووضع العصا في العجلة . التعليم كغيره من القطاعات الاخرى ضحية هذه الثقافة الغالبة في مجتمعنا والطاغية فيه .

  • خالد

    نكبتنا في التربية أمر و أخطر.

  • باحث مغترب

    ارجو ان تنشري يا شروق. ان التركيز فقط على التكوين مهما كان مستواه دون التحضير مسبقا لاستيعاب الخريجين في سوق العمل، يجعل من المؤسسه التعليميه مجرد مصنع للكافاءات الموجهة للتصدير. وسوق العمل لايعني فقط الوظيفه بل الاهم؛ ولنكن صادقين ؛ الاجور. فان اي دراسه صادقه يقوم بها اي مكتب دراسات موثوق في الجزائر سيجد ان كل الكفاءات العاليه في المجال التكنلوجي قد هاجرة او في طريق الهجره. ومثلا,صدقوني ،99% من خريجي مدرستي الرياضيات والذكاء الاصطناعي المزمع انشاءهما سيهاجرون،لانهم ببساطه سيقارنون بين الاجور التي سيتقاضونها في الجزائر وتلك في الخارج( الفرق شااااااسع) وبذلك سنبقى فقط في سياسه التسويق لنجاح النظام التعليمي دون العمل على ماهو اهم ، وهو العمل على ابقاء الكفاءات(بالارضاء وليس قسرا) التي صرف عليها ثروات والاستفاده منها في تطوير الاقتصاد الوطني ضمن استراتيجيه واضحه ومحدده الاهداف وليس فقط سياسه شعبويه وفق المثل القائل "احييني اليوم وموتني غدوه"....للاسف...

  • لزهر

    يا عجباً روندا خرجت من حرب أهلية كارثية و أستطاعت تحديث برامج آخر طِراز coder africa لتتماشى منظومتها التربوية مع التكنولوجيات الحديثة من تَمويل أحد البنوك و المصانع المختصة بالألبسة و أصبح يستفيد منها حوالي 60 ألف طفل و هي تعمل على تطويرها و تصديرها لاحقا إلى بعض الدول الأفريقية . أين نحن من هذا التفكير و التنسيق بين المؤسسات. هل سونطراك مثلا لا تسطيع تمويل مثل هذه البرامج أو البنوك و شركات أخرى. إذا أسمرينا على هذا الحال يعني أن روندا ستمولنا بهذه البرامج وهي التي تتحكم في بعض البرامج الخاصة بالحماية البالستية في بعض البقع من سماء الجزائر.